منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

في الحاجة إلى المنهاج النبوي

يوسف بربيط

0

بسم الله الرحمن الرحيم

مــقــدمــة

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وسنه للناس شرعة ومنهاجا، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأسوة الحسنة، والقدوة المعصومة، وعلى آله وصحبه وإخوانه السالكين للطريق الناهجة، والمتمسكين بالمحجة الناصحة.

هذه مجموعة من المقالات تهدف إلى تعميق النظر في قضية من أهم القضايا المطروحة على الفكر الإسلامي الحديث، وعلى مشاريع الإصلاح والتجديد، ومدارس العمل الإسلامي، بل على ساحة الفكر الإنساني المعاصر، وهي قضية المنهاج الكلي الكفيل بتحقيق الهداية القاصدة الواصلة بالله الموصلة إليه؛ الهداية الجامعة بين مصير الفرد والجماعة، وبين الدعوة والدولة، وبين الدنيا والآخرة… الهداية الشاملة للفرد إسلاما وإيمانا وإحسانا، وللأمة تحريرا وتوحيدا وبناء، وللإنسانية تعارفا وتكافلا وتناصرا. قال الله تعالى: “إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المومنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا.”[1]وقال سبحانه: “قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا، يهدي إلى الرشد فأمنا به ولن نشرك بربنا أحدا”[2]

تطرح الدراسة مجموعة من الأسئلة تحاول الإسهام في الإجابة عنها، من مثيل:

-ما طبيعة الأزمة المنهاجية التي تعاني منها الأمة؟ ما أسبابها وجذورها ومظاهرها؟

-ما الدلالة اللغوية والاصطلاحية لمفهوم المنهاج النبوي؟ وما العلاقة والفرق بينه وبين مفهوم الشرعة ومفهوم السنة؟

-ما الأهمية الوظيفية للمنهاج النبوي؟

-ماهي الحركة التاريخية للمنهاج النبوي؟ وماهي المراحل التي مر بها قديما وحديثا؟

-ما هي الأسس والمقومات للقراءة المنهاجية الكلية المطلوبة للآيات القرآنية والنفسية والآفاقية؟ …

