الزلازل والكوارث الطبيعية: دروس وعبر
بقلم: أحمد المتوكل – تاونات المغرب
عايشنا هذه الأيام بقلوب حزينة مكلومة، وأفئدة مُشفقة مهمومة، وأعين دامعة، الزلزال الرهيب الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا و إندونيسيا، وتسبب في مقَتل عدد من المواطنين هناك، وخلف دمارا وجرحى و..
لا نملك أمام هذه الفاجعة الأليمة إلا أن نُسلِّم بقدر الله ونرضى به ونقول: قَدَّر الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اجر المسلمين في مصيبتهم واخلف لهم خيرا منها، وارحم الموتى، واشف المرضى.
نسأل الله عز وجل أن يقبل موتى هذه الفاجعة من المسلمين شهداء، وأن يعجِّل بشفاء الجرحى ويجمع شمل الأسر التي شُرِّدت، ويُخلِف لهم ما ضاع، ويرزُق من فَقدوا أهلَهم الصبر والاحتساب، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ((الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغَرِقُ، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله))1، فمن مات بداء الطاعون أو الإسهال أو الغرق، أو تهَدَّم عليه منزله بسبب من الأسباب – ومنها الزلازل- أو مجاهدا في سبيل الله، فهو من الشهداء عند الله تعالى، وقال عليه الصلاة والسلام: ((المغموم شهادة)) أي من غُم بالهدم، رواه الترمذي في كتاب الجهاد، وقال المعصوم صلى الله عليه وسلم: (( أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل)) رواه أبو داود في كتاب الفتن والملاحم .
ففضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، فهنيئا لمن مات في هذا الزلزال وفاز بالشهادة ، فالله عز وجل يتخذ من هذه الأمة شهداء حتى وإن لم يسقطوا في ساحات الجهاد.
الموت واحد، والسعيد من رزقه الله على حالة يرضاها سبحانه، ترفع درجته عنده ، وينال بها القرب منه سبحانه، ويدخل بها في زمرة من أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقا.
بعدما وقع هذا الحدث الأليم الذي زلزل الأرض والعمران، وخرَّب الدور والبنيان، وهزَّ قلوب أهل الإيمان، وأيقظ المشاعر والأحاسيس، وحرَّك الأيدي لتجود بالخير، صارت للناس عنه مواقف مختلفة، فقال الماديون الجاحدون: هذه كوارث طبيعية، تَحدُث بسبب غضب الطبيعة، وتقع في كل بقاع الدنيا، تنزل بالمؤمنين والكفار، والمتقين والفجار، ولا علاقة لها بطاعة الناس ولا بمعاصيهم، ونقول لهؤلاء: بل هذا أمر يُحدثه رب الطبيعة، وخالق الخليقة، والطبيعة ليس لها عقل حتى تغضَبَ أو ترضى، أو تُدَبِّر أو تُقدِّر، وليس لها قدرة حتى تُدمِّر أو تُعمِّر، وإنما يأمر الله الآمر، ويقدّر القوي المقتدر القادر، فيقع فعل الفاعل، وتنفذ اوامر الآمر.
وهذه الأحداث الكونية رسائل إلهية إلى أمم غافلة لاهية، غفلت عن إدراك حقائق هذا الكون، وصمَّت آذانها عن سماع صوت الحق، وأغمضت أعينها عن قراءة كتاب الله المنظور والمسطور، ولم تأخذ العِبَرَ مما وقع عبر العصور، للأمم التي اشتهرت بالطغيان والفجور.
