منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

العادلُ المُستَبِدّ

العادلُ المُستَبِدّ / الدكتور ياسر العيتي

0

العادلُ المُستَبِدّ

الدكتور ياسر العيتي

 

الاستبدادُ والظّلمُ والجور والطّغيانُ كلّها مُترادفاتٌ لمعنىً واحدٍ هو: تجاوزُ الحدّ.

والحدُّ هنا هو القانونُ الّذي ترتَضيه جماعةٌ من البشر، تعيشُ على مساحةٍ من الأرض ضمن دولةٍ. ويسمّى الحاكمُ مستبداً أو ظالماً أو جائراً أو طاغيةً عندما يتجاوز الحدّ، أيْ عندما يتجاوز القانون؛ لأنّه يعتبرُ نفسَه فوق منزلة البشر الّذين يخضعون لهذا القانون.

وبما أنّ اللهَ خلقَ البشر متساويين في المنزلةِ والكرامةِ (ولقد كرَّمْنا بني آدم)  فالشّعب الّذي يرتضي أن يكون حكّامه فوق القانون لأنّهم يعتبرون أنفسَهم فوق منزلةِ البشر هو شعبٌ ارتضى لنفسِه أن يكون تحت منزلة البشر، أيْ تنازل عن الكرامة الإنسانيّة الّتي ميّزه الله بها عن بقيّة المخلوقات وأصبح شعباً بلا كرامة.

والشّعب الذي فقَد كرامتَه سيفقدُ مع الوقت كلّ شيءٍ، لأنّ العبدَ لا يكِرُّ ولا يفِرُّ لا في ساحةِ فكرٍ وإبداعٍ ولا في ساحة وغىً وذَودٍ عن الوطن.

نعم نحن بحاجةٍ إلى قائدٍ حازمٍ لكنّ الحزمَ غير الاستبداد، ومقولةُ: لا يصلحُ حالُنا إلّا عادلٌ مستبدٌّ، مقولةٌ فاسدةٌ لأنّ العدلَ والاستبدادَ نقيضان لا يجتمعان.

ما يصلحُ حالُنا هو دولةُ قانونٍ يحكمها عادلٌ حازمٌ، حازمٌ في تطبيق القانون، وعلى نفسِه قبلَ الآخرين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.