      1-سؤال المنهاج وأسئلته

احتلت الدعوة إلى المنهاج أو المنهج، والبحث في طبيعته ومصادره، ومكوناته وقضاياه وأدواته مساحة كبيرة في الفكر الإنساني الحديث في مختلف حقوله المعرفية: العلوم الإنسانية والاجتماعية والتطبيقية…وتبوأت المكانة الأبرز في الدراسات الإسلامية المعاصرة في جميع شعبها سواء في التفسير أو الحديث أو الأصول أو الفقه أو السياسة الشرعية أو الاقتصاد الإسلامي…
وحظيت المسألة المنهاجية باهتمام بالغ من العلماء والمفكرين والباحثين؛ فقد أفردت بعدد غير قليل من المؤلفات والأطروحات الجامعية، وتناولتها العديد من المؤتمرات والندوات الدولية…وأضحى هما فكريا ومشروعا علميا للكثير من المؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية…التي يبدو أنها اتفقت “على أن قضية المنهجية في الفكر الإسلامي قضية على غاية من الأهمية، سواء كانت منهجية في التفكير، أو في البحث للوصول إلى المعرفة واختبارها وتوظيفها، أو في التعامل مع مصادر الإسلام وأصوله التأسيسية، وفي التعامل مع التراث الإسلامي والتراث الإنساني، أو في التفاعل مع واقع الأمة المعاصر أو واقع العالم المعاصر.”[3]
ورغم هذه الوفرة في الكتابات والبحوث التي تناولت قضية المنهاج والمنهجية إلا أن الكثير منها –في تقديري-لم يتجاوز الإحساس بالمشكلة والأزمة أو الانفعال بها، أو الاشتغال على بعض جزئياتها أو قضاياها أو أدواتها، أو الهروب من الواقع المحرق إلى ماضينا المشرق، والتشبث بما أثله علماؤنا السابقون رضي الله عنهم من علوم ومناهج بتقليد جامد واجترار فج دون مساءلة أو مراجعة أو وعي بالظروف والسياقات التاريخية والسياسية والمذهبية والواقعية التي صاحبت تشكلها، أو الارتماء والانتشاء بالمناهج الغربية تبعية واستنساخا ساذجا لما عند الآخرين، دون فحص أو نقد، ودون مراعاة وإدراك للحمولات الإيديولوجية والفلسفية، والمسلمات الإبستمولوجية الكامنة خلف هذه المناهج والمؤطرة لها. وكلا الطرحان يعانيان عقما منهجيا لن يزيد إلا في تكريس التخلف والانحطاط وإطالة عمر الأزمة.
إذا كان سؤال المنهاج ملحا في كل المراحل التاريخية والأحوال التي مرت بها الأمة الإسلامية سواء في حالة قوتها وعزتها، أو في حالة ضعفها وانحطاطها، فإنه اليوم أشد إلحاحا وراهنية خاصة في ظل التحولات العميقة التي شهدها وسيشهدها عالم اليوم، والإخفاقات والأزمات المتكررة للنموذج الحضاري الحداثي الغربي، والأسئلة الكبرى التي أصبح يطرحها عقلاء الإنسانية وفضلاؤها اليوم خاصة بعد وباء وجائحة فيروس كورونا: أي مستقبل للنظام العالمي؟ وأي نموذج معرفي بديل؟ وأي نمط حضاري وعمراني جديد؟ وأي تضامن وتكافل إنساني؟ وأية قيم جديدة؟ وأية أخلاق للمعرفة والبحث العلمي؟ …
إن العالم كله –اليوم-يبحث ويتساءل عن النموذج الحضاري الكفيل بانتشال الإنسان المعاصر من فقره وطغيانه، وبؤسه وعبثيته، والقادر على تحقيق “الخلاص الفردي والجماعي” للإنسانية جمعاء.
“ففي ظل هذا الواقع البشري الخطير الذي يستدعي التفكير الجدي في شروط، وموجبات العيش في العصر العالمي الذي سيمتد في مستقبل الحضارة البشرية بشكل واسع، وخاصة في
القرن الواحد والعشرين، يتثبت في الأذهان تساؤل مهم هو:
-كيف يساهم المنهج النبوي في حل الإشكال العالمي الراهن؟ وبعبارة أخرى: ماهي المساهمة التي سيقدمها المنهج النبوي في مجال البناء الحضاري الجديد؟”
-كيف يسهم المنهاج القرآني النبوي في تقديم الأجوبة عن أسئلة الإنسانية الحائرة بحداثتها، المتعبة باختراعاتها وسط ضوضاء العالم وجنونه؟
-ماهي وظيفة القرآن المجيد والسنة النبوية الكلية في البناء الإيماني والعمراني للأفراد والمؤسسات في الزمن الحديث؟ وكيف ذلك؟
-ما هو سر التربية النبوية التي خرج من مدرستها الرعيل الأول و”الجيل القرآني الفريد”، نخبة الإنسانية، عظماء الأمة؟ ما أصولها ومعالمها؟
-ماهي أسرار المنهاج القرآني النبوي وخصوصيته التي أثمرت أعمق وأوسع وأسرع وأبرك تغيير للعالم عرفته الإنسانية قديما وحديثا؟ وهل مازال –هذا المنهاج-صالحا لعصرنا الحديث، عصر العولمة والحداثة والثورة التكنولوجية والمعلوماتية؟
-وإذا كانت إعادة البناء اليوم على ذلك المنهاج ممكنة، بل مطلوبة، فكيف يتحقق ذلك؟ وما المنهاج العملي التفصيلي لتربية الفرد وإعداده، ولتحرير الأمة ونهضتها، ولإقامة الخلافة الراشدة الموعودة كنظام إنساني أخوي، ونموذج عمراني إيماني؟ …
-كيف نتعامل –على ضوء المنهاج القرآني النبوي-مع العصر ونقوم حركته، ونؤثر في مسالكه، ونعزز المشترك الإنساني، وندافع عن حقوق الإنسان وبيئته ومحيطه، وعلى رأسها حقه في معرفة ربه؟ وكيف نتعاون-إلى جانب الفضلاء-في حماية الإنسانية ومستقبلها؟
وإذا كانت أهمية المنهاج وضرورته، لم يعد يجادل فيها عاقل، فإن الإحساس بالمشكلة والأزمة المنهاجية لا يعني الفقه الدقيق بالطبيعة الربانية والخصوصية النبوية والمعاني الإيمانية للمنهاج، ولا الوعي الكامل بكل مقاصده وأبعاده وعناصره، ولا القدرة على اقتراح مشروع كلي عملي لتحقيق مطالبه، ولا امتلاك الإرادة لتمثل هذه المنهاج وتنزيله على كافة المستويات الذاتية والجماعية والعمرانية.

 2-أمة الشرعة والمنهاج

القرآن الكريم كلام الله تعالى المعجز، الغني في معانيه ودلالاته، الثمين في كنوزه وحقائقه. لا تنقضي عجائبه ومعارفه، ولا يتوقف نوره وعطاؤه مهما طال الدهر وبعد الزمان. قال الله سبحانه وتعالى “قل لوكان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا.”[5]وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الحكمة الربانية، والهداية النورانية، والأسوة الكاملة الخالدة، والمحجة البيضاء الواضحة …وفيهما الحق والخير والسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.

