منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

تقرير حول الندوة الدولية: القرآن والمناهج الوضعية… مراجعات في الفكر الاستشراقي”؛ تقديم كتاب للدكتور عبد الرحمن عبيد حسين”

القرآن والمناهج الوضعية... مراجعات في الفكر الاستشراقي"؛ تقديم كتاب للدكتور عبد الرحمن عبيد حسين" / أنيسة بنعيم سحتان وعز الدين حدو

0

القرآن والمناهج الوضعية… مراجعات في الفكر الاستشراقي

” تقديم كتاب للدكتور عبد الرحمن عبيد حسين”

تقرير حول الندوة الدولية

أنيسة بنعيم سحتان وعز الدين حدو

نظم مركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية ندوة دولية في موضوع : ” القرآن والمناهج الوضعية… مراجعات في الفكر الاستشراقي ” تقديم كتاب للدكتور عبد الرحمن عبيد حسين

استهل الدكتور يونس نشاط ميسر الندوة بكلمة ترحيبية تمهيدية لمفهوم الاستشراق، الذي يطلق على كونه البحث في صورة الشرق عامة، أو البحث في صورة الإسلام بشكل خاص. وعادة ما يراد بالاستشراق الدراسات الغربية المتعلقة بالشرق الإسلامي.

وزاد فضيلته تفصيلا حول هذا المفهوم حيث جعله ظاهرة ارتبطت بالعلاقات التاريخية الحضارية بين الشرق والغرب، منذ كان الصدام بينهما إثر الفتوحات الإسلامية، كما عرف الاستشراق تحولات ومنجزات في حقول معرفة عامة، وفي حقول المعارف الإسلامية خاصة، كما أثبتت الظاهرة الاستشراقية فاعليتها وحضوريتها المعرفية  في أكثر البلدان الأوروبية، ليصبح الاستشراق مادة علمية ممثلة بكرسي في كل جامعة .

وأشار الدكتور نشاط إلى أن القرآن الكريم كان محطَّ أنظار المستشرقين، لكونه مصدر القوة في حياة المسلمين، ومنبع الرؤية في حضارة الاسلام، وموجه حركة الحياة عندهم، ولمناحي التفكير لديهم، وهو الأصل الأول لمعرفة حقيقة الإسلام، وهو الذي يحدد علاقة الإسلام بالديانات السابقة .

ثم ختم قائلا: ولمناقشة مواضيع هذه الندوة يشرفنا في مركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، أن نستضيف نخبة من الباحثين والأكاديميين، من ماليزيا، وإيطاليا، وتونس، والمغرب، ونشكرهم على تلبية الدعوة .

المداخلة الأولى: الدكتورة نجاة فرقال

في بداية مداخلتها أكدت الأستاذة نجاة على أهمية طرح منظور الآخر وتصويره لغيره، والتعرف عليه والنظر فيه، وجعلت مداخلتها معنونة ب: تقديم كتاب القرآن والمناهج الوضعية مراجعات في الفكر الاستشراقي ” لعبد الرحمن عبيد حسين، مقدمة إياه عبر ثلاث مسلمات:

  • المسلمة الأولى : في قيمة الكتابة في المسألة المنهجية التي تعد شرطا من شروط قياس الدراسات الأكاديمية . فالنظر في المناهج مهم ومقدم في كل تناول معرفي، لأن المنهج هو الذي يعطي البحث قيمته ويمكن من تلقي المعرفة تلقيّا إيجابيا .
  • المسلمة الثانية : تتمثل في قيمة المراجعة، مراجعة كتب عموما لاسيما الكتب التي تتعلق بالشأن الإسلامي وتطرح قضاياه، ولاسيما إذا كانت تلك الكتابات بأقلام غير عربية أو غربية أو استشراقية، وهناك فرق في التحديدات الثلاث.
  • مسلمة ثالثة: وهي التقديم باعتباره نوعا من التغدية الراجعة، فنحن عندما نقدم لكتاب ليس القصد من ذلك مجرد المدح والثناء، فلا ريب أن الذي قام بهذا العمل قد بذل جهدا، لكن النظر في الكتاب من زاوية أخرى تقيم وتوازن، أرى أنها مهمة وستفيدنا جميعا إن شاء الله .

