قراءة في كتاب: آليات التقريب التداولي وتشغيل المنطق عند الغزالي
تعريف بكتاب: آليات التقريب التداولي و تشغيل المنطق عند الغزالي
صدرت الطبعة الأولى من الكتاب سنة 2018، وعدد صفحاته 132، الناشر: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، اربد، بالأردن.
تعريف بالكاتب:
أحمد الفراك أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين جامعة عبد الملك السعدي بتطوان، ورئيس قسم الفلسفة و العلوم الانسانية بالمركز الدولي للبحث العلمي، ومُدرس بالمعهد الاوربي للعلوم الاسلامية ببروكسيل، وباحث رئيس بمركز بنغازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية.
الإشكالية التي يجيب عنها الكتاب:
من المعلوم أن عملية التقريب العقدي التي خضع لها المنطق كانت بالغة التعقيد، إذ إن المنطق اليوناني تميز بتجريده، فكيف استطاع الغزالي إنزال النظر المجرد إلى العمل المسدد؟ وكيف استطاع أن يدخل المنطق في علم أصول الفقه؟ وكيف أسس حدود الفقه وبراهينه على آليات القياس المنطقي لرفع التجريد؟
أهم القضايا في الكتاب.
- محددات وقواعد المجال التداولي كما حددها الدكتور طه عبد الرحمن
- خصائص وآليات منهجية التقريب التداولي في التعاطي مع الموروث الأجنبي
- تشغيل المنطق في المعرفة الإسلامية: التحييد والتأصيل والتأسيس
منهجه.
الامساك بخيوط منهج الغزالي وتتبع منهجيته التي اشتغل بها واستنتج من خلالها أحكاما تميز بها عن غيره من الفلاسفة في التعاطي مع المنطق الأرسطي، ولا يمنع ذلك من التحيز لما يراه راجحا جهة الصواب والحق.
ملخص الكتاب
افتتح الكاتب مؤلفه بمقدمة أشار فيها إلى دور الترجمة في انفتاح الثقافة الاسلامية على علوم ومعارف اليونان منذ القرن الثاني الهجري، وقد اختلفت مناهج المفكرين والفلاسفة في التعاطي مع المعرفة الفلسفية خصوصا أن المترجمين لم يكونوا فلاسفة فطرحت اشكالية الترجمة ووفائها لنقل المعاني، إذ الكثير منها كانت ترجمة حرفية أدت إلى وقوع قلق في العبارة وغموض في الإشارة. فأدى كل ذلك إلى اختلاف المواقف من تعلم الفلسفة بين محرم ومجوز وموجب.
ومن ضمن الاشكالات التي طرحت في مجال الفلسفة الاسلامية أن أغلب المتفلسفة المسلمين ظنوا أن التفلسف لا يتم إلا بانضباطه بشروط أرسطو، وبخسوا تبعا لذلك كل الانتاجات الفكرية التي تمت خارج المألوف، وبالتالي تم تعميم المعرفة اليونانية على أنها حكمة عقلية كونية تتجاوز اليونان إلى غيرهم زمانا ومكانا، غير منتبهين إلى الاختلاف في الخصوصيات التداولية. وعلى هذا المنوال سار المتفلسفة المحدثون حين تلقفوا الفلسفة الغربية على انها النموذج الأوحد الذي يستحيل خلافه، وجعلوه معيارا للقياس، وفي هذا الغاء لمقومات الذات و تذويبها في خصوصيات غيرها، وإلباسها مسوح سواها.
أما الداعي الى التأليف: فان الاشكالات العلمية والفلسفية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية تدفع الى ضرورة تقعيد كيفيات النظر والنقل والتعامل. فعلى سبيل المثال ما يقع في الزمان الحاضر من مناقشات حول موضوع الحداثة وما بعدها في انقطاع عن المجال التداولي ”العقيدة واللغة والمعرفة”، فحتى يكون للفلسفة عبرة وللبحث معنى وجب ربطها بمكونات المجال التداولي ليتحقق الاتصال الصحيح والا استحال إلى استتباع من غير إبداع.
