على شريطِ دَمي أمشي على مَهلِ
أعَلِّمُ الحزنَ من بَعدي ومن قَبلي
لا شيءَ أصعبُ من عيشٍ بلا وطنٍ
أو يأسِ مغتربٍ من لَمَّةَ الأهلِ
ما زلتُ يا وطني أبدو كمرتقبٍ
عذوبةَ الماءِ في المستنقعِ الضحلِ
وكلما تصهلُ الأشواقُ ألجُمُها
كمن يُعَبِّدُ وَعرَ الأرضِ بالدحلِ
وَكنتُ أحسبُ أنّي لن أذوبَ أسىً
وأن لَيَّ ذِراعي ليسَ بالسهلِ
ما عادَ للصبرِ صبرٌ هل ستُقنعُني
أن الذي قلبهُ في النارِ لا يَغلي؟
هل ظلَّ بعد دمي شيءٌ أُقَدِّمُه
فضلاً تقرُّ بهِ يا ناكرَ الفضلِ
فحينَ لحتَ سِراجاً واصطفيتَ دمي
للحرقِ أدركتُ ما تعنيهِ من فَتلي
أعد دموعي لعيني كم بكيتُ سدى
أستغفرُ الله من حُمقي ومن جَهلي
لَو لم أكن هَشّةً ما كانَ يعبثُ بي
تَوقِي كما تعبثُ الأمواجُ بالرملِ
الذنبُ ذنبي فمن ذا يفتدي حجراً
لا حسَّ فيه ولا يدري الهوى مثلي
إن كان شوقي إلى لقياكَ يَقتلُني
فليس أحرصَ من يأسي على قتلي
يا صاحبَ السجن لولا عادَ بي زمني
وكنت في الجب ما أمسكتُ بالحبلِ
سأكتفي بالهوى إما يُحَرِّقُنِي
أو أن أفرَّ فرارَ الدمعِ بالكُحلِ