كتاب الله المجيد وسنة المصطفى الأكرم بين يدي المسلمين وفي صدورهم لكن لا يتدبرون بلاغاتهما، ولا يبصرون حقائقهما، ولا يعيشون في ظلالهما، ولا يهتدون بهما في حياتهم الفردية والجماعية والعمرانية…يقول الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله : “فهذا كتاب الله بين أيدينا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم متألقة في الصحائف وفي ضمائرنا، وفيهما الحق كله، فكيف نفعل لنترجم الكتاب والسنة برنامجا عمليا يحيي العبد بالإيمان ويحيي الأمة المخاطبة في القرآن  بياأيها الذين أمنوا حتى تلبي هذا الخطاب، وتنفذ ما يأتي بعده في آيات الله من أوامر إلهية تريد منا الطاعة لله والإتباع لرسوله لا الانهزام أمام الطاغوت، تعدنا إن أطعنا الله واتبعنا رسوله أن نكون أئمة الأرض ؟ “[6]

ونحن في “هذه الأزمنة الحديثة” أحوج ما نكون إلى قرآن حي يقود الفكر والعمل، ويوجه الحياة، ويواكب الإنسانية في مسيرتها التاريخية والوجودية، ويبني الشخصية المؤمنة المتوازنة قلبا وعقلا وحركة، والمجتمع المسلم عدلا وإحسانا وصلاحا، والعالم الإنساني أخوة ورحمة وعمرانا، ويستمد منه الأجوبة الشافية عن أسئلة العصر الكبرى، ويستلهم منه المنهاج الرباني الكلي الكفيل بالهداية للصراط الأقوم، والسبيل الأسلم…

كانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته، وفعله وقوله بيانا نموذجيا، وتجسيدا عمليا، وتنزيلا واقعيا لقيم القرآن ومقاصده وهداياته في بناء الإنسان الصالح، والأمة الشاهدة، والعمران الراشد. وظلت السنة النبوية –بحق-التجلي المعصوم والخالد للمنهاج القرآني، والنموذج الكامل للتأسي والاقتداء للإنسانية في جميع مراحلها. وكانت الخلافة الراشدة المهدية الشهادة التاريخية بأن الإسلام قابل للتطبيق، وبأن دولة القرآن ليست مثالا حالما. يقول الإمام: “كان القرآن ينزل طريا مواكبا للمسيرة التاريخية موجها لها، هو العلم، وهو المنهاج، وهو البرنامج، وهو النور الهادي إلى صراط الله. وكانت نظرة العبد الرسول صلى الله عليه وسلم ونظرة أصحابه مجتمعة لا تشتت فيها.”[7]ويضيف” بالقرآن ابتنيت نفوس مؤمنة، ومجتمع مؤمن وحركة في العالم إيمانية. بالقرآن عرف أهل القرآن الله عز وجل، وبه استناروا في سلوكهم النفسي ومعراجهم الروحي في معارج الإيمان. وبالقرآن كانوا القوة التي حطمت باطل الشرك، وبه أقاموا العدل…فكيف نعود ونتخذ القرآن إماما، وكيف نجتمع عليه علما وعملا، وكيف ننظم به ما بيننا. “[8]وإعادة البناء على ذلك المنهاج ممكنة، بل موعودة مؤكدة.

المنهاج القرآني النبوي ثاو في ثنايا القرآن العظيم –المحفوظ بحفظ الله منذ عهد التنزيل-مكنون في سوره وآياته، وأوامره ونواهيه، وأحكامه وتشريعاته، ومواعظه وأمثاله، وقصصه وأخباره، ووعده ووعيده، وبشارته ونذارته، ومضامينه وقضاياه…فهو كتاب كريم ذو عطاء دائم متجدد تنكشف مكنوناته عبر الزمن للمطهرين صحبة وذكرا، الراسخين علما وإيمانا، المجاهدين استمدادا واستنطاقا، قال الله عز وجل:” فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم، إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون”[9]

“فالقرآن الكريم كتاب مكنون، وهو يتكشف عبر العصور عن مكنوناته؛ ليستوعب مشكلات وقضايا العصور-كلها-وبحسب سقوفها المعرفية وعلى اختلاف أنساقها الثقافية والحضارية، فهو مصدق ومهيمن ومستوعب ومتجاوز، وفي استيعابه يستطيع أن يستوعب الكون وحركته، والعالم وأزماته وإشكالاته؛ وليقوم القرآن بذلك لابد لتاليه من التطهر والتدبر،”[10] ليتمكن من اكتشاف المنهاجية القرآنية الكلية الكامنة فيه، والتي قد تحجبها الغفلة، أو الأنانية، أو التقليد، أو كثلة كثيفة من الشروح والآراء والاجتهادات المظروفة بزمانها، والمستجيبة لمقتضيات واقعها.

