منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

نَصَرْتَ فلسطين ولَم تَنْصُر الله 

ذ: عثمان أولاد موح الصديق

4

فلسطين أم القضايا الإسلامية، في الوقت الراهن، والذود عن مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم والقدس عقيدة راسخة في قلوب المسلمين. إنه صراع بين الحق والباطل يتجدد عبر الأجيال في أشكال مختلفة ومتنوعة. وبهذا تكون قضايانا المصيرية متجذرة في وجداننا وذاكرتنا وثقافتنا. ولا تكون مجرد عادة تكرر، بل عبادة نتعبد الله بها. وهنا ينادي نداء الفطرة: الإنسان في إنسانيته، والمومن في إيمانه والمحسن في يقينه؛

متى أنصر الله؟ وكيف أنصر الله؟ كيف أجمع بين نصر فلسطين ونصر الله؟

متى تنصر الله؟

تنصر الله حينما تلبي نداء ربنا عز وجل وهو يناديك

بقول الله عز وجل في سورة محمد ” یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ یَنصُرۡكُمۡ وَیُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ[1]، و قوله تعالىوَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ [2]، وجاء في التفسير الميسر : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن تنصروا دين الله بالجهاد في سبيله، والحكم بكتابه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ينصركم الله على أعدائكم، ويثبت أقدامكم عند القتال. [3]

لن تنصر الله وأنت غافل عن الله بعيد كل البعد عن امتثال ما أمر الله و اجتناب ما حرم الله ونهى عنه، ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة: “إنَّ اللهَ تعالى قال: من عادى لي وليًّا ، فقدْ آذنتُه بالحربِ ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه ، وما يزالُ عبدي يتقربُ إليَّ بالنوافلِ حتى أُحبُّه ، فإذا أحببتُه كنتُ سمْعَه الذي يسمعُ به ، وبصرَه الذي يُبصرُ به ، ويدَه التي يبطشُ بها ورجلَه التي يمشي بها ، وإن سألني لأُعطينَّه ، وإن استعاذَني لأعيذنَّه ، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه تردُّدي عن قبضِ نفس المؤمن ، يكره الموتَ وأنا أكْرهُ مساءتَه. [4]

  • تنصر الله حينما :

– يجدك الله حيث أمرك أن تكون

– تلبي نداء الله عز وجل عندما ينادي المنادي للصلاة تؤديها في وقتها بحضور وخشوع وطمأنينة ووقار

– تجبر الفريضة بالنوافل والرواتب لتنال حب الله عز وجل  .

– تكون من الأوابين بصلاتك الضحى .

– تغرس الجنة التي هي قيعان بنخيل التسبيح وتحميد الله وتكبير الله.

– تكون من أهل الله وخاصته بأن يكون لك حظ من كتاب الله عز وجل تلاوة وحفظا وتحفيظا مدرسة متنقلة بين الأجيال تعلم الناس كتاب الله.

– تقف بين يدي الله في الثلث الأخير من الليل سائلا الله عز وجل القرب منه ونصرة أم القضايا الإسلامية إنها قضية فلسطين خاشعا متذللا فالله عز وجل مع المنكسرة قلوبهم .

ورد في الحديث الصحيح ( ينزل ربُّنا جل وعلا كل ليلةٍ إلى سماء الدنيا إذا ذهب شطرُ الليلِ فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأعطيَه، من يستغفرني فأغفرَ له. حتى إذا ذهب ثلثُ الليلِ فهو أيضًا وقتٌ للقيامِ لقوله: إذا بقي ثلثُ الليلِ ينزل ربنا إلى سماء الدنيا) [5]

هل ستكون حاضرا والكاتب معك بين يدي الله في ذلك الوقت أم تكون ممن شغلتهم الدنيا حتى ناموا متأخرين فيحرموا بركة وفضل تلك الليلة .

– تكون لسان الـمقاومة الفلسطينية في كل المنتديات فاضحا كيد الصهاينة والـمتصهينين والـمطبعين وقلبهم للحقائق.

– تكون التاريخ الذي يكتب بـمداد من الصدق والإخلاص .

– تنسج بشعرك قصائد تذكر مناقب أبطال المقاومة قسام وياسين وهنية ويحي وأشعلها بـمشعل خالد فذاك الرهان .

– تسجل حضورك الدائم خدمة لدعوة الله نشرا وتبليغا وحيث يغيض الكفار

– يكون لك اليقين التام أن نصر الأمة الإسلامية بنصر فلسطين وأن هزيـمة الأمة الإسلامية بهزيـمة فلسطين .