أما المؤمنون الرَّبانيون فيُرْجعون كل أمر يَحدُث في هذا الكون من فيضانات غامرة، وأعاصير مدمرة، وزلازل مخربة، وصواعق مهلكة، وبراكين للحُمم 2 قاذفة، وأمراض فتاكة قاتلة وغيرها، إلى مشيئة الله وقَدَرِه وقُدرته، وفِعْلِ الفعَّال لما يريد، الذي قال: {إنا كل شيء خلقناه بقَدر، وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر}3، والذي قال:{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكمُ أو من تحت أرجلكمُ، أو يَلبِسَكم شِيَعا ويُذيقَ بعضكم بأس بعض، انظر كيف نُصرِّف الآيات لعلهم يفقهون}4، ويعُودون باللائمة على أنفسهم الآثمة، لأن المصائب تنزل بسبب انتشار المعاصي وفُشُوها بشكل مُعلن، قال الله عز وجل: { وما أصاب من مصيبة بما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير}5.
والمؤمنون الصادقون أمام مثل هذه الأحداث يقفون وقفة تأمل وتدبر وعظة واعتبار، فهم يستفيدون من كل شيء، ويتعظون من كل حدث، ويأخذون من ذلك دروسا ينتفعون بها طوال حياتهم، فالمصائب والكوارث التي تَحُل بالبشر فيها دروس قيمة وتجارب نافعة، فهي تُذَكِّر الناسي، وتحرِّك الغافل، وتعلِّم الجاهل، وبها تتربى النفوس، وتُكتسب التجربة، ويزداد الإيمان.
إن المؤمنين الصادقين يوقنون أن ما ينزل بهم ليس ضربات عجماء، ولا خبط عشواء، ولكن كل ذلك يقع وفق قدر معلوم، وقضاء مُبرم مرسوم، وتنفيذ محكم دقيق، لِحكَم إلهية فيها الخير للبشرية، وهم يؤمنون أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، وما أخطـأهم لم يكن ليصيبهم، وذلك ما يُشير إليه قول المُقدر الحكيم سبحانه: { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير}6، إلا أن من صفاته تعالى أنه يُقدِّر ويلطُف، ويبتلي ويخفف، إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم .
إن الله عز وجل بهذا الحدث أراد أن يُلَقننا دروسا وعِبراَ ومنها:
أن هذا الكون كله بما فيه مما نراه وما لا نراه هو في قبضة الله يُدبر أمره، ويفعل فيه ما يشاء، وأن هذا الحدث قدرُه وأمرُه وبلاؤه، لا يردُّه قوي بقوته، ولا عالم بعلمه، ولا خبير بخبرته، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فما على الناس إلا أن يسَلِّموا لله في أمره ويَرضَوا ويقولوا: آمنا به كل من عند ربنا.
وإن الله سبحانه عندما يُجري مثل هذه الأحداث، قد يحسِب الناس أن ما فيها إلا الضر والشر، لضعف في عقولهم، وقُصور في أفهامهم، إلا أن الحكيم الخبير قد يجعل فيها من الفوائد والمنافع الشيء الكثير مما لا يعلمه إلا هو سبحانه، قال تبارك اسمه يؤكد ذلك: {فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعلَ الله فيه خيرا كثيرا }7، وقال عليه الصلاة والسلام: (( عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرا له))8 .
وإن هذا الزلزال تذكير من الله لعباده، ففي ثانية من الزمن أو أقل من ذلك أو أكثر، تهتز الأرض بمن فيها ومن عليها، وذلك مظهر من مظاهر قدرة وعظمة الخالق سبحانه ، القادر على كل شيء، ودليل على مطلق قدرته حيث لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، ولا يحول دون فعله أحد.