واعتمدت الأستاذة نجاة في تقديمها لهذا العمل على قسمين:

  • القسم الأول : يتعلق بالدراسة الوصفية للكتاب .
  • القسم الثاني : يتعلق بالدراسة النقدية ونقصد بها الجانب المعرفي الذي يتضمنه الكتاب داخليا .

 – النقطة الأولى في الجانب الوصفي:

أقف قليلا عند حجم الكتاب كونه من الحجم المتوسط، عدد صفحاته ثمانون صفحة، يسمى بكتاب أو دراسة كما هو معلوم، ولا تقاس الكتب بعدد صفحاتها بل بما تتضمن من معارف .

أقف عند الإحالات التوثيقية؛ دار النشر؛ والمكان والزمان: وهي هنا جاءت باللسان الإنجليزي، ولم تكن يعني مدققة حتى يمكن أن يذهب بمظان إلى أن الكتاب مترجم كتب بلسان آخر ثم ترجم ثم نقل إلى اللغة العربية .

صورة الغلاف الأمامية: تحتوي على العنوان في أعلى الصفحة، واسم المؤلف في الأسفل، ولا توجد أي علامة للكتاب تخصصه وتميزه عن غير من الكتب.

الصورة الخلفية: تتضمن نصا يعرف بمحتوى الكتاب بشكل ما، مع رقم دولي مزود بدار النشر وهذه كلها مفيدة، ولكنها لا تمثل كفاية بالنسبة إلى طالب الكتاب.

العناوين الداخلية: نلاحظ أنها قد توزعت على صفحات لا يبدو معناها كافيا، كما قلت صفحتان جزء من العنوان باللسان الإنجليزي .

الصفحة الرابعة يعاد جزء من العنوان مع اسم المؤلف باللسان الإنجليزي .

الصفحة الخامسة نص حقوق المؤلف وما يتبعها من أرقام دولية.

الصفحة السادسة إعادة العنوان واسم المؤلف أسفلها، كلاهما باللسان العربي في أعلى الصفحة، ثم الفهرس و بعده توطئة وثلاث عناوين كبرى تمثل إعلانا عن دخول الكتاب .

هنا إشكال في وضع العناوين، وهذا الجانب الفني له قيمته في تمكين الكتاب من الرواج والتعريف بمحتواه ووصوله إلى أيدي المتلقين، فلابد أن نشتغل على هذا الجانب ونوليه اهتماما آخر .

 -النقطة الثانية في الجانب النقدي

العنوان بينما هو منصوص عليه في صفحة الغلاف، وما تتضمنته الصفحات الداخلية، ففي صفحة الغلاف: ” القرآن والمناهج الوضعية مراجعات في الفكر الاستشراقي “، هنا نتسأل حول التناسب الترجمي الذي هو غير متحقق، ففي العنوان العربي جزاءان مع اعتماد عبارة الفكر، بينما في العنوان العربي الداخل جزئ واحد مع اعتماد عبارة “إشيوز” المقابل بعبارة قضايا أو مسائل أو مواضيع، هناك تغيير في مستوى العنوان ما يجب أن يكون عليه العنوان إذا ترجمناه باللسان الإنجليزي، مع عبارة فكر بعبارة قضايا أو العكس ليحصل انسجام بين العنوان و ترجمته وإكمال العنوان كامل ” القرآن والمناهج الوضعية مراجعات في قضايا الاستشراق ” إذا أراد صاحب الكتاب أن اعتماد فكر يلتزم هذا أيضا في العنوان الانجليزي .

بالنسبة إلى الفهرس الذي تقدم في العمل: نلاحظ أنه لا يتضمن لا مقدمة ولا خاتمة، مع وجود التوطئة التي لا تعوض بحال مقدمة العمل، مع غياب التقسيم إلى أبواب أو فصول أو مباحث، رغم خضوع فصل في المواضيع المخصصة للهوامش، الفصل الأول والفصل الثاني والفصل الثالث .

وصفوة القول أن هذا الكتاب إشكالي، يعني يطرح إشكالات كثيرة، ويحوي رغم الهفوة الفنية واللغوية والمنهجية، مداخل فكرية نظرية وعملية لطرح إشكالية عصية، والمساهمة في تلمس حلول ممكنة لها .

أهم الأفكار المضمنة في الكتاب والتي تعتبر مفاتيح لأبحاث أكاديمية راهنية :

– تحكم السياسة في توجيه المتصور الديني ودراسته.