“والتبصر في المنهج القرآني الكلي يدفع بنا عميقا إلى المكنونات، ويكشف لنا أن الكيفية التي فهم بها القرآن في مرحلة تاريخية معينة لا تعني أن الفهم كان خاطئا بالقياس إلى تلك المرحلة. فذلك حظهم من القرآن ضمن خصائص واقعهم وأبعاده التاريخية…ولكن الخطأ في تطبيق مفهومية التجربة السلفية على خصائص واقع مغاير بأبعاد تاريخية مغايرة. وتحسبا لهذه المتغيرات التاريخية في الواقع، مع بقاء القرآن كما هو مستمرا وخالدا. فقد جعل الله (المنهج) مرادفا للقدوة النبوية…وجعل النفاذ إلى المكنون بالمنهج هو البديل من الفهم السلفي للقرآن”[11]

هذا المنهاج القرآني الجامع بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وحاله وهديه تصديقا لقوله تعالى: “وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم”[12]، وجسده سلوكا إيمانيا معاشا، وعملا بنائيا ميدانيا، ومسيرة جهادية متنوعة.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ البعثة إلى انتقاله للرفيق الأعلى يؤسس للمنهاج النبوي، ويبين معالمه، ويوضح أصوله ومقاصده علما وعملا، فقها وحالا، فردا وجماعة، إنسانا وعمرانا، عدلا وإحسانا…ويربي الصحابة رضي الله عنهم عليه صحبة وجماعة، ذكرا وعبادة، صدقا وتصديقا، بذلا وعطاء، علما وتعليما، سمتا حسنا ونموذجا جذابا، تؤدة وصبرا، اقتصادا وعدلا، جهادا واقتحاما.

ونظم رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه جماعة المؤمنين، وربط بين قلوب أعضائها بالمحبة في الله عز وجل، والتناصح والشورى، والطاعة للقيادة. وقاد الجهاد بصبر وثبات ومدافعة وإعداد وتوكل ويقين في نصر الله عز وجل، واتخاذ لكافة الأسباب الشرعية من تخطيط وإعداد ووسائل…حتى نصره الله؛ فبنى أمة الشهادة، وأسس دولة القرآن ومجتمع العمران الأخوي، وصنع تاريخا جديدا ليس للعرب والمسلمين فقط، بل للإنسانية جمعاء.

وبهذا شكلت السنة والسيرة النبوية المطهرة النموذج والقدوة للفرد والأمة في تحويل النظرية إلى ممارسة، والمبادئ إلى برامج، والقيم إلى منهاج، والمثال إلى واقع…وأضحت الناظم المنهجي والمعيار العملي لتنزيل مقاصد القرآن وأحكامه وأخلاقه على النفوس والمجتمعات والأنظمة، والإطار المرجعي للسلوك الإحساني، والبلاغ الدعوي، والفعل الإصلاحي، والبناء العمراني في الواقع الإنساني. قال الله تعالى:” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.”[13]

أصحاب التأسي هم أهل الصحبة والذكر والصدق وابتغاء ما عند الله.

الاتباع الكامل والاقتداء الجامع يكون في جزئيات الأمر وكلياته، في الأخلاق الظاهرة والباطنة، في الشأن العام والخاص، في تربية المؤمنين والمؤمنات وتنظيمهم ومؤاخاتهم ومدافعة الباطل واقتحام معاقله…مع مراعاة متغيرات الواقع الحالي ومقتضياته وأحواله وعوائده، دون تقليد جامد، أو استنساخ ساذج، أو محاكاة شكلية، أو عجز” عن امتلاك القدرة على وضع الحاضر، بظروفه، ومشكلاته، واستطاعاته، في موقعه المناسب، من مسيرة السيرة، ليشكل لها المنهج النبوي، عطاء وسدادا للمسيرة، في كل الحالات والظروف التي تمر بها…ان مشاريع النهوض المأمولة، إذا لم تحسن الإفادة من المنهج النبوي، في التغيير والبناء الحضاري، وتصبح قادرة على وضع الحاضر في موقعه المناسب، من مسيرة المنهج النبوي، سوف تفتقد بصيرتها، وتفتقد مرجعيتها، وتفتقد مركز الرؤية، الذي يمكنها من حسن التعامل مع أنموذجها في القدوة”[14]. وحسن التمثل والإفادة من النموذج النبوي يحتاج إلى فقه إيماني حركي مقاصدي، ونظر كلي مصلحي تجديدي، وفهم نبوي متوازن يعيد سيرة زمن التنزيل على مستوى المبادئ والكليات والثوابت مع الاجتهاد في تنزيلها على أحوالنا وظروفنا وزماننا…