  •  متى يكون نصر فلسطين دون نصر الله؟

تكون ناصراً لفلسطين والـمسلمين دون نصر الله حينما تنسي مصيرك الأخروي أثناء الاشتغال بـمصير الـمسلمين وقضيتهم الأولى فلسطين، إنـما الأعمال بالنيات، وإنـما لكل امرئ ما نوى. فهل كانت هجرتك إلى الله ورسوله حقا أم كانت هجرتك إلى دنيا عاجلة وقفت في مـحطة ما من مـحطاتها وبذلت من وقتك ومالك؟ فهل أخلصت النية لذلك؟ وحتى دولة الإسلام إن نصرتها في غفلة عن الله دنيا في حقك، نصرت الـمسلمين لم تنصر الله. وإن الله ليؤيد هذا الدّين بالرجل الفاجر، كما روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا “اللهم استخلصنا لنفسك”،  فاتك تصحيح النية والصدق في الطلب والصواب في التوجه. وتلك هي المنزلة العظمى.[6]“.

  •  فكيف تجمع بين نصر فلسطين ونصر الله؟

تكون ناصرا لله والقضية حينما تكون حيث يـحب الله أن تكون ولا تكون حيث تغضب ربنا عز وجل، تكون راهبا متبتلا ناسكا في الليل مقداما فارسا بالنهار تدود عن حـمى الله والأقصى وكل قضايا الأمة بصدق العزيـمة لا تلين لا صلبا فتكسر ولا رطبا فتعصر كن بين ذاك شامة حزين القلب مبتسما الوجه بشوشا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحيي في الأمة الإسلامية أمل النصر والشهادة.

“العبودية معنى قلبي روحاني والبأس الشديد له وسائل اتخاذه الأسباب الأرضية الكونية. ثم إن الله تعالى لا يريد منا إن استخلفنا في الأرض أن يـمتعنا بزهرة الدنيا للدنيا، لكنه يريد أن يصطنعنا لنمكن لدينه. يريد أن نتمكن في الأرض لنعمل للآخرة في حق أنفسنا فرادى وفي حق كل جن وإنسان نُبلغه رسالة الله ليعبد الله ويعرف الله. [7]

خاتمة

حتمية مواجهة الحق ضد الباطل، هي النصر والتمكين للمسلمين. ولقضية الأمة فلسطين مع اليقين من وعد الله، وبشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة الله التي لا تبديل لها، بأن الله ينصر الـمؤمنين ما آمنوا وأخذوا بالأسباب.ولكن أن ينتصر الـمسلمون ولم تفز بالله فلا نهاية لحسرتك، يقول الأستاذ عبد السلام ياسين: “فقد استوفيت حقك، ونلت ما كتب لك، وأُعْطيتَ سُؤْلك، لم تطلب الله يوما. ومن فاته الله فاته كل شيء. ويحك! طلبت منه النصر والجنة، ما طلبت قربه والنظر إلى وجهه! وما طلبت مقعد الصدق عنده مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ضاع عمرك! [8]


[1]  سورة محمد الآية 7

2 سورة الحج: الآية 40

3 تفسير الميسر لنخبة من العلماء ص 504

4 الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح الجامع ١٧٨٢  •  صحيح

5 الألباني (1420 هـ)، صحيح أبي داود 1319• حسن

6 كتاب الإحسان بتصرف  (ت 2019)، الجزء 1 ص 294

7  سنة الله، ص: 174-175

8 كتاب الإحسان -1- ص.347).

4 تعليقات
  1. هداية يقول

    موضوع جميل ومفيد جدا للعديد من الأشخاص الذين يجهلون عنه

  2. محسن أكدي يقول

    موضوع قيم بما تحمله الكلمة من معنى ، فهم لكيفية التعامل مع قضايا الأمة وعلى رأسها فلسطين وربطها بقضيتي الوجودية قضيتي العظمى وهي علاقتي بالمولى عز وجل وحضور هذه القضية في كل محطات الحياة و جعلها الغاية في كل الحركات والسكنات، حفظكم المولى الكريم سيدي عثمان وبارك لك في علمك ،

  3. د. أحمد الغرناطي يقول

    دمت متألقا مبدعا ذ. عثمان. موضوع الساعة ويحيل على المرجعية التي يجب ان يستند اليها المسلم المعاصر في مختلف قضاياه الراهنة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

  4. د. أحمد الغرناطي يقول

    دمت مبدعا متألقا ذ. عثمان … موضوع مهم يحيل على أمر جوهري في الفكر الاسلامي الراشد والمتنور الا وهو المرجعية التي يجب ان يستند اليها المسلم المعاصر في تعامله ونصرته ودفاعه عن مختلف القضايا الراهنة وعلى رأسها القضية الفلسطينية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.