– موقف فلاسفة أوروبا من الكنيسة لا يجب أن ينسحب على الإسلام.

إن كثير من الباحثين المسلمين لم يسلموا من تأثيرات النظرة المسبقة في عرض الأديان العالمية، وقد شدد مجموعة من المفكرين على ضرورة تبني منهج علمي، وهذا يحتاج إلى بحث أكاديمي مختص .

 المداخلة الثانية: الدكتور رضوان ناصح: أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.

أشار الأستاذ ناصح  إلى أن هذا الكتاب يتطرق لمدارس وضعية، اعتمدت على آليات لدراسات النصوص كيف ما كانت، من خلال التاريخانية، أو السوسيولوجية، أو الأتروبولوجية، أو المادية، وهذه المدارس لا تؤمن البتة بقداسة الدين، أو كونه آت من عند الله، بل تعتبره تراث وثقافات وتقاليد إنسانية. ويقسم الكاتب عبد الرحمن عبيد هذه المدارس الاستشراقية إلى ثلاث اتجاهات :

  • الاتجاه الأول : الاتجاه اللاهوتي
  • الاتجاه الثاني: الاتجاه السياسي النفعي
  • الاتجاه الثالث: الاتجاه الحديث

وبعد التقسيم انطلق الكاتب إلى الحديث عن هوست ميت ومساهمته في التعريف بالإسلام في أمريكا، وأنه كان موضوعيا إلى حد ما في ذلك، ونظرته إلى الأديان نظرة إيجابية، لأنها تتوخى التقريب فيما بينها، وتدوين الخلافات خاصة بين الأديان السماوية .

يضيف المتدخل قائلا: إذا قورن موقف هوست ميت ببرلان ويس المستشرق البريطاني من الإسلام، فإنه حسب الكاتب عبد الرحمن عبيد حسين موقف هوست ميت مشرفا بالمقارنة ب مواقف برلان ويس، لأن سميت هي الأهم بالمقارنة بالمسيحية والإسلام على المستوى السياسي ونظام الدولة، كما أنه يلفت النظر بين الاسلام والمسيحية، وليس بين الاسلام واليهودية، ويشير الأستاذ عبد الرحمن عبيد بأن سميت حرص أن يسلط الضوء على شهادات المسلمين أنفسهم، فالمسلمون يعتبرون على حد قوله أن الوحي جاء على أربع مراحل :

  • المرحلة الأولى : حقيقة التوحيد من خلال سيدنا إبراهيم عليه السلام
  • المرحلة الثانية : التشريع من خلال موسى عليه السلام
  • المرحلة الثالثة : المحبة من خلال سيدنا عيسى عليه السلام
  • المرحلة الرابعة : ثم أن الإسلام جسد كل هذه المشاعر والتعاليم الرائعة للمسيح والقوانين الواضحة  والمحددة.

أما موقف سميت من اليهودية يبقى شيئا ما غامضا، بحيث لم يناقش فيه الجانب المظلم، والذي يرتكز على الخرافات والأساطير والمعتقدات الفاسدة، والتجسيد كما هو حال النصرانية في معتقداتهم.

وإذا تقدمنا في هذا المبحث نجد أن اليهودية تعتمد على الكبالة التي هي مجموعة من المعتقدات الوضعية، حيث أنها لا تختلف عما يعتقد من يؤمن بالميتولوجية والأساطير التي تتحدث عن الآلهة وكأنها تعيش بين الناس ولا تختلف عنهم .

ويشيد الكاتب أيضا بموقف سميت تجاه قصص القرآن وتكراره، وهذا يعارض ما جاء به المستشرقون بقولهم أن التكرار يشوش على القارئ وينزع من نصوص القرآن وحدة الموضوع، ليس هذا فقط بل أظهر شجاعة عندما ناقش مسائل حساسة من قبيل التناحر والتباين بين الفرقة المسيحية ومشكل الطلاق عند المسيحية، وعصمة البابوية في الكنيسة الكاتوليكية الرومانية .

ثم انتقل الكاتب بعد ذلك إلى برلين ويس الذي أبدى اهتماما كبيرا بالجانب السياسي في الإسلام، ولا سيما الإسلام المعاصر، ويؤكد لويس على أن السلطة الدينية والدنيوية متلازمتان في الإسلام، بخلاف الأديان السماوية  الأخرى.