” وبهذا الفهم الواسع المتحرك للسنة يمكننا أن نتجاوز ضيق من يفهم السنة تكرارا حرفيا تعبديا للشكل، تكرارا يضيع معه ومن جرائه روح السنة وأهدافها. فما كان من السنة تعبدا من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته ثوابت لا يجوز عليها التحويل. وما كان منها سلوكا سياسيا ومعالجة لحياة الناس وسياسة للمال والجهاد دخل في حيز الصناعة التي تستقي الحكمة من معين الوحي والنبوة، والحكمة العملية من خبرة التاريخ.”[15]

هذه القراءة الجامعة للسنة والسيرة المطهرة تتيح لنا الفهم الكلي للسنة النبوية والإفادة منها في حياتنا التربوية والعلمية والدعوية والجهادية والعمرانية…وتكشف عن رؤية جديدة متجددة متكاملة عملية في السلوك والتقرب من الله عز وجل طلبا لوجهه ومرضاته، وفي بناء مجتمع العمران الأخوي، وتحقيق الشهود الإيماني والحضاري للأمة في العالم المعاصر.  وعندما “نتخذها (أي السنة) دليلا، ونموذجا للسلوك، ومرجعا لاستنباط فقه الحركة والجهاد، كفيلة أن ترفعنا إلى حيث نستطيع الإجابة عن كل التحديات”[16]

3-انتقاض عرى المنهاج:

ورث الصحابة رضي الله عنهم الهدي النبوي كاملا فاعلا عمليا؛ لأنهم شهدوا التنزيل والوحي الإلهي يسدد مسيرتهم، وعاينوا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وصحبوه وعاشروه حتى كان أحب إليهم من أنفسهم وأهليهم، وأخذوا عنه الإيمان والعلم والجهاد، وعاصروا سيرته عليه السلام وتتبعوا أحوالها ودقائقها، وتشبعوا بهديها وأنوارها، وفهموا مقاصدها وغاياتها، وتمثلوا المنهاج النبوي علما وفقها، فهما وتنزيلا، تحملا وأداء، نصا واجتهادا، عبادة ونظاما، دعوة ودولة.

كان الخلفاء الراشدون والصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعا مثالا رائعا في التأسي والاقتداء بالنبوة، والبناء على هديها في التربية والدعوة والجهاد…مع الاجتهاد في الحوادث والنوازل الطارئة الفردية والجماعية بنظر مصلحي واقعي أصيل، وعقل مقاصدي مبدع سديد، واجتهاد كلي جماعي رشيد…كانت الطريقة واضحة أمامهم، فساروا على سنن هذه المحجة البيضاء اللاحبة، وبدأوا يمارسون “مسؤوليتهم على ضوء الثوابت الإلهية، لأول مرة؛ فعلموا وتعثروا. طبقوا ما كانوا تلقوه من وحي، واجتهدوا بما لم يأت به خبر السماء، فأصابوا في معظم الأحيان وأخفقوا في أقلها وهم في كلا الحالتين ماضون في طريقهم الصاعد، محدقين في المستقبل بأعين ملأتها آيات الحكم المبين…”[1]

ثم ما لبثت تلك الطريقة الواضحة الناهجة أن تعتمت وتجزأت؛ أول ما تعتم منها الحكم بتحوله من خلافة راشدة على منهاج النبوة إلى ملك عضوض وراثي كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الخلافة الذي رواه الإمام أحمد بسند صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: “تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة. ثم سكت.” وتوالى التعتيم والتشويش والتمزيق حتى ضاعت المحجة البيضاء، وانحرفت الأمة –تدريجيا – عن الجادة والسنة الكاملة.

أصيب البناء النبوي الراشدي بأول نقض له بتحول الحكم من شورى وعدل وإحسان إلى استبداد وظلم وقهر وتنازع على الدنيا؛ فكانت هذه هي الصدمة الأولى التي هزت البناء وزعزعته، وجعلت فيه شروخا وأنكاثا كما أخبر بذلك الصادق المصدوق في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والطبراني بسند حسن عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبت الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة”

كانت النتيجة الطبيعية لهذا التحول والانكسار أن تجزأ وتفرق المنهاج النبوي –الذي كان كاملا مجموعا في عهد النبوة والخلافة الراشدة كما سبقت الإشارة إلى ذلك-بتفرق المسلمين إلى طوائف (أهل السنة والجماعة، الخوارج، الشيعة،…) ومذاهب (أهل الحديث، الفقهاء، الصوفية، السلفية،…) وبتجزؤ العلم (علم الكلام، الفقه، السلوك، الأصول،…) وبانفصال الدعوة عن الدولة، والقرآن عن السلطان، بل إن التجزؤ أصاب حتى شخصية الفرد (العقل، القلب، العمل…)، يقول الأستاذ ياسين:” ذهبت الشورى مع ذهاب الخلافة الراشدة، ذهب العدل، ذهب الإحسان، جاء الاستبداد مع بني أمية، ومع القرون استفحل، واحتل الأرض، واحتل العقول…واغتيل الرأي الحر، وسد باب الاجتهاد. وفي ظلها وفي خفاء الصراعات تكونت المذاهب الدساسة، وتمزقت الأمة سنة وشيعة، وتشتت العلم مزعا متخصصة عاجز فيها أصحاب التخصص عن النظرة الشاملة. لا يجسر أحد على بسط منهاج السنة والقرآن مخافة السلطان”[2].

