أرَّقْتَنَا يَا أُستَاذ إِيَاد …
أرَّقْتَنَا يَا أُستَاذ إِيَاد .../ الدكتور وائل الزرد من فلسطين
أرَّقْتَنَا يَا أُستَاذ إِيَاد …
بقلم: الدكتور وائل الزرد من فلسطين
صليتُ أمس صلاةَ القيامِ في المسجد العمري الكبير، وقامَ الأخُ الحبيبُ إياد أبو فنونة “الأسير المحرر” يتكلم كلمةً بين الركعات وأمام آلاف من المصلين، وجاء على سيرة الأسرى -كعادته- فكان مما قال: لنا إخوة من الأسرى لهم الآن أكثر من 42 عامًا داخل السجون، وهذا يعني: أنهم غابوا عن أهلهم 42 رمضان، و84 عيدًا، ما بين عيد الفطر وعيد الأضحى، هل أنتم متخيلون هذا الرقم من السنوات والشهور؟؟
وذكر الأخ الكريم أسماء لقامات من أبناء شعبنا، افتتح الاحتلال الإسرائيلي سجونه بهم، ومن لحظتها وقد بدأ الأسرى الفلسطينيون تجربتهم الإعتقالية كذلك، فما لانت لهم قناة ولا ضعف لهم عزم ولا شاخت لهم إرادة، حتى قال أحد هؤلاء الجبال: “لقد صدأَ حديدُ أبوابِ السجون، وما صدأَتْ عزيمتُنا، لقد غيَّروا أبوابَ السجونِ أكثرَ مِن مرةٍ ولمْ نَتغير”، حتى إن الأخ إياد يقول أنه قابل أحد هؤلاء الأسود في عرينه في العزل الانفرادي، وقد مضى على عزله أكثر من 10 سنوات، سأله قائلًا: كيف العزيمة؟ فقال: “كَالجِبالِ بِفضْلِ الله”.
أقول: مَا هؤلاء؟ ومَن هؤلاء؟ وكيف استطاعوا أن يصبروا كل هذ المدة دون أن تذهب عقولُهم أو يُصابوا بأمراضٍ نفسية قاتلة، كيف بقي هؤلاء على قيد الحياة ويتكلمون بالأمل وينتظرون الفرج ولا يُصابوا باليأس؟ كيف صبروا 30 و40 عامًا في السجون، لم يرَوا شمسًا ولا قمرًا، تمر عليهم السنوات دون عواطف أبٍ وأم، كيف وكيف وكيف؟؟؟
أتظنون أنَّ الأمرَ سهلٌ، حين يسمعُ أحدُنا أن له إخوانًا، أمضوا زهرةَ شبابهم ومعظمَ أعمارهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي؟ كيف تطيب لنا حياة ومثل هؤلاء الأبطال خلف أسوار السجون؟ كيف نهنأ بعيش ومثل هؤلاء الجبال يعانون الأمرين؟ كيف نأكل ونشرب ونتزوج ونسافر ونفرح ونضحك؟ والله إنَّ الواحد باتَ ينكرُ نفسَه، وهو يشعر بالعجز أمام هؤلاء الإخوة الأسرى، نعم واللهِ يشعر بالعجز والخَور وهو غير قادر على فِكاك أسرهم وتحطيم سجونهم وكسر قيدهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولكن ما يُبدد العجز ويُذهب الخور والشعور بالضعف، استنادُنا لمق.اومةٍ باسلةٍ، وم.جاهدين كبار، يعملون في الليل والنهار من أجل إخراج هؤلاء الأسود من السجون، ولا زالت قبضة قسَّامنا تُمسك بزمام رقاب بعض جنود الاحتلال، وسيُرغم الع.دو -ولو بعد حين- أن ينزلَ على شروطِ المُجاهدين، لِتَعُمَّ الفرحةُ بلادَنا مرةً ثانية بِصفقةٍ جديدةٍ من صفات .