ومن ضمن المتنازع عنه ولايزال علم المنطق رغم انه لا يزاحم عقيدة ولا يبطل تشريعا و انما هو تقنين للفكر وتقعيد للاستدلال، والغرض من الكتاب هو دراسة منهجية الغزالي في ادماج القياس المنطقي في إنتاج العلوم الاسلامية وتعليمها، فالغزالي فيلسوف مغاير في تفلسفه لعرف التقليد الأرسطي، صاحب نظرية فلسفية شاملة، له قدرة على الاستشكال والفحص و الاستدلال، لم يتخلص منتقدوه من حضور حجاجه واحتجاجه. وقد تم الاقتصار في هذا الكتاب على تجديد النظر في معالجة اشكالية تقريب المنطق في الفكر الاسلامي العربي القديم، فقد احترم مقتضيات التداول في العقل الاسلامي العربي إبان المرحلة المنهجية الأولى في توظيف المنطق في انتاج المعرفة من داخل البيئة الثقافية الاسلامية.
فالكتاب يجمع بين الدقة المنهجية و الفائدة العلمية:
- الدقة المنهجية تتمثل في النظر في وجه من وجوه النظر الاسلامي العربي في التراث المنطقي اليوناني.
- الفائدة العلمية تتمثل في اقتراح اوضح وأشهر نقل تم من مجال الى مجال مخالف وكشف الاليات الدقيقة في عمليات النقل و التشغيل.
وقد اشار الأستاذ إلى أن الغاية ليست مدح أو ذم منهج الغزالي و إنما الامساك بخيوطه المنهجية، التي اشتغل بها، واستنتج من خلالها أحكاما تميز بها عن غيره من العلماء والفلاسفة، وكذا التحيز لما يراه راجحا جهة الصواب والحق في نظره. فليس كل قديم مذموم ولا كل جديد محمود، ويشير إلى كيفية التعامل مع الموروث الفكري اليوناني فيقول:
“ولا يخفى أن التعامل مع الموروث الفكري اليوناني في الحقيقة تعاملان، تعامل يرده وتعامل يقبله، والأول قسمان، أحدهما يرده كله وثانيهما يرد بعضه، والثاني نوعان أولهما يقبله كله وثانيهما يقبل بعضه، فالذي يرده كله وإن كان يروم التحويط فإنه يسقط في الانغلاق، والذي يرد بعضه فلا يكون عمله إلا أحد اثنان؛ إما يحترم الشروط التداولية الأصلية (اليقين التداولي – التداول الأصلي – التصحيح التداولي) فيكون نقله تقريبا، وإما يخل بها، فيلفت إلى نوع من أنواع النقل الفاسد. أما الذي يقبل الفكر الوافد كله فهو أبدا واقع في الاستلاب من حيث أنه يقصد الكونية، والذي لا يقبل إلا بعضه فحكمه رهين بمدى استناده إلى أصول المجال التداولي واحترام قواعده فيكون نقله تقريبا إن التزم، وتبعيدا إن تبرم. ولما كان الاتصال الماضي للفكر الإسلامي بالمنطق اليوناني تجري عليه جميع هذه الأنواع من الأحكام كما سبق فإنه لا يهمنا منها إلا الاتصال التقليدي الذي يجعل المنقول مأصولا فلا ينظر إليه في ذاته وإنما ينظر إليه من جهة إمكان وصله بالمجال التداولي الأصلي”[1]
- كما يرى الدكتور طه عبد الرحمن أن تقريب المنطق إلى الثقافة الاسلامية تواردت عليه ثلاثة أنواع هي:
- التقريب الاختصاري مع ابن حزم
- التقريب التهويني مع ابن تيمية
- التقريب التشغيلي مع الغزالي
ومنهم من لم يقتصر على نوع واحد بل استعملها جميعا كالغزالي الذي قوم المنقول العقدي وأزال التحريف عنه.