وفي لحظات الكوارث والمصائب العصيبة الرهيبة، يشْعر كل فرد بالحاجة والافتقار إلى الله، فيتقرب منه ويلتجأ إليه ويتضرع راجيا الأمان والنجاة والسلامة، فأغلب الناس لا يعرفون الله إلا عندما تضيق بهم الحيل، وتنقطع بهم السبل، وتُغلق في وجوههم جميع الأبواب، وتصبح الوسائل لا تُجدي شيئا، وقد يعبَّر كثير ممن ينجوا من المصائب والكوارث عن شعورهم هذا ، فمنهم من ظل يردد الشهادة والتكبير والدعاء في كل لحظة بعد هذه المصائب والكوارث، ومنهم من ظل يردد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقرأ القرآن حتى يلقي الله كذلك، وهذا الشعور بالحاجة إلى الله عند النوائب سيُحدث تغييرا في نفوس كثير من الناس، سواء كانوا في منطقة الزلازل والكوارث أو بعيدين عنها، وسيبقى مغروسا في شعورهم طوال حياتهم، يقول الله عز وجل: { وإذا مسَّ الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه، ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل} 9، ألا فلنرجع إلى الله في السراء والضراء والشدة والرخاء والنعماء والبلاء.
والزلازل ابتلاء من الله، يختبر به العباد، على قدر إيمانهم وأعمالهم عسى أن يتوبوا، ويرجعوا إلى ربهم وطاعته، ويستسلموا وينقادوا له في جميع الأمور، ويقوموا بمراجعة شاملة، فردية وجماعية تربوية واقتصادية وسياسية واجتماعية وأخلاقية ……، ويُصححوا نياتهم ويُخْلصوا أعمالهم لله حتى يعود الوضع إلى مجراه، والعبد إلى مولاه .
كما تذكِّرنا الزلازل بأمر عظيم ، إنه زلزال الساعة ، ذلكم الزلزال القوي الذي يدمِّر الكون كله ويقلِبُه ويُغيره في أقلَّ من لمحة البصر ، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ، وبرزوا لله الواحد القهار ، يومئذ تُزَلزل القلوب، وتتقلب الأفئدة والأبصار، قال الله عز وجل: { إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان مالها، يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها ، يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليُروا أعمالهم ، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره }10 .
ولما تقع الزلازل يخرج من سَلِم من الناس من ديارهم ومن تحت الأنقاض مذعورين باكين هَلِعين حُفاة خفافا، تركوا ديارهم وأموالهم وأهليهم يرجون النجاة والسلامة لأنفسهم فقط، ألا يُذَكرنا هذا بموقف يوم القيامة العظيم، يوم يُحشر الناس حفاة عراة فرادى، كما خُلِقوا أول مرة ،{ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}11، كل يسيطر عليه الفزع والهلع، ويرجو لنفسه فقط الأمن من العذاب، والتيسير في الحساب، والسلامة من النار، وكم تساوي أهوال و زلازل الدنيا بالمقارنة مع زلزال يوم القيامة العظيم الذي يدمِّر الكون كله، قال عنه الرب الجبار القهار: { يا أيها الناس اتقوا ربكم، إن زلزلة الساعة شيء عظيم ، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد }12 . فـ” يستدعي ذكرُ فتن الزلازل والصواعق في ذهن المومن أوَّلَ ما يستدعي أن هذه الظواهر آياتٌ إلهيةٌ يُنبه الله عز وجل بها عباده إلى أن هذه الأرض ليست دَار قرار. كتاب إمامة الأمة للإمام عبد السلام ياسين ص: 103.
من جملة ما توحي به أحداث الزلازل إيقاظ قيم التضامن والتكافل والتآزر بين الناس، على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم وأديانهم ومعتقداتهم مع إخوانهم المتضررين بسبب هذه الأحداث، فينهضوا ليبعثوا إليهم بالمساعدات المادية والمعنوية، من أجل مداواة الجرحى، وإيواء المشردين وجمْع شملهم وإعادة البسمة لهم، وفي هذا الأمر عبرة كبيرة، وهي أن يجتمع كل الفضلاء والنزهاء وذوي الكفاءات والأغنياء من أبناء كل بلد منكوب منهوب، ويتناسوا خلافاتهم، ويوحدوا رأيهم على أمر جامع ، ويُجمعوا أمرهم على سبيل نافع، ثم يأتوا صفا، للنهوض بأوضاع بلدناهم المتأزمة ، ويطهروا البلاد من الفساد، فينقذوا ما يمكن إنقاذه، ويُصلحوا ما يمكن إصلاحه، قبل فوات الحال، وتراكم الأهوال وتعقد الأمور، ألا من عبرة وعَزمة وهِمَّة.
