منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

رائد مضمار النحو العربي “أبو الأسود الدؤلي”

الأستاذ يونس مرحوم

0

رائد مضمار النحو العربي

 أبو الأسود الدؤلي

بقلم: الأستاذ يونس مرحوم

مقدمة

النحو في اللغة له معان عشرة أشهرها ثلاثة:

أ – المثل: كقولك وأنت تمثل لأمر ما نحو قوله تعالى : أي: مثل قوله تعالى.

ب- المقدار: كإخبار عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها  أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا قط حتى أسن فكان يقرأ قاعدا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية أو أربعين آية ثم ركع )1(

ج الجهة: كقول البراء رضي الله عنه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا) 2            (

والنحو في الاصطلاح هو علم بأصول يعرف بها أحوال الكلم العربية إعرابا أو بناء وما يتبع ذلك.

وعرفه ابن جني بقوله هو انتحاء سمت كلام العرب ليلحق من ليس من أهل العربية بأهلها في الفصاحة (3)

لذا سمي هذا العلم نحوا لأنه الجهة التي يقصدها المتكلم ليصل إلى كلام العرب الفصيح الصحيح.

وقد تحدث معلم البشرية الاول محمد صلى الله عليه وسلم عن نفسه فقال انا أفصح العرب بيد أني من قريش.

وحينما عادت حليمة السعدية بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة بعد مدة إرضاعه وحضانته نظر إليه جده عبد المطلب وقد نما نمو الهلال وهو يتكلم بفصاحة وبيان فامتلأ سرورا وقال : جمال قريش وفصاحة سعد وحلاوة يثرب.

 1- عماد العلوم الشرعية واللغوية

إن علم النحو من أسمى العلوم قدرا وأنفعها أثرا، وقيمة المرء فيما تحت طي لسانه.

ولقد صدق إسحاق بن خلف البهراني في قوله:

 النحو يبسط من لسان الألكن *** والمرء تكرمه إذا لم يلحن

وإذا طلبت من العلوم أجلها *** فأجلها منها مقيم الألسن (4)

وبه يسلم الكتاب والسنة من عاديات اللحن والتحريف وهما موئل الدين وذخيرة المسلمين فكان تدوينه عملا مبرورا وسعيا في سبيل الدين مشكورا.

وبه يستبين سبيل العلوم على تنوع مقاصدها فإن الطالب لا يسلكها على هدى وبصيرة إلا إذا كان على جد من هذا العلم موفور.

قال ابن خلدون إذ به يتبين أصول المقاصد بالدلالة فيعرف الفاعل والمفعول والمبتدأ الخبر ولولاه لجهل أصل الإفادة (5)

لذلك قدر المؤرخون للنحويين جهودهم ورفعوا لهم أعلام الحمد والثناء وقلدوهم في صحائفهم بمداد التبجيل والتكريم (6)

   2- الجذور الأولى للنحو العربي

إن أول من وضع علم العربية وأسس قواعده وحد حدوده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وأخذ عنه أبو الأسود الدؤلي.

وسبب وضع علي لهذا العلم ما رواه الرواة من أن أبا الأسود دخل على علي وفي يده رقعة فيسأله عنها فيجيبه كرم الله وجهه فيقول تأملت كلام العرب فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء يعني الأعاجم فأردت أن أضع شيئا يرجعون إليه ويعتمدون عليه ثم يلقي الرقعة إلى أبي الأسود وفيها مكتوب الكلام كله اسم وفعل وحرف.

يقول أبو الأسود وقال: لي انح هذا النحو وأضف إليه ما وقع إليك (7)

فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:

أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه (8) وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اهد قلبه وسدد لسانه (9)

وإيمان علي بعقلية أبا الأسود هو الذي أوحى إليه بهذه العبارة وأضف عليه ما وقع إليك.

وقال صاحب البديع: (“النحو صناعة علمية يعرف بها أحوال كلم العرب من جهة ما يصح ويفسد في التأليف ليعرف الصحيح من الفاسد “) “. وقال ابن السراج في الأصول: (” النحو علم استخرجه المتقدمون من استقراء كلم العرب.”)

   3- ترجمة موجزة لأبي الأسود الدؤلي

اسمه:

ذكر السيوطي في البقية أن اسمه ظالم عمرو بن ظالم وقيل ابن سفيان – ابن عمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن كنانة أبو الأسود الدؤلي البصري (10)

مصدر ثقافته:

يقول صاحب الأغاني: وكان أبو الأسود من وجوه التابعين وفقهائهم ومحدثيهم وقد روى عن عمر بن الخطاب وعن علي رضي الله عنهما فأكثر وروى عن ابن عباس وغيره.

شجاعته في الحق واعتداده بنفسه:

كان أبو الأسود الدؤلي شجاعا يقول الحق ولا يبالي بما يلقى في سبيله ومن هنا كان موقفه من حكام عصره موقف المعتز بنفسه ولا أدل على ذلك من قوله: الملوك حكام على الدنيا والعلماء حكام على الملوك (11)

خاتمة

كان أبو الأسود الدؤلي على درجة عالية من الترقي الفكري الذي أتاح له وضع اللبنات الأولى في بناء النحو العربي وتنقيط المصحف تنقيط إعراب.

والحق الذي يقال أن أبا الأسود الدؤلي أسس مدرسة نحوية بالبصرة ومن أشهر تلاميذها عبد الرحمان بن هرمز،  نصر بن عاصم، يحي بن يعمر، وعنبسة الفيل. وقد استطاع هؤلاء الرجال الأعلام أن يحملوا الراية بعده في مجال النحو العربي واللغة مما كان له أثر كبير في نموه وتدرجه التاريخي حتى استوى قائما..

إن أبا الأسود الدؤلي حلقة من سلسلة المعرفة اللغوية برز في مجالها وزاد نشاطه في حقلها فنسبت إليه نشأة أضخم علم شغل الناس قرونا طويلة ومازال يشغلهم إلى وقتنا الحاضر. (12)


المراجع :

1- صحيح البخاري

2- رواه البخاري.

3-الخصائص لابن جني.

4- راجع البيتين في عيون الأخبار.

5- المقدمة الفصل السادس في العلوم.

6- نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة الشيخ الطنطاوي

7-نزهة الألباء.

8- الاستيعاب في معرفة الأصحاب

9- المرجع نفسه.

10- بغية الوعاة.

11- العقد الفريد

12- الحلقة المفقودة في تاريخ النحو العربي. د عبد العال سالم كرم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.