الاشكالية:
من المعلوم أن عملية التقريب العقدي التي خضع لها المنطق كانت بالغة التعقيد، حيث أن المنطق اليوناني تميز بتجريده، فكيف استطاع الغزالي إنزال النظر المجرد الى العمل المسدد؟ وكيف استطاع أن يدخل المنطق لعلم أصول الفقه؟ وكيف أسس حدود الفقه وبراهينه على آليات القياس المنطقي لرفع التجريد تسديدا عمليا؟
مدخل: لماذا الغزالي؟
- فلسفة الغزالي تستوقف الباحثين في تاريخ الفلسفة: لم يشكل فكره انتكاسة كما ذهب مجموعة من الفلاسفة الغربيين كهيجل ورينان.
- ما تركه الغزالي من ثروة معرفية غزيرة.
- مرحلته عرفت نضج الفكر الاسلامي بعد اتصاله بالفكر اليوناني و حصول الصراع الفكري بين المدارس الفكرية، فقد جاء في لحظة انفصل فيها العقل عن الشرع ليصلح بينهما مع الحفاظ على التمايز بينهما( لكي يكون العقل سامعا تابعا للشرع، و ليس أصلا من أصول الحكم فيه، لأنه لا يوجب شيئا بذاته، و الاحكام كلها منفية قبل ورود الشرع) فالعقل مع الشرع نور على نور.
- ثراء تجربته الروحية و غناء تكوينه العلمي.
- أعاد ترتيب خارطة الفكر الاسلامي العربي.
- فلسفته لم يسبقه اليها غيره حيث اتسعت لمباحث لم تعرفها اليونان ولا اتباعهم من المشائين.
- واجه المتكلمين والباطنية والفلاسفة والصوفية: فقد واجه وتهجم وفحص ونقد واستشكل واقترح وأجاب مؤسسا منهجية في التفكير الفلسفي النقدي في عصره.
- الظلم الذي لحقه في زماننا لانتقاداته لأعلامهم الفلسفية القدامى أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو، ولأنه نصر المعتدلين من المتصوفة لما وجد عندهم من جواب عن سؤاله الروحي.
- انتقد الفقهاء و علماء الكلام فاتهموه بالتناقض وأنه سجين تناقضاته (وقد ظهرت مجموعة من الأنساق المنطقية التي تتسع للتناقض والعقل عندما يتصل بالمعقولات يتعدد تبعا لتعددها: التكوثر العقلي)
- إذا ذكر الغزالي فإنه لا يذكر رجل واحد وإنما رجال ومفكرون: الاصولي والفقيه والصوفي والمتكلم والاجتماعي و الفيلسوف…
- الغزالي يحترم مجاله التداولي حسب المخاطب.
- نزع المنطق من ضيق الأرسطية وزرعه في عمق وحضن العلوم الاسلامية.
الغاية:
إظهار فائدة نظرية التقريب التداولي وكيفية تشغيل المنطق عند أبي حامد في كتبه المعيار والمحك والقسطاس والاساس.
الفصل الاول: المجال التداولي محدداته و قواعده.
أولا: مفهوم المجال التداولي.
“المجال التداولي هو تداول القول والفعل في إطار زماني ومكاني لا يخص طائفة دون أخرى من صانعي التراث”[2]، فهو يفيد مجموعة من القواعد والمبادئ العامة التي تتقوم بها الممارسة الاسلامية العربية وتتميز عن سواها من الممارسات غير الاسلامية و غير العربية.
- و هو متميز عن مفهوم :
– السياق الثقافي الاجتماعي
– السياق الإديولوجي
– السياق التخاطبي
مبادئ المجال التداولي:
- مبدأ التطبيق و التوسيع الذي يعلو به المجال الثقافي
- مبدأ التحقيق و التقويم الذي يرقى به عن المجال الاديولوجي
- مبدأ الشمول و الدوام الذي يفضل به المجال التخاطبي.