“كانت صفين مدخلا للانتقال من منظومة أخلاقية هي قيم التعاقد السياسي الإسلامية، إلى منظومة قيمية مغايرة تماما هي قيم التملك والقهر، الانتقال من “جو المدينة” إلى “جو دمشق” حسب تعبير مالك بن نبي. فلم يكن انتقال مركز الدولة الإسلامية من المدينة إلى دمشق انتقالا جغرافيا فحسب، بل كان تحولا أخلاقيا شاملا من قيم الخلافة إلى قيم الملك…

ولم تكن صفين مجرد شقاق سياسي أو وقعة عسكرية، بل كانت صدعا في جدار الأمة الإسلامية، وشرخا في قلبها، ظل يتسع على مر القرون حتى أودى بها في نهاية المطاف”[3]

لقد مثل هذا التراجع عن المنهاج النبوي الراشد في الحكم بداية التحلل والنقض في عرى المنهاج ومعاقده وأصوله وخصاله. ومنذ تلك اللحظة التاريخية المفصلية بدأت الأمة تبتعد عنه تدريجيا-وإن استمرت في الإنتاج العلمي والعطاء الحضاري ونشر الإسلام وتوسيع الفتوحات-وتنحرف عن جادته، ومع مرور الزمن كبر هذا الانحراف واستفحل، وتعتم ذلك الطريق الناهج، والسبيل القاصد، وتنكبت عنه الأمة وتخلت؛ فتحولت إلى أمة غثائية ضعيفة، مهانة ذليلة، قصعة للآكلين كما أخبر بذلك الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود والإمام أحمد بسند صحيح:” يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها‍‍!  فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ فقــــال صــلى الله عليه وسلم: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن! قال قائل: يا رسول الله ‍‍‌ وما الوهن؟ قال صلى الله عليه وسلم: حب الدنيا وكراهية الموت”.

ومنذ ذلك الحين – وطوال تاريخنا الفتنوي – عاشت الأمة وماتزال أزمة منهاج؛[4] أزمة عقل ونقل وإرادة. أزمة تلقي وفهم وتطبيق. واستمرت هذه الأزمة تتسع يوما بعد يوم، والسوس ينخر البناء رويدا رويدا، والتمزق يتضاعف حتى انحطت أمة الشرعة والمنهاج وتقهقرت، وأصابها وهن الغثائية وداء الأمم؛ فتكونت لديها القابلية للاستعمار والتبعية، والرضى بالمهانة والدونية…

وعندما اشتدت الأزمة بالأمة من كل جوانبها، كأنها ظلمات بعضها فوق بعض، نهض علماؤها ومصلحوها ومفكروها للإجابة عن السؤال العريض الذي طرح منذ فكر النهضة “لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟”. تعددت وتناقضت المدارس والاتجاهات المجيبة عن هذه الإشكالية، فمن فكر “المقاربات” إلى فكر ” المقارنات” إلى فكر” الحداثة” إلى مشروع “أسلمة المعرفة”…ومن تجارب “الحركات اليسارية” إلى تجارب ” الحركات القومية” إلى تجارب ” الدولة الوطنية” إلى تجارب “الحركات الإسلامية” إلى تجارب “الثورات العربية”…

إذا كانت أغلب الدراسات ومشاريع النهوض والتقدم تجمع أن الأمة تعيش أزمة، فقد اختلفت في تحديد طبيعتها (عقدية، فكرية، تربوية، سياسية، حضارية…) والأسباب والعوامل التي أدت إليها، ومن ثمة طبيعة المشروع المنشود: مرجعتيه، أهدافه، أولوياته، وسائله… فلم تقد هذه الجهود والطاقات والتضحيات إلى الخروج من الأزمة، بل عمقتها. والقليل من هذه الاجتهادات من بحث في السؤال العريض العميق المؤسس “سؤال المنهاج”.

