القياس المنطقي
بقلم: الدكتور عبد اللطيف بن رحو
جامعة محمد الأول وجدة
تعريف الاستدلال:
هو استنتاج قضية من “فضية واحدة أو عدة قضايا تلزم عنها بالضرورية لوجود علاقة منطقية فيما بينها. أو هو الانتقال من قضية أو قضايا إلى قضية أخرى تصدر عنها بمقتضى القواعد والقوانين المنطقية. وتسمى القضية أو القضايا التي تبدأ منها بالمقدمة أو المقدمات، وتسمى القضية الصادرة عنها بالنتيجة.
صور الاستدلال
- هناك صورتان للاستدلال:
أولا: استدلال مباشر: وهو استنتاج قضية حملية من قضية حملية أخرى دون واسطة من قضية ثالثة ودون الاعتماد على الحد الأوسط. كالاستدلال بتقابل القضايا وبالعكس والنفض… ثانيا: استدلال غير مباشر: وهو استنتاج نتيجة من أكثر من قضية. وهو أنواع: استدلال قياسي واستدلال استقرائي وتمثيل.
تعريف القياس وأقسامه: القياس عبارة عن قول مؤلف من قولين فأكثر متى سلم بها لزم عنها لذاتها وبالضرورة العقلية قول آخر هو النتيجة..
وهذا التعريف يتناول القياس البسيط المؤلف من قضيتين والقياس المركب المؤلف أكثر من قضيتين.
- القياس الاقتراني الحملي
هو قياس بسيط يتألف من ثلاثة أقوال، من مقدمتين (قضيتين) حمليتين ونتيجة تلزم عنهما ضرورة.. ويعرفه بعض المناطقة بأنه ما ذكرت فيه النتيجة بالقوة وليس بالفعل. وسمي اقترانيا لاقتران الحدود فيه بدون استثناء.
- عناصر القياس الاقتراني الحملي:
- مقدمتين: صغري وكبري.
- نتيجة تنبثق من المقدمتين.
- 3. ثلاثة حدود وهي: – الحد الأكبر: وهو اللفظ الذي يكون محمولا في النتيجة ويظهر في إحدى مقدمتي القياس ليجعل منها مقدمة كبرى. (يرمز إليه بحرف: ك) – الحد الأصغر: وهو اللفظ الذي يكون موضوعا في النتيجة ويظهر في إحدى مقدمتي القياس ليجعل منها مقدمة صغري. (يرمز إليه بحرف: ص). – الحد الأوسط: هو اللفظ الذي يظهر متكررا في كلتا مقدمتي القياس ويربط بينهما ولا يظهر في النتيجة. (يرمز إليه بحرف: و) الحد الأصغر وهو موضوع النتيجة الحد الأكبر وهو محمول النتيجة.
أشكال القياس: الشكل عند المناطقة هو الصورة الحاصلة من وضع الحد الأوسط (و). والحد الأوسط إما أن يكون موضوعا في المقدمتين أو محمولا فيهما أو موضوعا في الكبرى محمولا في الصغر، وهذا الوضع يعطينا أربعة أشكال فقط هي:
- الشكل الأول:
تعريفه: وهو الذي يكون فيه الحد الأوسط. (و) موضوعا في المقدمة الكبرى محمولا في المقدمة الصغرى، نحو:
– كل مجتهد ناجح (م. ص) – كل ناجح محبوب (م. ك)
– كل مجتهد محبوب (نتيجة) قواعد الشكل الأول :
– يجب أن تكون المقدمة الصغرى موجبة فإذا كانت سالبة وجب أن تكون الكبرى جبة.
– يجب أن تكون المقدمة الكبرى كلية موجبة أو سالبة.
- الشكل الثاني:
تعريفه: هو الذي يكون فيه الحد الأوسط محمولا في كلتا مقدمتي القياس، نحو:
كل حيوان فان (م.ص)
– لا جماد قان (م.ك)
– لا حيوان جماد (نتيجة)
- قواعد الشكل الثاني:
– يجب أن تكون إحدى مقدمتي القياس سالبة كلية أو جزئية.
– يجب أن تكون المقدمة الكبرى كلية موجبة أو سالبة.
– يجب أن تكون النتيجة دائما سالبة، لأن إحدى مقدمتي هذا الشكل سالبة.