- ومبدأ تداولي عام سماه الدكتور طه عبد الرحمن مبدأ التفضيل: “وهو الاقرار بأفضلية الامة العربية الاسلامية بما فضلها الله به من صحة العقيدة و بلاغة اللسان و رجاحة العقل”
ثانيا: أصول المجال التداولي الاسلامي العربي
- الأصل اللغوي أو الاعتبار اللغوي في تقريب المنطق
- الأصل العقدي أو الاعتبار العقدي في تقريب المنطق
- الأصل المعرفي أو الاعتبار المعرفي في تقريب المنطق: إذ أن اللغة و العقيدة سببان في حصول المعارف المتأصلة المبنية على القول و العمل وهي مضامين دلالية تشبع العقل المسلم باستعمالها و كذلك اساليب استدلالية تفنن في اتقانها.
والتعقل هو فعل قلبي، والعقل لا يحظى بالتوسع الا بقدر زاده من العقيدة والمعرفة واللغة.
- هذه الاعتبارات الاصول مبنية على:
- الاستعمال:
- استعمال اللغة لتبليغ مقتضى العمل الى الغير (التبليغ)
- و العقيدة تحفز على الاشتغال (التحفيز)
- و المعرفة تروم النفع (النفع)
- الاستكمال:
- اللغة والعقيدة والمعرفة لا تكون مثمرة الا مجتمعة، فمهمة اللغة تبليغ العقيدة، والمعرفة تحقق قيمتها استنادا إلى عقيدة راسخة بلغة مبينة، والعقيدة مع كل ذلك راسخة مقومة.
ثالثا: قواعد المجال التداولي الاسلامي العربي
- وتتفرع هذه القواعد على المبدأ العام الناظم لأصول المجال التداولي وهو ” التفضيل”
وقد قال ابن تيمية بهذا الخصوص: “والله تعالى قد يسر للمسلمين من العلم والبيان مع العمل الصالح والايمان ما برزوا به على كل نوع من أنواع جنس الانسان”[3].
قواعد الاعتبار العقدي:
- قاعدة الاختيار: تبنى على الاخلاص قولا وعملا.
- قاعدة الائتمار: تبنى على التوحيد والتصديق بالنبوة الخاتمة.
- قاعدة الاعتبار: تبنى على التسليم بمشيئة الله والاعتبار بحكمته في خلقه.
قواعد الاعتبار اللغوي:
- قاعدة الاعجاز: إعجاز القرآن للسان العربي
- قاعدة الانجاز: تتعلق بوجوب مناسبة قواعد و أساليب العرب في التعبير و عاداتهم في التبليغ.
- قاعدة الايجاز: و تتعلق بالاختصار في التعبير عن المقاصد و تيسير استثمارها.
قواعد الاعتبار المعرفي:
- قاعدة الاتساع: ربط العلم بالعمل و ربط العمل بالصلاح وربط الصلاح بالفلاح في الاخرة.
- قاعدة الانتفاع: قرن النظر بالعمل( تسديد العقل العملي للعقل النظري)
- قاعدة الاتباع: العقل الوضعي تابع لإشارات العقل الشرعي.
تحقيق مبدأ الافضلية يكون:
- في العقيدة: بالجمع بين التطبيق و التصديق و التخليق
- في اللغة: الجمع بين التشهير و التعبير و التيسير
- في المعرفة: الجمع بين الآجل و العمل و الشرع.
و بجمع هذه الجموع نحصل على المظاهر التراثية الثلاثة:
- مظهر التفضيل
- مظهر التأصيل
- مظهر التكميل
وكلما تعرضت هذه القواعد للانخرام عند اصطدام المجال التداولي الأصلي بمنقولات وافدة.