ثم يأتي الكاتب على التعريف بالفيلسوف وعالم الأديان أبو الحسن العامري من خلال كتابه “الإعلام بمناقب الإسلام”، الذي وضع أسسا منهجية وجب احترامها من أجل الخوض في حوار الأديان، ويبرز نقطة مهمة قبل إجراء أي مقارنة بين الأديان وهي: مدى صلاحية الدين بأن يكون نظاما شاملا للحياة، ومدى تمسك أتباعه بتشريعاته، مؤكدا على العلاقة الوطيدة بين العلم والعمل، ويرى أن هناك أربعة أركان للدين أي كان هذا الدين:

  • الركن الأول: الأركان الاعتقادية
  • الركن الثاني: الأركان العبادية
  • الركن الثالث: والاركان المعاملاتية
  • الركن الرابع: الأركان الزجرية

أما المدارس التي اعتمدت على آليات السوسيولجية في دراستها للدين فقد خلصت إلى أن المؤسسة الدينية لها ثلاث أبعاد :

  • البعد الأول : البعد النظري الذي تمثله الاعتقادات
  • البعد الثاني: البعد العملي الذي تشكله الأخلاق
  • البعد الثالث: البعد التنظيمي المتمثل في دور العباد

ولكن آخرين أوجزوا هذه الأبعاد في ثلاث نقط محورية :

  • المحور الأول : وجهة نظر تتعلق بالله والإنسان والكون وهي ليطوس.
  • المحور الثاني : ومنهج يحتوي الحياة بشكل كامل وكلي وهي ليتيك.
  • المحور الثالث: ومعالم الهوية الثقافية الاجتماعية لجامعة المتدينة وهي ليتنوس.

المداخلة الثالثة: للاستاذ عبد الله مشنون: أستاذ محاضر بعدد من المنتديات الدولية حول التعايش وحوار الثقافات، وهو عضو سابق بالمجلس الوطني لإيطاليا للديانة الإسلامية، ومدير سابق للمركز الثقافي الإسلامي.

انطلق الأستاذ مشنون في مداخلته حول كتاب الندوة من الآية الكريمة التي يقول فيها الله عز وجل ” ﴿ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ اَ۬لْكِتَٰبَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاٗ لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ اَ۬لْكِتَٰبِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اَ۬للَّهُ وَلَا تَتَّبِعَ اَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ اَ۬لْحَقِّۖ لِكُلّٖ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةٗ وَمِنْهَاجاٗۖ وَلَوْ شَآءَ اَ۬للَّهُ لَجَعَلَكُمُۥٓ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِے مَآ ءَات۪يٰكُمْۖ فَاسْتَبِقُواْ اُ۬لْخَيْرَٰتِۖ إِلَي اَ۬للَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاٗ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَۖ ﴾ [سورة المائدة آية 50] قائلا: هذه الشرعة والمنهاج هي السنة المطهرة، والطريق المستقيم والسبيل المستقيم السهل.

ثم أردف قائلا: قراءتي أيها السادة الأفاضل كعاشق لكتاب الله عز وجل، ومتدبر في آياته من خلال البحث العلمي في القرآن الكريم، هي أنني جدت هذا الكتاب يهمني ويتقاطع مع ما أحمله من أفكار، وقد ألهمتني قائمة المراجع في الكتاب، فهي غنية بالمراجع القيمة كقيمة مضافة للبحث في المجال. أما على المستوى الشكل فالكتاب من الحجم الصغير حوالي ثمانون صفحة تتخلله عدة فصول ومباحث، أما على مستوى المضمون ونظرا لهشاشة الإيمان وضعف المناعة لدى الناس، فقد أصبح البحث في مجال العلوم القرآنية نادر جدا و من يغوص فيه يستحق فيه شد الأيادي .

كما أن الجهاز المعرفي والمفاهيم السليمة يؤديان إلى الفكر الجيد، والجهاز المعرفي والمفاهيم العوجاء يقودان لا محالة إلى الفكر الرديء بل أحيانا إلى التناقض الفكري في تناول المواضيع، وإلى أنماط التفكير والتوقية الذي يدعي أصحابها الاستفراد بالطبعة الأصلية للحقيقة. فاحتكار الرأي والصواب ليس من شيم العلماء، ولا الأدباء، ولا أهل الحكمة، كما نعرف جميعا .