إن المصائب في الإسلام ليست دائما شرا، وليست علامة سخط من الله، كما أن النعم ليست دلالة على رضى الله، ولكن الله يُجري النعم والمصائب، والخير والشر على المؤمنين ليرى سبحانه – وهو أعلم- كيف يقابلوا ذلك منه أبالصبر والرضى والشكر، أم بالسخط والجحود والضَّجر، كل ذلك للتمحيص والاختبار والابتلاء ، قال الله عز وجل: { ونبلوكم بالشر والخير فتنة، وإلينا ترجعون }13، وقال جل شأنه: {أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } 14 .
وعلى المؤمن أن يعلم أن الحياة الدنيا دار الأحزان، وميدان المصائب والنوائب، لا يرى فيها المؤمن إلا ما يحزنه، تُصبح فيها الديار آهلة، وتمسي خاوية، ويغدو الإنسان فيها سعيدا معافى، ويمسي حزينا مبتلى، فالدنيا إلى زوال، والمرء إلى رحيل، وبعد الرحيل سؤال، وبعد السؤال حساب، وبعد الحساب ثواب أو عقاب، جنة أو نار.
يُروى عن أحد الصالحين أنه قال: ” وما أُصِبتُ في دنياي بمصيبة إلا رأيت لله فيها ثلاث نعم : أنها لم تكن في ديني ، وأنها لم تكن أكبر منها، وأنني أرجو ثواب الله عليها” ، ولقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام أن يدعو باللطف والتخفيف أثناء نزول المصائب والكوارث وأن لا تكون في الدين ، وكان مما دعا به عليه الصلاة و السلام: ((اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا)) 15، وكان إذا رأى المطر الكثير قال: (( اللهم صيِّبا نافعا )) 16 ، وفي رواية (( نافعا غير ضار)) 17، وكان إذا سمع الرعد والصواعق قال: (( اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تُهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك)) 18 .
كما أنه من الواجب علينا في المناسبات الأليمة أن نتضامن ونجمع المساعدات المالية والأغطية والأفرشة والخيام والأدوية وكل ما يمكن أن يحتاج إليه المنكوبون في هذا الحادث الجلل، ونرسلها إلى إخواننا الذين بقُوا في العراء بلا مأوى، يقول الله عز وجل:{ وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } 19 ، وقال عليه الصلاة والسلام: (( من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه )) 20 ، إن الكوارث الطبيعية من زلازل وغيرها ” يستدعي ذكرُها ضرورَة التضامُن بين البشر، ووجوبَ المسارعة إلى إغاثة الملهوف والمنكوب، والمُصاب من أيِّ ملة كان. فمن حق الآدمي، كرامةً لآدميته، أن يتمتع بمواساة إخوانه الآدميين طِبْقا لمقتضيات الرحِم الإنسانية التي يوصي بها الشرع” كتاب إمامة الأمة للإمام عبد السلام ياسين ص: 103.