التفضيل | التأصيل | التكميل | |||||
العقيدة | الاختيار | التثاقل | الائتمار | القعود | الاعتبار | السهو | |
اللغة | الاعجاز | التقصير | الانجاز | الاحتباس | الايجاز | اللغو | |
المعرفة | الاتساع | التكاسل | الانتفاع | التوقف | الاتباع | اللهو | |
يؤدي انخرام هذه القواعد الى: | فقدان عامل الارادة للمجال التداولي | فقدان عامل الفعل | فقدان عامل الاعتبار | ||||
و بالتالي الى: | تعطيل قدرة الانهاض | تعطيل قدرة الانتاج | تعطيل قدرة التوجيه | ||||
في حالة الاخلال بجميع القواعد العقدية: | الجحود بأفضلية العقيدة و بنفع مضامينها و صلاح قيمتها: الجحود العقدي | ||||||
في حال الاخلال الكامل بالقواعد اللغوية: | إنكار أفضلية اللغة و تحاشيها في نقل المعارف وتحديد المقاصد: الخمود اللغوي | ||||||
في حالة الاخلال التام بالقواعد المعرفية: | سيحيل الانهاض و الانتاج و التوجيه جمودا غير قارن للعلم بالعمل ولا معترفا بمنافع الجمع و لا منتبها لمقاصده: الجمود الفكري |
الفصل الثاني: التقريب التداولي خصائصه و آلياته.
اولا: الحاجة الى التقريب التداولي:
مفهوم التقريب التداولي مرتبط بالمجال التداولي وجودا وعدما نظرا، لحاجتنا إلى الغير كما الغير محتاج إلينا.
الظرفية الحالية تفرض هذا الاتصال للحفاظ على المجال التداولي للامة دفعا للجحود في الاعتقاد والخمود في اللغة والجمود في المعرفة.
ثانيا: تعريف التقريب التداولي:
“التقريب مفهوم علمي دقيق يحمل دلالة نقل تقني مخصوص للمعرفة”[4]، فهو ليس نسخا محضا ولا دمجا محضا وإنما اشتغال باستشكال المضامين والوظائف في كلا المجالين حتى تتحصل المعرفة الضرورية والكافية للدخول في الوصل بين عناصرهما. وعند حصول الوصل تختفي الفوارق بين المأصول والمنقول بحيث تتسع المضامين والوظائف في كليهما.
و لابد من ان تكون هناك مناسبة بين طرفين أحدهما معلوم والآخر مطلوب في كل عملية تقريبية بالتحري في صحة الاعتقاد واسلامية العبارة و العمل في المعرفة.
ثالثا: مميزات التقريب التداولي: الخصائص الخارجية.
- يجب تمييز التقريب و تخليصه عن معنى التوفيق و معنى التسهيل ومعنى المقاربة.
التقريب و التوفيق:
- اتخذت محاولات التوفيق بين المجالين الاسلامي و اليوناني أشكالا أربعة:
- التوفيق الموصول بصنفيه ينطلق من افتراض وجود تعارض بين الطرفين داخل المجال تداولي.
- التوفيق المفصول بقسميه يفترض وجود التعارض خارج المجال التداولي.
- بينما التقريب لا يعبأ باعتبار التعارض إذ لا تقريب خارج المجال التداولي الاصلي.
التوفيق و التسهيل:
- التسهيل يروم التماس العبارة اليسيرة و المشهورة في التبليغ و التبيين حتى يسهل التواصل( الاقتصار على العبارة فقط ولا يكترث بالعقيدة ولا معرفة)
- بينما هدف التقريب : بلوغ السلامة في التعبير وتثبيت الصحة في الاعتقاد والشد على العمل في المعرفة.
التقريب والمقاربة:
المقاربة | التقريب |
لا تعمل على صهر المنقول في المأصول صهرا كاملا. | يعمل على مطابقة المأصول في المنقول حتى تهمل الفوارق بينهما. |
تقوم على الغموض | ناتج عن التوسع و اليقين |
التقريب التداولي | ||
التوفيق | لا يقترن بالمجال التداولي الاصلي | يقترن بالمجال التداولي الاصلي |
التسهيل | لا يطلب التصحيح التداولي | يطلب التصحيح التداولي |
المقاربة | لا تروم اليقين التداولي | يتوسد اليقين التداولي |
رابعا: خصائص التقريب التداولي: المميزات الداخلية.
