منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

لستَ وحدك..(خاطرة)

لستَ وحدك..(خاطرة)/د. عبد القادر الدحمني

0

لستَ وحدك..(خاطرة)

بقلم: الدكتور عبد القادر الدحمني

لستَ سائبا متروكا منبوذا.. أبدا والله، إن لك راعيا حكيما، وربا لطيفا، فمن حيث سلكتَ فثمَّةَ لطفُه وفضلُه ونورُه وحكمته، وإنما الغشاوة المانعة عن رؤية ذلك نسيانُه وترك الصلة به..

اِنهض دوما من جديد، واجمع شتات أمرك فإنك لا تخطو في ساحِها عبثا، ولا يركض عمرك هباءً ضياعا بلا معنى.

لك موئل تؤوب إليه فكيف تغفل عنه؟! لك ركنٌ يُسْنِدُ تعبَك فكيف لا ترومُه؟!

لا، لستَ وجودا مُهمَلا، ولا فردا منسيّا، لستَ متروكا في هذا الكون العظيم لوحشتك بدون حبل ممدود وأنس معروض، لكنّك ترفض أن تنظر، وإذا نظرت فلا تبذل وُسعاً كي ترى وتُبصر، وترفض أن تسمع، وإذا سمعت لم تصبر حتى تنصت، فيصير سماع الأذن سماع القلب والروح والفطرة..

أيها المتفرّد المغترب الحائر، إن هناك إرادة وُدٍّ تناديك، وسابقة حبٍّ تتلطّفُ معك وإليك.

أيها الموجوع الذي لا يحس بجمرته سواه، ولا يعلم هواجس عمقه إلّاه، أنت نفحة من روحه، ونسمة من جماله وجلاله..

لم يبتعد عنك يوما، ولا ارتفعت عنايته بك ساعة، ولا انتفى حُبُّه وحفظه لك، فكيف تبحث عن سواه وهو من سوّاك فعدّلك؟!
ما غرّك به حتى تتجاهله وتغفل عنه وتنساه؟! ما الذي أثار اهتمامك وأخذ بلبِّك غيرُه حتى تصدَّ عنه وتحتجب دونه؟!

أيها المتعب! في قربه راحتُك وروحُك وريحانك، في وصله سِقاءٌ راوٍ لظمئك، وشِبعٌ موصولٌ لجوعك، وغسل تامٌّ لأدرانك، وسِتْرٌ دافئٌ لعُرْيِك.

أيها الغريب! كيف تحزن وهو أهلُك وجارُك وأنيس وحشتك؟! ومتى تحنّ وتأوي إلى الباب؟ ومتى يهيج الشوق ويتَّقِدُ التَّوق فلا يحبسُك عنه حابس ولا يحجبُك عنه حاجب، وتخفُّ في طلب وصله أثقالُك، ويُسرِعُ خطوُك في رضاه شوقا واهتبالا؟!

متى توقف دوَّامة التسويف، وتخرج من شرنقة العجلة، وتتخلَّصُ من ربقة الهوى، فترضى به ربّا، وتأنس به طبيبا وحبيبا؟! متى تسابق وتسارع وتقول في مقام اللهفة والشوق: “وعجلتُ إليك ربّي لترضى”؟!

اللهمّ أطلق سراحَنا من نفوسِنا.. إليك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.