“في عصرنا هذا الذي يسودُ فيه الكرةَ الأرضيَّةَ فكرُ الجاهلية، وعلومُها، وإعلامها، ووسائلها، هذه الظواهر تُنْسَبُ إلى الطبيعة كما يُنسب الإنسان إليها. وفي دولة القرآن وقلوب المومنين تعبر هذه الأحداث عن غضب الله وعذابه. فكل ما ورد في القرآن من ذكر الخسف، والمسخ، والصاعقة، والصيحة، والريح الصرصر العاتية، تنبيه إلى أنك يا إنسان في قبضة رب قدير جبار، يأخذُ القُرَى إذا ظلم أهلُها بتلك المهلكات، كما يأخذها إن شاء بالأسباب الأخرى الجوية، من جفاف، وقحط، ونقص في الأموال والأنفس والثمرات، وبالمَوَتان والأوبئة الطاعونية. كما يأخذها إن شاء بالأسباب التاريخية بأن يسلط عليها عدوها، وأن يجعلَ بأسَها بين أهلها شديدا. فإذا اكتشف الإنسان المفتونُ بعقله أن كل سَنَةٍ يحدُث عشرةُ آلاف زلزال، ووضع سُلَّما لقياس الزلازل، ومراصدَ لمراقبة ميلاد الصواعق وتطوُّرِها، والجوِّ وتقلباتِه، وأرسل في الجو أقمارا صناعية تخبره بما يجري فوق الأرض وتحتها، ظن أنه قادر على تسيير الأرض، فسقط في مكر الله، وألهَتْه الأسباب عن خالق الأسباب. وإذا اكتشف الأمصال الواقية من الأوبئة، والأدوية القاتلة للجراثيم التي يُنْسَبُ إليها الفعل، ظن أنه سيدُ مصيره.
وبإعراض الإنسان عن الله عز وجل وجحوده ألوهيتَه، يفوته الاعتبار بالآيات الإلهية، ويفوته الشعورُ بعظمة محرك الكون سبحانه، ذلك الشعورُ الذي يرده لعبوديته ويهيئه للإيمان. فهو مَغْموطٌ من هذا الحق، حقِّ الاعتبار والخوفِ من الخالق الجبار. قلبُه الذي هو مقر الفهم عن الله مطَوَّقٌ بإفرازات عقله الذي هو آلة لتعامل الإنسان مع الآيات. طغيان العقلانية الملحدة على روحانية الإنسان وقلبه يَحْرِمه من حقه الأسمى، من آدميته التي لا تتحقق إلا بمعرفة الله عز وجل. وتعطيلُ العقل عن وظيفته في تلقي الشريعة وتلقي آيات الله في النفس البشرية، وفي الجسم البشري، وفي الآفاق، يؤدِّي إلى ضُمور القلب، وتطرُّفِ الروحانية، وخُرافية التفكير، ومن ثم إلى الجهل والجاهلية. فمن حق المسلم أن لا يَنْطَمِس نُورُ قلبه بتألق عقله، وأنْ لا يُطفأ مصباحُ عقله بأوهامه النفسية ” كتاب إمامة الأمة للإمام عبد السلام ياسين ص 104- 105
ألا فجودوا رحمكم الله بما يسَّر الله عليكم، ولا تبخلوا ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه .
اللهم الطف بنا فيما جرت به الأقدار، واجعلنا راضين بقضائك، صابرين على بلائك، شاكرين لنعمائك، آمين.
1- رواه مسلم عن أبي هريرة في كتاب الإمارة
2- حُمَمة جمع حُمم : ما تقذفه البراكين مما احترق بنارها
– 3 سورة القمر الآيات 50-49
– 4 سورة الأنعام الآية : 65
-5 سورة الشورى الآية : 30
6 – سورة الحديد الآية : 22
– 7 سورة النساء ، الآية : 19
-8 رواه مسلم عن صهيب بن سنان في كتاب الزهد والرقائق
– 9 سورة الزمر الآية :
10- سورة الزلزلة
11- سورة عبس الآية : 37
– 12 سورة الحج الآية : 1 و2
– 13 سورة الأنبياء الآية 35
-14 سورة العنكبوت الآية : 3
-15 رواه الترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله
-16 رواه البخاري عن عائشة في كتاب الجمعة
17- رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله في كتاب الصلاة
– 18 رواه الترمذي عن عمر في كتاب الدعوات وأحمد
– 19 سورة البقرة الآية 195
– 20 رواه مسلم عن أبي هريرة في كتاب ا لذكر والدعاء .