خامسا: الآليات الصورية للتقريب التداولي.
إذن فكيف استطاع أبو حامد الغزالي أن يقرب المنطق اليوناني على تجريده إلى الاصل التداولي العقدي على تسديده؟
الفصل الثالث: تشغيل المنطق عند الغزالي: التحييد و التأصيل و التأسيس.
- أعمل الغزالي ثلاث آليات كبرى لتقريب المنطق اليوناني الى المجال التداولي الاسلامي العربي:
القسم الاول: المنطق و آليات التحييد العلمي:
المقصود بالتحييد العلمي إبطال ضرورة ارتباط المنطق بالفلسفة أو بالعقيدة وجودا وعدما.
اولا: عمليات التشغيل التقريبية:
- وذلك عن طريق عمليات:
ثانيا: نقض الدعاوى الغالطة والتغليطية
القسم الثاني: المنطق و آليات التأصيل القرآني
دحض القياس الكلامي: | – يبعد الغزالي القياس الكلامي من العلم و الفقه و الحق و يسميه ميزان الشيطان – اعتماد اهل الكلام قياسا مردودا و هو قياس الشاهد على الغائب( قياس التمثيل) – مثال ذلك أن المعتزلة أوجبوا على الله تعالى رعاية الأصلح لعباده. – و المنطق بريء من تغليطاتهم |
إثبات القياس المنطقي: | – عن طريق تقريب المنطق الارسطي باصطلاحات كالميزان و القسطاس المستقيم – عن طريق التأصيل القرآني – اعتبار ان الله علم الانبياء القياس الارسطي فوظف مصطلحات الحق و الباطل و الاستقامة التي لها حمولة عقدية. – تعلم المنطق مقرون بالاهتداء بنور الوحي و الجهل به مقرون بالضلال و الزيغ. – المنطق صالح في جميع العوالم الممكنة حتى عالم الغيب من أحوال المعاد و عذاب القبر… |
تأكيد التأصيل المصطلحي | – انطلق من سورة الرحمن في عملية التقريب هاته:” الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)” – ومن الاية ” لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ” الحديد – الميزان هو ميزان معرفة الله تعالى و ملائكته و كتبه و رسله و ملكه و ملكوته – استعمال الاصطلاحات: محك النظر و الميزان و القسطاس المستقيم – استبدل القياس الحملي بالتعادل … |
اعتماد التأصيل القياسي | – الموازين: التداخل (القياس الحملي الاقتراني)و التلازم( القياس الشرطي المتصل) و التعاند(القياس الشرطي المنفصل).