- الشكل الثالث:
تعريفه: هو الذي يكون فيه الحد الأوسط موضوعا في كلتا مقدمتي القياس، نحو:
– كل حيوان جسم (م.ص)
– كل حيوان متحرك (م.ك)
– بعض الجسم متحرك (نتيجة)
قواعد الشكل الثالث: – يجب أن تكون المقدمة الصغرى موجبة، فإذا كانت سالبة وجب أن تكون الكبرى
موجبة.
– يجب أن تكون إحدى المقدمتين كلية.
– يجب أن تكون النتيجة دائما جزئية.
- الشكل الرابع:
تعريفه: هو الذي يكون فيه الحد الأوسط موضوعا في المقدمة الصغرى محمولا في الكبري نحو:
– لا ظالم محبوب (م.ص) – كل محبوب سعيد (م.ك)
– ليس بعض السعداء بظالم (نتيجة)
- قواعد الشكل الرابع:
يجب أن تكون المقدمة الصغرى موجبة إذا كانت الكبرى موجبة – يجب أن تكون المقدمة الكبرى كلية إذا كانت الصغرى سالبة – يجب أن تكون النتيجة جزئية إذا كانت الصغرى موجبة.
- ضروب القياس الاقتراني الحملي:
تعريفه: الضروب جمع ضرب وهو عند المناطقة: هيئة القياس من اختلاف نسبة الكم والكيف في كلتا مقدمتي القياس. أو بعبارة أخرى: الضرب هو الصورة الحاصلة من تأليف المقدمتين، ولما كانت كل قضية إما أن تكون كلية موجبة أو كلية سالبة أو جزئية موجبة أو جزئية سالبة وبالنظر إلى اقتران بعض هذه القضايا ببعض فإنه يستنتج ستة عشر ضربا لكل شكل من أشكال القياس المنتج منها ثمانية فقط. وهي كالتالي:(الشكل الأول أربعة أضرب) (الشكل الثاني أربعة أضرب أيضا) (الشكل الثالث ستة أضرب) (الشكل الرابع خمسة أضرب)
- تطبيقات لأضرب الشكل الأول:
الضرب الأول: يتألف من قضيتين كليتين موجبتين تحو:
– كل حيوان فان (م.ص)
-كل فان حي (م.ك)
– كل حي حيوان (نتيجة)
الضرب الثاني: يتألف من كلية موجبة صغرى وكلية سالبة كبرى نحو:
كل طالب مجتهد ناجح (م.ص) – لا ناجح مكروه (م.ك).
– لا طالب مجتهد فكروه (نتيجة) الضرب الثالث : يتألف من جزئية موجبة صغرى وكلية موجبة كبرى نحو :
– بعض الناس جنود (م.ص) – كل جندي شجاع (مك)
– بعض الناس شجاع (نتيجة) الضرب الرابع: يتألف من جزئية موجبة صغرى وكلية سالبة:
– بعض الحيوان إنسان (م.ص) – لا إنسان خالد (م.ك).
– ليس بعض الحيوان خالدا (نتيجة)
الاستثنائي أو الشرطي
تذكير بالقضية الشرطية:
القضية الشرطية: هي قضية مركبة من قضيتين على الأقل تكون أحداهما شرطا الأخرى، ويسمى القسم الأول من القضية الشرطية وهو القسم الشرط” مقدما” والقسم الثاني وهو المشروط “تاليا” – القضية الشرطية المتصلة” وهي التي يكون فيها المقدم سببا للتالي. القضية الشرطية المنفصلة: تتألف من قضيتين حمليتين يجري بينهما التباين. أقسام القضية الشرطية المنفصلة: تنقسم القضية الشرطية المنفصلة إلى ثلاثة أقسام:
- 1. مانعة الجمع: تتألف من التصور ونقيضه، بحيث لا يجتمع التصوران ولا يرتفعان: مثاله: الناس إما مؤمنون أو غير مؤمنين.
- 2. مانعة الجمع فقط: بحيث يمتنع الجمع بين التصورين، ولكن قد يرتفعان، مثل: هذا الشخص إما مثقف وإما جاهل، فيستحيل اجتماع طرفي القضية، ولكن قد يرتفعان، فلا يكون الشص مثقفا ولا جاهلا وإنما متوسط الثقافة، تتألف من الشيء والأخص من نقيضه.