4-الأهمية الوظيفية للمنهاج النبوي

إن الحاجة ماسة اليوم، أشد من أي وقت مضى، خاصة بعد تجارب الحركات الإسلامية المتنوعة ومشاريع الإصلاح والنهضة المتعددة والتحولات الهائلة التي عرفها عالم اليوم، إلى اللجوء للمنهاج القرآني النبوي الكامل الخالد المتجدد – المكنون في الكتاب المجيد والثاوي في السنة المطهرة-واتباع محجته البيضاء الواضحة، والتأسي بهداياته المنيرة المستقيمة، وتجديد بلاغاته البينة المبينة، وإحياء رسالاته الرحيمة في واقعنا الفتنوي، وتحقيق مناطاته الخاصة والعامة حالا ومآلا. ولن يتحقق كل هذا إلا عن طريق:

– اكتشاف أصول المنهاج ومقاصده، خصوصيته وأسراره في التربية الإحسانية، وشروط السلوك الإيماني وخصاله وشعبه؛

-قراءة مفرداته وعناصره بفقه إيماني كلي متجدد، وبنظر مقاصدي حركي مسدد، يتجاوز النظرة الجزئية الضيقة لبعض الفروع الشرعية والأحكام التفصيلية إلى الفهم الشمولي للإسلام الذي يضع كل منها-أي الأحكام الجزئية-موضعها في البنية الإسلامية السليمة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعالميا[5]

-صياغته في رؤية كلية علمية وعملية شاملة تجلي مقاصد الوحي (القرآن والسنة) ومطالبه في نسقية ناظمة لكل جزئيات الدين (العبادية، الأخلاقية، الاجتماعية، الاقتصادية…)، وجامعة لمقاماته الثلاث (الإسلام، الإيمان، والإحسان) حتى يسلك جيل الصحوة الإسلامية مسلك الإيمان والإحسان والجهاد تماما كما سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من قبل.

-صياغته في خطاب شمولي واضح ومعاصر يجيب عن أسئلة وقضايا الواقع الإنساني الراهن بظروفه وإكراهاته ومطالبه وتحولاته، ويرسم مسارا ممكنا للمستقبل عبر عقبات ومنعرجات   الواقع المحلي والعالمي، ويقدم رؤية واضحة لأهداف الإسلام في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحضارية وفي كل الميادين؛

-تنزيله في مشروع جماعي جهادي، وبرنامج عملي مفصل متدرج يحدد الأهداف والمقاصد بدقة وبصيرة، ويرتب المراحل اللازمة للوصول إلى الأهداف بعلم وحكمة، ويستحضر الوسائل الموصلة إليها بوعي ومرونة، ويراعي ما يقتضيه التنزيل والتطبيق من تدرج وصبر وتعبئة، وتوحيد للجهود، وإشراك للجميع في عملية التغيير والبناء؛

نحتاج اليوم لمنهاج إيماني كلي بنائي، يستمد أصالته من القراءة الجامعة المتوازنة للوحي المسطور والكون المنشور، ومن الدراسة الواعية المتفحصة للتراث الإسلامي دون جمود أو جحود. وينفتح أفقه باستيعاب السقف العلمي والحضاري للعصر دون تغريب أو تلفيق، وينمي كفاءته بالتجربة والممارسة العملية والاستفادة من الخبرات الإنسانية النافعة.

تحتاج الأمة والإنسانية إلى منهاج قرآني في مرجعيته، نبوي في محجته، مستقيم في طريقته، رباني في وجهته، فطري في طبيعته، إنساني في مضمونه، إحساني في غايته، استخلافي في مقصده، نسقي في صياغته، حكيم في عرضه، رحيم في نهجه، واقعي في طرحه، اقتحامي في تنزيله، مبدع في أساليبه، مرن في وسائله.

منهاج يضع العمل الإسلامي والحركي في نسق منتظم يرتب الوسائل لتبلغ الأهداف، ويرتب المراحل والأولويات، ويترك في حسابه مكانا للمرونة عند الطارئ المفاجئ والضرورة الغالبة، ويساعد على الرؤية الواضحة للأحداث والتحولات ومساراتها، واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وبالشكل المناسب وإلا تعرض العمل للفشل أو الاضطراب أو التخبط، ويعالج كل القضايا بشمولية وعمق واستيعاب لكل جوانبها ومؤثراتها.