|
المثال الاول: استخراج القياس الاقتراني من الضرب الثاني للشكل الاول(الميزان الاوسط) | المثال الثاني: استخراج القياس الشرطي المتصل(التلازم) | المثال الثالث: استخراج القياس الشرطي المنفصل (التعاند) | |
الآية | ” لا أحب الافلين” الانعام 77 | ” لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا”الانبياء22 | ” قل من يرزقكم من السموات و الارض قل الله و إنا أو اياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين”سبأ24 |
المصدر | سيدنا ابراهيم عندما تفكر في خلق السموات والارض باحثا عن معنى لمخلوقيته في هذا الكون. | الحق سبحانه | الحق سبحانه تعليما لنبيه صلى الله عليه و سلم |
عناصر البنية القياسية | معلومة و مضمرة مقدرة: -القمر آفل -الاله ليس بآفل -فالقمر ليس بإله | 1-لو كان للعالم الهان لفسد 2-و معلوم أنه لم يفسد -نفي أحد الالهين(=اثبات للآخر) | 1-انا او اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين(أصل) 2-و معلوم أنا لسنا في ضلال(نتيجة) 3-أنكم في ضلال( نتيجة) |
الصورة القياسية المجردة | الحكم على الصفة حكم على الموصوف |
القسم الثالث: التأسيس الفقهي
حاجة الفقه الى المنطق
- اجتهد الغزالي في تشغيل المنطق في الفقه لأنه اقتنع بأن:
- الأدلة المعتمدة عند الفقهاء ظنية
- ردها الى أحد الانماط القياسية الثلاثة: التداخل أو التلازم أو التعاند
منطقة المصطلح:
- اعتماده تسمية الفقهاء ” الحكم والمحكوم عليه” انتصارا لهم على باقي الاصطلاحات من مبتدأ وخبر…
الكلية الموجبة | المثبتة العامة |
الكلية السالبة | المنفية العامة |
الجزئية الموجبة | المثبتة الخاصة |
الجزئية السالبة | المنفية الخاصة |
القضية الشخصية | قضية العين |
الحد الاوسط | العلة |
المقدمة | الأصل |
المادة | المحل |
الفاعل | الاهل |
الغاية | الحكم |
النكاح | التولد |
الزوج | الاهل |
البضع | محل |
الحل | غاية(حكم) |
صيغة العقد | صورة |
قياس الدلالة: الاستدلال بالمعلول على العلة، ما لم يكن الحد الاوسط فيه علة للحد الاكبر | برهان الإن |
قياس العلة: و هو الاستدلال بالعلة على المعلول( ما كان الحد الاوسط فيه علة للحد الاكبر) | برهان اللم |
التصور | المعرفة |
التصديق | العلم |
الشكل | النظم |
النتيجة | الفائدة |
منطقة المثال:
غطى الغزالي جميع الامثلة المنطقية المنقولة بأخرى فقهية مأصولة
خاتمة:
نخلص إلى النتائج والخلاصات التالية:
- علم المنطق في نظر الغزالي هو أفضل نموذج نظري للعلوم المنقولة
- التقريب الاسلامي العربي للمنطق متميز من عدة وجوه منها: عدم الاقتصار فيه على الصدق والكذب في الاقوال، وأضيفت له قيمتي الخير والشر في الاخلاق، والحق والباطل في الاعتقاد.
- لم يعد المنطق تجريديا و إنما أصبح علما ذا غاية علمية و سلوكية عملية.
- العلم الخالص هو مشترك انساني ، يعم نفعه كل زمان وتنتشر فائدته في كل مكان.
- درجة النفع تتفاوت من مجال الى مجال.
- الأوهام الملتصقة بالعلم لا تعد علما وإن خالطته و تلبست بلبوسه.
- اتساع مجالنا التداولي لجميع العلوم المنطقية و غير المنطقية.
- تقريب المنطق الى العلوم الاسلامية زاده ثراء وخصوبة، لانفلاته من قبضة الالهيات اليونانية.
- تشغيل المنطق عند ابي حامد جعل منه علما نافعا وعمليا عباديا.
- الغزالي ارجع المنطق الى ما قبل اليونان واستخرج أمثلته وأقيسته من القران وعمم العمل به في كل ميدان.
- التقريب التداولي بشرائطه و خصائصه ومميزاته والياته يعطي للمقرب عتادا تأصيليا يعطيه القدرة على تحقيق العمل الصالح من العلم النافع، والنفع الاجل مع الافادة العاجلة.
[1] – الفراك، أحمد. آليات التقريب التداولي وتشغيل المنطق عند الغزالي، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، اربد، الأردن، ط1، 2018، ص 9
[2] – الفراك، أحمد. آليات التقريب التداولي وتشغيل المنطق عند الغزالي، ص 23
[3] – ابن تيمية، تقي الدين، مجموع الفتاوى كتاب المنطق، مكتبة المعارف، الرباط، د.ت، 4/629-639
[4] – الفراك، أحمد. آليات التقريب التداولي وتشغيل المنطق عند الغزالي، ص 41