منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

القبض والسدل في الصلاة عند المالكية

الدكتور محمد جعواني

0

القبض والسدل في الصلاة عند المالكية

الدكتور محمد جعواني

ألفت في هذه المسألة رسائل كثيرة من فقهاء مالكية، بعضها ينتصر لسنية القبض، وبعضها ينتصر لسنية السدل.

ومن أهم تلك الرسائل:” نصرة القبض والرد على من أنكر مشروعيته في صلاة الفرض”، لمحمد المسناوي (ت 1136هـ)، و”هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام مالك”. محمد المكي بن عزوز (ت1334هـ)، و” نصرة الفقيه السالك على من أنكر مشهورية السدل في مذهب الإمام مالك”، محمد بن يوسف الشهير بالكافي، و”القول الفصل في تأييد سنة السدل”، لمحمد بن حسين.
وفي المذهب المالكي ثلاثة أقوال في مسألة القبض: الكراهة، والجواز، والاستحباب.
ومنشأ القول بالكراهة قول الإمام مالك في المدونة “لا أعرفه”، وذلك حينما سأله ابن القاسم عن وضع اليد على اليد.
والمتأمل لسياق سؤال ابن القاسم وجواب الإمام مالك في المدونة يجده منحصرا في مسألة حكم “الاعتماد في الصلاة”، حيث ورد السؤال عن حكم الاعتماد على الحائط ثم العصا ثم وضع اليد على اليد. مما يؤكد أن الكلام كان عن حكم القبض في الصلاة بنية الاعتماد، وهذا ما لا يعرفه الإمام مالك، وكرهه في رواية أخرى.
وبالتالي فالكراهة مقيدة بقصد “الاعتماد”، فإذا انتفى ذلك القصد فلا كراهة، وهذا ما ذهب إليه كبار أئمة المالكية، منهم شراح مختصر خليل.
ثم إن بعض المالكية حاولوا الاستدلال على السدل ببعض الأحاديث الصحيحة، لكنها غير صريحة، ولا ذكر فيها للسدل، وإنما قد يفهم منها بدلالة المفهوم والاقتضاء.
ولا يمكن أن يرجح ذلك على الأحاديث الثابتة الصريحة بالقبض، والتي بلغت العشرين حديثا برواية ثمانية عشر صحابيا. ومنها ما رواه الإمام مالك في الموطأ.
وبعضهم استدل بعمل أهل المدينة، وهذا لا يصح، لأن “المدنيين” من تلاميذ الإمام رووا عنه القبض وليس السدل، ولم يرو السدل إلا عن سعيد بن المسيب رحمه الله.
فالتحقيق أن الراجح في المذهب المالكي هو القول بالقبض وليس السدل، وهو رواية الإمام مالك وفعله. ومن رأى العمل بالمشهور في المذهب وقال بالسدل فلا ننكر عليه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.