- مانعة الخلو فقط:
وهي التي يكون الحكم فيها بالتنافي بين طرفيها، كذبا، أي لابد أن يصدق أحد طرفيها، وتتألف من الشيء والأعم من نقيضه، مثل: هذا الشيء إما أبيض أو لا أسود. تعريف القياس الاستثنائي أو الشرطي: هو القياس الذي ذكرت فيه النتيجة أو نقيضها بالفعل، وهو قسمان: متصل ومنفصل:
أولا: القياس الاستثنائي المتصل:
القاعدة العامة في القياس الاستثنائي الشرطي المتصل هي: أن استثناء عين المقدم (وضع وإثبات المقدم) ينتج عين التالي، واستثناء نقيضه لا ينتج شيئا، واستثناء نقيض التالي (رفع ونفي التالي ينتج نقيض المقدم، واستثناء عينه لا ينتج شيئا. ثانيا: القياس الاستثنائي المنفصل: وهو ما تركب من قضية شرطية منفصلة وأخرى حملية والشرطية تامة العناد وهي التي لا يصدق طرفاها معا ولا يكذبان معا: مثل هذه الحجرة إما مضيئة وإما مضلة أو غير تامة العناد وهي التي لا تحصر أجزاء الانفصال، مثل محمد إما في المغرب وإما في ألمانيا … فإذا كانت تامة العناد أنتج الاستثناء منها في أربع حالات:
- فإن استثناء عين المقدم ينتج عين التالي
- استثناء نقيض المقدم ينتج عين التالي
- استثناء عين التالي ينتج نقيض المقدم
- استثناء قيض المقدم ينتج عين التالي
مثال:
- إما أن تكون هذه الحجرة مضيئة أو مظلمة (مقدمة كبرى)
لكنها مضيئة (عين المقدم) هي غير مظلمة (نقيض التالي)
- لكنها غير مضيئة (نقيض المقدم) هي مظلمة (عين التالي)
- لكنها مظلمة (عين التالي) هي غير مضيئة (نقيض المقدم)
- لكنها غير مظلمة (نقيض التالي) هي مضيئة (عين التالي) أما إذا كانت أجزء الانفصال غي تامة العناد فاستثناء عين أحدهما ينتج نقيض الآخر.
مثال:
محمد أما في وجدة وإما في الرباط (كبرى) لكنه في وجدة (صغری) هو ليس في الرباط أما استثناء نقيض أحدهما فلا ينتج شيئا قلت محمد ليس في الرباط فلا ينتج شيئا، فلا أستنتج أنه في وجدة لأنه ليس هناك حاصر للأقسام بل يصح أن يكون في فاس أو. مدينة أخرى….
القياس المركب – الاستقراء – التمثيل – القياس المنطقي
القياس المركب: ما تكرب من قاسين فأكثر، وكيفية تركيبه أن تجعل نتيجة القياس البسيط مقدمة لقياس ثاني وهكذا…فإذا احتوى القياس المركب على النتائج سمي متصل النتائج، وإذا لم يضمن النتائج سمي منفصلا.
الاستقراء: هو استدلال ننطلق فيه من الجزء نحو الكل، وهو نوعان: تام إذا تصفحنا جميع جزيئاته، وناقص لم نتتبع جميع جزئياته. التمثيل: وهو حمل جزئي على جزئي الاشتراك هما في علة الحكم وهو القياس الأصولي وهذا النوع يفيد الظن.
أقسام الحجة:
تنقسم الحجة إلى قسمين: نقلية وعقلية: الحجة النقلية: وهي التي تكون إحدى مقدماتها من الكتاب أو السنة أو الإجماع … الحجة عقلية: وهي التي تستند إلى مقدمة عقلية وهي خمسة أقسام: البرهان، الجدل، الخطابة، الشعر، السفسطة… – البرهان: يتألف من المقدمات اليقينية وهي: أوليات، مشاهدات، مجربات، محسوسات، حدسيات، متواترات.
