حتى لا ننسى
حتى لا ننسى/ البروفيسور الدكتور عبد الفتاح العويسي
حتى لا ننسى
بقلم: البروفيسور الدكتور عبد الفتاح العويسي
ثلاثة عقود (30 سنة) من العيش بعيدا عن المسجد الأقصى المبارك “مركز البركة”
هذه الصورة التاريخية – المعبرة والناطقة – عمرها 30 سنة بالكمال والتمام، إلتقطها مصور وكالة AP في الصباح الباكر لأول أيام الإبعاد (يوم الجمعة: 18/12/1992) في المكان الذي توقفنا عنده في جنوب لبنان، وعرف بعد ذلك بمخيم المبعدين الفلسطينيين (كان عددنا 415)، بين معبر زمريا وقرية مرج الزهور، والتقطت قبل تناولنا أول إفطار (خبز)، بعد حوالي 60 ساعة في الباصات معصوبي الأعين ومقيدي الأقدام والأرجل، وبدون طعام أو شراب، وقبل نصب الخيام التي أحضرها الصليب الأحمر الدولي في مساء ذلك اليوم.
كما أن هذه الصورة، تؤرخ لبداية نقلة نوعية في حياتي وحياة أسرتي الكبيرة والصغيرة في المنفى. فلقد أردها العدو الصهيوني أن تكون لنا “محنة”، فأضحت بفضل الله ومنته وتوفيقه “منحة”، وإنقلب السحر على الساحر. فكان هذا الإبعاد بداية الإنتشار العالمي لخدمة قضية الأرض المقدسة المباركة (بيت المقدس) ومسجدها الأقصى المبارك، والحمد لله رب العالمين.
وبعد مرور ثلاثة عقود (1992 – 2022) من العيش في المنفى (في 6 بلدان: لبنان، وبريطانيا، واليمن، وسورية، وماليزيا، وتركيا)، منذ ذلك الإبعاد خارج الأرض المقدسة المباركة (بيت المقدس) من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني في 17-18 كانون الأول (ديسمبر) 1992، لازلت على العهد، بل أكثر إصراراً على مواصلة العمل الجاد والممنهج والمتواصل للمساهمة في التحرير القادم للمسجد الأقصى المبارك. وسأبقى – كما كنت – ليس خادماً للمسجد الأقصى فقط، بل خادماً لكل من يخدم الأقصى المبارك، وأتشرف أن أغسل قدميه، وأقبل يديه ورأسه. فخدمة المسجد الأقصى نعمة عظيمة بل بركة نامية مضاعفة، لا يعرف – على سبيل المثال – قيمة الصلاة أو الرباط فيه إلا من ذاق حلاوتها، أو أدرك حقيقة ما حدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قيمة الصلاة أو الرباط فيه. كما أن الرباط المستمر والدائم على ثغره المعرفي لعدة عقود شرف كبير جداً، وسعادة ولذة بل بركة فريدة مستمدة من بركة المسجد الأقصى، ينبوع البركة بل “مركز مركز البركة”، لا يعرف قيمتها المعنوية والحسية إلا من ذاق حلاوتها، أو أدرك حقيقة ما ورد عنها في القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه البركة رأيتها/ولازلت بأم عيني في جميع مراحل حياتي.
وموعدنا في صلاة الفتح/التحرير بالمسجد الأقصى المبارك إن شاء الله تعالى.
نعم… المعرفة تقود التغيير والتحرير والعمران