رفقا بالقوارير
بقلم: الأستاذة صفاء الطريبق
رفقا بالقوارير… الرفق ضد الفقر!
العنف…ذلك الذي يمتص من أرواحنا صفوها..فنصبح بعد تكراره كصخرة.. أو كقطعة من حديد بارد…
..يبدأ الأمر بنظرة جارحة..تحمل تحقيرا وإنقاصا…لا مبالاة… يكتمل حظ إبليس لعنه الله من تلك النظرات المسيئة ..فتليها مرحلة الكلمات..كلمة قاسية كسكين يجرح ببطئ..ثم تتوالى الجروح والطعنات إلى أن تتحرك اليد فتصفع والرجل فتركل..تنظر تلك الأسيرة الجريحة إلى من أمامها..نظراتها تقول.:”من يكون..إنه لا يشبه زوجي الحبيب المحب في شيء”؟!
.. صفعة من يد خشنة أدت الى أسبوع من الألم.. في الوجه الذي لا يحتمل..ثم توالت الصفعات..على الرقيقة الهشة..وهي لا تزال كلما ضرب وعنف انكمشت وأنكرت..ولما تعب من الصفع ..زين له الشيطان خنقها..لم تفلح توسلاتها وضربها للأرض باليد كي يكف..لعله يستيقظ..حتى وهي تختنق لم تستطع أن تلمسه بيدها..تنطق الشهادة وتسلم أمرها لله..ويفك يديه عنها وهو يحوقل ويستغرب كل هذا الذي حصل..كيف وقع وفعل؟!… إنه خراب و بؤس ودمار!..
..قد يقال كل ما مضى خيال..قد يقال نظرة من طرف واحد.. أو زاوية قاصرة..قد يقال..هنالك ما هو أبشع من الطرفين..لتشعرني كل الإضافات أن النفوس تحمل صراعات..تحمل أحمالا ثقالا..تحتاج أن تتخفف منها..وهل غير باب الله ملجأ لمن ضاعت منه الإجابات وسرحت التساؤلات..
..كل ما سبق ..كلمات نعم متخيلة ..لكن لا تخلو من واقع معاش..هي قصة لتسويل الشيطان ونفخه في نفس استقبلت الغضب ولم تتجه الى الباب الصحيح..المخرج ..
..بعد سنوات ..تلك المرأة التي كانت كالحمل الوديع..أصبحت كقطعة حديد..متجلدة ومتبلدة المشاعر..فكيف تربي الصغار بهذه الروح المفتونة الغاضبة..يتصارعان إن لم يكن بالكلام فبالنظرات..يرث الأبناء العنف أشكالا متباينة..
..بيت لا رفق فيه..أهله جياع من الرحمة..فقر..قفر
..كأن ضد الفقر يبدو لي الآن جليا.. ليس الغنى..بل الرفق..فهو الرخاء والبركة والوفرة والسرور والسعادة..الرفق..يبدأ كخطوات دخولنا في الإسلام..شهادة واعتراف ..اغتسال..واستعداد للصلة بالله..آه..إنه افتقار وتخل عن كل ما سبق ..مهما تداخلت خيوط الشيطان والنفس والهوى والخلق..
.. قلبا هذين الصغيرين..نعم..يبدوان لي وأنا أكتب..كطفلين..بعد هذا الدرس الشديد..قلباهما يحتاجان إلى الانغماس في بحر التوبة..يتوب الظالم والمظلوم..فيذوب الجليد ..ويتحرك الدم في الأوردة وتعود الحياة من جديدة..
يصليان معا..بعدما انطفأت نيران النفوس..يسجدان..فيرددان الدعاء {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما}..يجلسان معا في محطات ثابتة ..كموعد هو أنفس مما كانا يطمعان فيه قبلا..
..المنزل من بعيد يبدو منيرا..ليس لأنهما قد أضافا اليه مصابيح ..بل لأنهما استنارا..فأضاء ما حولهما..حين يدخل الضيف..يشعر بشيء غريب..يلف المكان والساكنين فيه..يتساءل بنظراته وأحيانا بكلماته..فيبتسمان معا..في حديث نظرتين..
يبارك المولى ..شيئا فشيئا..رفقا برفق..
يا رفيق الدرب..الرفق يجلب السعادة ويدفع الفقر!..