فالإمام الشافعي رحمه الله قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، هذا وقد اتخذ الفقهاء من هذا القول قاعة أصولية يطبقونها على فقه الظنيات، والتي يبقى باب البحث والاجتهاد فيها مفتوحا.

ثم أضاف الأستاذ عبد الله مؤكدا أن: التفكير المنهجي هو طريقة تحليل وتقييم لجميع الأجزاء المترابطة في إطار نظام معين، فالمنهاج هو عبارة عن أدوات في التحليل، وقد أنكر الفكر الإسلامي على الفرق الكلامية طريقة شرعة ومنهاجا في تدبر القرآن الكريم.

ومنذ حجة الوداع انطلق نهر الدين من المنبع ماء عذب فرات سائغ شرابه، فأصبح عند المصب ملح أجاج غير قابل للشرب بسبب ما علق به عبر مسلسل ومسارات وصيرورة التدين، فتعددت المناهج والقراءات، واحتدم الصراع بين العرب العدنانيين القيسية، والعرب القحطانيين اليمانية، والموالين من غير العرب والعبيد، مما نتج عنه ظهور الشعوبية التي تدعو إلى الانتقاص من العرب والحط من قيمتهم، كرد فعل على استعلائهم واستقوائهم البشري في الأرض .

هنا نفهم كيف ظهرت المذاهب الأربعة من علماء الدين الذين يجمع على إمامتهم الأربعة كل المسلمين، من أهل السنة بكافة توجهاتهم، هنا نفهم كذلك نفهم كيف بحث هؤلاء عن وجود مذهب لا البحث على إقرار منهج واحد .

المداخلة الرابعة للدكتور فطمير شيخو: الأستاذ بكلية الدراسات القرآن والسنة بجامعة العلوم الإسلامية بماليزيا .

جاءت مداخلة الأستاذ شيخو مركزة كالتالي: أود أن أشكر أستاذنا وشيخنا عبد الرحمن عبيد الذي كتب هذا الكتاب القيم، وانطلاقا منه أود أن أقدم لكم عن فكر أو موقف المستشرقة المعاصرة “موستاش هيكا”، التي كتبت كتبا عديدا عن الإسلام، وهي تقارن بين الإسلام والديانات السماوية الثلاثة:

  • اليهودية
  • والنصرانية
  • الإسلام

والأسباب التي دفعتها إلى كتابة هذه الكتب عن الإسلام هو ما رأته من الهجوم الغربي على الإسلام والمسلمين، وخاصة في اتجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانت تقول لماذا هؤلاء الغربيون يكرهون النبي صلى الله عليه وسلم ويكرهون الإسلام والمسلمين، ثم أجاب عن سؤالها في سببين:

  • السبب الأول : الجهل
  • السبب الثاني : الخوف

أما من حيث الجهل فهي بحثت في تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه تعاملا عقليا حكيما، فهي لا تريد أن تقول أن الاسلام أفضل الديانات السماوية، ولكن هي تريد أن تأكد على أن يكون المستشرقونوغيرهم عادلين عندما يتعاملون مع شخصية محمد صلى الله عليه وسلم.

المداخلة الخامسة: البشير لسيود أستاذ المعهد العالي لأصول الدين بجامعة الزيتونة

بعد إشادة فضيلته بمجهود الدكتور عبد الرحمن عبيد حسين، طرح مجموعة من الملاحظات حول الكتاب من باب أن تفتح آفاقا واسعة للكتاب في تجويد وتطوير موضوع كتابه:

  • الملاحظة الأولى: انطلق فيها الأستاذ البشير من عنوان الكتاب ” القرآن والمناهج الوضعية، مراجعات في الفكر الاستشراقي” متسائلا: هل يمكن الجمع بين الكتاب القرآني المنزل المقدس ومناهج وضعية؟ حيث اقترح استبداله بعنوان: حضور القرآن في المناهج الوضعية. أو قراءة المناهج الوضعية للقرآن. والسؤال الثاني حول مصطلحات العنوان (المناهج الوضعية، مراجعات، الفكر الاستشراقي): هل يمكن أن نختزل كل هذه المصطلحات في سبعين صفحة؟
  • الملاحظة الثانية: وجه المتدخل أنظار الحضور إلى توطئة الكتاب بحث أشار إلى أن الكاتب صرح بتناوله لمجموعة من قضايا الفكر الاستشراقي، وهي المسألة التي لا تستقيم مع حجم الكتاب وعنوانه. وفي نفس الفقرة استغرب الأستاذ البشير استعمال الكاتب ضمير الغالب في قوله (ويوجه الكاتب عنايته).
  • الملاحظة الثالثة: أشار فيها المتدخل إلى خطورة ما ورق في الصفحة 46 من الكتاب، فقد أكد أنه لا بد للكاتب أن يعرف بالأسماء الموجودة في هامش الكتاب، وذكر آرائهم والرد عليها، كما أن نعتهم بالمتحررين فهي صفحة إيجابية وليست سلبية، لذلك وجب التمييز بين الحرية كقيمة إيجابية والتحرر المقصود به هنا التخلص والانفساخ، وأخيرا فكل واحد من هذه الأسماء مساره فلماذا نجمعهم في مسار واحد؟
  • الملاحظة الرابعة: وجود عداء كبير كبير من الكاتب للعلمانية في حين أن العلمانية –حسب رأي المتدخل- ليست كلها شر، لأن ما وصل إلى العالم الإسلامي ليس سوى قشور العلمانية من تفسخ أخلاقي واستيلاب حضاري. في حين إذا كانت العلمانية تضمن حرية التعبير والتفكير فمرحبا بها، وإذا كانت تخلصنا من الفهم الآحادي للدين فمرحبا بها، لذلك أكد الأستاذ أنه ينبغي أن نميز بين العلمانية كمكسب عقلاني، وبين العلمانية كمصطلح أصبح متداولا بين المثقفين العرب لا يعرفون عمقه المعرفي الحقيقي.
  • ملاحظة خامسة: وهي ملاحظة شكلية، حيث غابت عن الكتاب مقدمته وخاتمته
  • ملاحظة إجمالية: طموحات الكاتب وآماله سيطرت على العمل، فهو لا يكتب بطريقة أكاديمية علمية بل يكتب بطريقة إديولوجية وعاطفية، فالطريق ابتلعت الغاية.

المداخلة السادسة: الدكتور عبد الرحمن عبيد حسين، صاحب كتاب: القرآن والمناهج الوضعية… مراجعات في الفكر الاستشراقي.

بعد شكره للمركز المنظم للندوة وللمتدخلين حول كتابه، استهل كلمته بتساؤل يرى أنه يمكن أن يكون جوابا لبعض التساؤلات التي طرح المتدخلون وهو: ما هو هدفي من هذا الكتاب؟

يجيب قائلا: بعد تدريسي للاستشراق باللغة العربية والانجليزية وقع ذهني على مجموعة من الملاحظات، والتي آثرت أن أجعلها بعد جمعها في كتاب يتختصر ويقدم للباحثين هذه الرؤى المختزلة خلال أعوام، فلم يكن الكتاب بمثابة دراسة شاملة وموسوعية حول الاستشراق، وليس أيضا دفاعا عن الأمة الإسلامية وبحثا عن أسباب انحطاطها وسبل القيام بها. فالكتاب حسب قول صاحبه هو مراجعات لمناهج المستشرقين.

ثم ناقش الكاتب مجموعة من الأفكار وتحدث عن مجموعة مناهج المسترشقين كما وردت في مؤلفه، ثم ختم بفقرة من كتاب: العدل؛ الإسلاميون والحكم، للأستاذ عبد السلام ياسين حيث يقول فيها: يتعلم المطحون المسحوق من المدارس الاستشراقية، ويتبنى الآراء، ويردد صَدَى الأساتذة، ويعلق على مقولاتهم، ويشتد عودُه فيعلق الحـواشي على متونهم. أو تَنْبُتُ له أجنحة فيتجاسر على نقدهم. ينتقدهم التقدمي على أرضية مسلمات منها التسليم المطلق بأن الدين نصوص أرضية لا غير. ثم يحاول ببراعة الدياليكتيكي الـمُدَرَّب أن يبرهن كيف ساهم المستشرق ببحوثه الاجتماعية في تمهيد الطريق للحاكم الاستعماري. لا ينتقد البارع أساتذته من جانب كيف طحنوه هو ومن على شاكلته وطمسوا فيهم إسلاميتهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.