منهاج يوجه الحركة اليومية، ويرشد العمل الميداني ليكون نافعا يشق الطريق إلى العمل، قاصدا يبتعد عن التخبط والزلل، وبانيا يستشرف المستقبل. ويجعل كل خطوة ميدانية تسير بنا على درب العمل الجهادي الكلي مما يساهم في تكوين القوة الفعالة في التغيير، ويقوي تياره، ويوسع مجاله، ويحقق أهدافه، “لأن العمل الميداني إن لم يدخل في خطة محكمة لها وجهة مدروسة، وغاية معروفة، وأهداف مرحلية وقسمة للمهام بين فئات جند الله، لن يؤدي لتأليف قوة التغيير المرجوة وإن انتهى إلى تكوين تكتل ذي حجم”[6]

منهاج يستوفي شروط اليقظة المطلوبة والقومة المرغوبة في كل عمل تجديدي كامل، ينظر لحركة الإسلام المنبعث في الزمن الراهن، ويخطط لهندسة التربية والتنظيم والزحف والبناء، ويطمح لإحداث تغيير جذري عميق وواسع في الأنفس والآفاق، وصناعة تاريخ جديد، ونمط حضاري رشيد، ينتشل الإنسان من بؤسه وفقره، وطغيانه واستكباره، وعبثيته واضطرابه، إلى رحابة العيش الكريم، والحرية المضمونة، والعدالة المكفولة، والأخوة الحانية، والدعوة الرحيمة في ظل خلافة راشدة مهدية يرضى عنها ساكن الأرض وساكن السماء.

خاتمة

المنهاج شرعه الله تعالى، وبينته السنة النبوية، ونزلته السيرة العطرة، وسار على هديه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ويكتشفه ويحيه وراث النبوة وأمناء الرسالة بعدما جزأه وفرقه سوط العض والجبر، وطوق التقليد والجمود.

والمنهاج القرآني النبوي الكامل في التربية والبناء، الجامع في الفقه والفهم، والشامل في الدعوة والجهاد، تحتاج الأمة الإسلامية –بل الإنسانية جمعاء-إلى اكتشافه وفقهه وتمثله والتربية عليه والدعوة إليه. “فالمسلمون بحاجة اليوم لاكتشاف المنهاج النبوي كي يسلكوا طريق الإيمان والجهاد إلى الغاية الإحسانية التي تعني مصيرهم الفردي عند الله في دار الآخرة، وإلى الغاية الاستخلافية التي ندبوا إليها ووعدوا بها متى سلكوا على المنهاج واستكملوا الشروط.”[7]“إلا أن اكتشاف نموذجية الرسول وصحبه واكتشاف المحجة البيضاء ما اختلف فيه وعجز عنه المسلمون إلا لقصورهم في آلة البحث والاستكشاف”[8]

 


[1]سورة الإسراء: 9.

[2]سورة الجن: 2.

[3] ملكاوي، فتحي حسن، منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي فرجينيا، طبعة خاصة بالمغرب، طوب بريس الرباط، 2012، ص 63

[4] برغوث عبد العزيز بن المبارك، المنهج النبوي والتغيير الحضاري، كتاب الأمة، ع43، طبعة خاصة بالمغرب، 1995، ص 82.

[5] سورة الكهف: 104.

[6] ياسين، عبد السلام، المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا، ط 3، 1994، ص 12.

[7] ياسين، عبد السلام، القرآن والنبوة، دار لبنان بيروت، ط1، 2010، ص 13.

[8] ياسين، عبد السلام، القرآن والنبوة، ص 14-16 بتصرف شديد.

[9] سورة الواقعة: 82.

[10] العلواني، طه جابر، أفلا يتدبرون القرآن؟ معالم منهجية في التدبر والتدبير، دار السلام، ط1، 2010، ص 13.

[11] حاج حمد، محمد أبو القاسم، العالمية الإسلامية الثانية جدلية الغيب والإنسان والطبيعة، دار الساقي، ط3، ص707.

[12] سورة النحل: 44.

[13] سورة الأحزاب: 21.

[14] عبيد حسنة، عمر، من فقه التغيير ملامح من المنهج النبوي، م الإسلامي بيروت، ط 1، 1995، ص8.

[15] ياسين، عبد السلام، مقدمات لمستقبل الإسلام، مطبعة الخليج العربي تطوان، ط 1، 2005، ص 25-26.

[16] المنهاج النبوي، ص 213.

[1] الوزير، زيد بن علي، الفردية، مركز التراث والبحوث اليمني، ط1، 2000، ص114

[2] ياسين، عبد السلام، نظرات في الفقه والتاريخ، مطبعة فضالة المحمدية، ط 1، 1989، ص 10

[3] الشنقيطي، محمد المختار، الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية، من الفتنة الكبرى إلى الربيع العربي، منتدى العلاقات العربية والدولية قطر، ط 2، 2019، ص 67 بتصرف شديد. سنتطرق في المقال المقبل “أزمة منهاج” لطبيعة هذه الأزمة وأسبابها وجذورها وعلاجها بإذن الله.[4]

[5] مجلة الجماعة، ع4، ص51.

[6] المنهاج النبوي، ص217.

[7] المنهاج النبوي، ص 11.

[8] ياسين، عبد السلام، الإسلام غدا، مطابع النجاح الدار البيضاء، 1973، ص 775.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.