الجدل: يتألف من المشهورات: الخطابة: يتألف من مقدمات مقبولة من شخص معتقد فيه، مطنون، فلان يطوف بالليل فهو سارق – الشعر: يتألف من مقدمات: تنبسط منه النفس – السفسطة: مؤلف من مقدمات كاذبة.
مواد الأقيسة
اليقينيات: وهي سنة أنواع:
1.أوليات: وتعرف بالبديهيات، وهي قضايا بديهية يصدق العقل بها لذاتها ويتصور مباشرة طرفيها، مثل الكل أعظم من الجزء الواحد نصف الاثنين النقيضان لا يجتمعان.
2.مشاهدات: وهي التي يحكم فيها العقل بواسطة الحس الباطني أو الظاهري، فإن وكان مصدر إدراكها هو الحس الظاهري (السمع والبصر والذوق والشم واللمس) سميت حدسيات، وإن كان مصدرها الحس الباطني سميت وجدانيات. مثل إدراك أنك جائع أو غاضب أو خائف….
3- حدسیات: وهي قضايا يحكم بها بحدس قوي من النفس مزيل للشك مفيد للعلم، كالحكم بأن نور القمر مستفاد من الشمس. الجد معناه سرعة الانتقال من المبادئ إلى المطالب والغايات ويقابله الفكر الذي هو حركة الذهب نحو المبادئ ورجوعه عنها إلى المطالب، وهذا يعني أن الحس ليس فيه حركة وأن الفكر لابد فيه من حركة ذهنية وهي قضايا يحكم بها لحس قوي من النفس. الفرق بين الحدس والبداهة: الدس معناه سرعة الانتقال من الأشياء المعلومة إلى الأشياء المجهولة، وهذا لا يتم إلا في ظرف زمني معين، والبداهة هي الإدراك المباشر للأشياء أو الرؤية الذهنية المباشرة لها من غير تفكر ولذا فهي لا تحتج إلى زمن مهما قصر.
4 – متواترات: وهي قضايا يحكم العقل بها لكثرة سماعها من أنس كثيرين يستجيل إجماعهم على الكذب، كالحكم بوجود مكة والمدينة والرسل والأنبياء والحضارات السالفة …
5 – مجربات: وهي قضايا يحكم بها استنادا إلى مشاهدات متكررة مفيدة لليقين، كالحكم بأن الحرارة المرتفعة دلالة على المرض والحكم بأن النار محرقة.
6 – فطريات: وهي قضايا بديهية قياساتها معها، لا يصدق بها العقل مباشرة بمجرد تصور طرفيها كما هو الشأن بالنسبة للأوليات بل لابد من التصديق بها إلى وسط لا يغيب عن الذهن عند تصور خدودها، كالحكم بأن الأربعة زوج، فهذا حكم بديهي معلوم بوسط هو تصور الأربعة والزوج، وانقسامهما بمتساويين أي أن الأربعة تنقسم إلى متساويين … الخطأ في البرهان الخطأ في القياس (البرهان) يكون إما في مادة القياس (المقدمات) وإما في صورة القياس أي هيئته وشكله.. الخطأ في مادة القياس قسمان:
أ- خطأ في اللفظ: ومن أسبابه: ذكر لفظ مشترك يراد به معنيين: مثل القرء يأتي بمعنى الحيض وبمعنى الظهر، فتشير إلى الحيض وتقول: – هذا قرء أي حيض (م.ص). وكل قرع لا يحرم الوطء فيه وتريد الطهر (م.ط) – هذا لا يحرم الوطء (نتيجة غير صحيحة) أن تجعل اللفظ المتباين مثل المرادف: مثل أن تشير سيف غير قاطع وتقول: – هذا سيف – كل سيف قاطع – هذا قاطع (نتيجة فاسدة)
ب – الخطأ في المعنى: جعل الوصف العرضي كالذاتي: كأن تقول في راكب القطار: – هذا متحرك – وكل متحرك لا يستقر في مكان – هذا لا يستقر في مكان (نتيجة فاسدة لأن حركة الراكب عرضية وليست ذاتية) – أن تجعل القطعي مثل القطعي كأن تقول: – هذا ميت وكل ميت جماد هذا جماد ثانيا: الخطأ في صورة البرهان: ويكون بترك شرط من شروط الإنتاج أو الخروج عن أشكاله.
كلام يصعب فهمه في علم المنطق