منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

هل السنجاب حلال أم حرام؟| سلسلة يسألونك

هل السنجاب حلال أم حرام؟| سلسلة يسألونك/ الأستاذ بنطاهر التناني السوسي

0

هل السنجاب حلال أم حرام؟| سلسلة يسألونك

بقلم:الشيخ بنطاهر التناني السوسي

نص السؤال

هل صحيح أن السنجاب أو اليربوع الذي يسمى بالسوسية: (أنزيض) يحرم أكله فقد سمعت شيخا مغربيا قطع بحرمته لكونه من الفأريات؟ أريد من فضيلتكم جوابا مقنعا في المسألة وفق المذهب المالكي”.

نص الجواب

الجواب والله الموفق للصواب:

ورد في السؤال “السنجاب أو اليربوع” ويوجد الفرق بينهما:

1) اليربوع أو الجربوع؛ هو: حيوان من فصيلة القوارض الثدييات الليلية ومن ذوات الكروش يجتر كما تجتر الشاة(1)، يعيش في البراري الصحراوية ويوجد في أغلب البلدان العربية ينشط في الليل للبحث عن طعامه ويتغذى على النباتات؛ قال الزرقاني: “دويبة نحو الفأرة، لكن ذنبه وأذناه أطول منها، ورجلاه أطول من يديه”(2)؛ وهذه صورته: (رقم 1).

 

2) السنجاب: ويسمى في سوس “أنزيض” أو “أكبور”: حيوان من فصيلة القوارض الثدييات ينشط في النهار ومن ذوات الكروش يجتر كما تجتر الشاة، يتسلّق الأشجار والصخور ويتغذى على النباتات والأشجار وخصوصا حبات شجر اللوز والأركان المعروف في سوس؛ وهذه صورته: (رقم 2).

 

● أما اليربوع؛ فقد اختلف العلماء في حكم أكله على قولين:

• القول الأول: ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز أكله إذا ذبح بذكاة شرعية(3)؛ قال الإمام مالك: “ولا بأس بأكل ‌اليربوع… إذا ذُكي”(4)، وقال الرجراجي: “أما ‌اليربوع والفنفذ والضب؛ فلا خلاف أعلمه في المذهب في جواز أكلها؛ وذكاتها كذكاة الحيوانات المألوفة”(5)؛ وحجتهم: الاستصحاب، ومذهب الصحابي:

أما الاستصحاب؛ فلأن الأصل في الأشياء الإباحة ولا يحرم شيء إلا بالدليل؛ والحلال هو القاعدة والأصل، والحرام مستثنى؛ قال الله تعالى: {قُل ‌لَّآ ‌أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٖ يَطۡعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيۡتَةً أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا أَوۡ لَحۡمَ خِنزِيرٖ فَإِنَّهُۥ رِجۡسٌ أَوۡ فِسۡقًا أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ}(6).

وأما مذهب الصحابي؛ فما روى الإمام مالك عن أبي الزبير(7): أن عمر رضي الله عنه «قضى… في ‌اليربوع بجفرة(8)»(9)؛ أي: في صيد المحرم بالحاج والعمرة إياه؛ وهذا يدل على أنه صيد مأكول من الطيبات يصطاده المسلمون ويأكلونه(10)؛ ولم ينههم سيدنا عمر عن ذلك وبمحضر الصحابة ولم ينكروا عليه.

• القول الثاني: ذهب الحنفية إلى تحريم اليربوع؛ معللين ذلك بأن الطباع السليمة تستخبثه(11)، فيدخل تحت قوله تعالى في وصف النبيﷺ: {وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ‌ٱلۡخَبَٰٓئِثَ}(12)، ولأنه ‌ينهش ‌بنابه فأشبه الفيران(13).

أما كونه من الخبائث فغير سليم؛ لأن المعيار الفاصل غالبا بين الطيبات والخبائث من الحيوانات هي عيشها؛ فما كان منها يقتات على النجاسات والقذورات صار من الخبائث التي تعافها النفوس وما كان يقتات على النباتات صار من الطيبات(14) التي تطيب بها النفوس

أما كونه ‌ينهش ‌بنابه فأشبه الفيران؛ فهو قياس مع الفارق؛ وإنما حرمت الفيران لأنها تقتات على النجاسات والقذورات(15) وغالبا ما تعيش في أنابيب الصرف الصحي؛ بينما اليربوع والسنجاب يتغذيان على النباتات وثمار الأشجار، وبعيش في الغابات؛ وعلاوة على هذا؛ فإن اليربوع ليس من ذوات الأنياب التي تنهش اللحوم، فالسّنَّان اللتان ينهش بهما ثمار الأشجار ليستا نابين؛ بل هما الثنيتان اللتان في مقدم الفم.

● وأما السنجاب؛ فيقاس في هذا على اليربوع؛ لكونهما معا من فصيلة القوارض الثدييات، وكلاهما يتغذى على النباتات وينهش بالثنيتين في مقدم الفم، وليس من ذوات الأنياب؛ قال ابن القاسم: “وكان مالك لا يرى بأسا بأكل القنفذ ‌واليربوع والضَّبِّ… وما أشبه ذلك… إذا ذكي”(16)؛ ومما يشبه ذلك السنجاب؛ وقد نص على هذا القياس الشيخ الجمل الشافعي بقوله: “ويحل أيضا ‌السنجاب وهو حيوان على حد اليربوع”(17)، وابن قدامة الحنبلي بقوله: “وأما ‌السنجاب…؛ فيحتمل أنه مباح؛ لأنه يشبه اليربوع، ومتى تردد بين الإباحة والتحريم، غلبت الإباحة؛ لأنها الأصل”(18).

• الخلاصة: اليربوع ومثله السنجاب المسمى بالشلحة السوسية “أنزيض” أو “اكبور” مباح الأكل إذا ذبح بذكاة شرعية؛ لأنه حيوان ثديي يأكل ثمار الأشجار وحبوب الزرع، وليس من ذوات الأنياب، ولا من الحيوانات التي تقتات على الخبائث والمستقذرات؛ وبهذا قال الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة؛ نعم قد يكون حراما أخذا بمذهب الحنفية إذا أثبت العلم التجريبي المتخصص في التغذية بأنه مضر بالصحة فيكون التحريم طارئا. والله أعلم وهو سبحانه الموفق للصواب.


الهامــــــــــــــــــش:

(1) المسالك في شرح موطأ مالك لابن العربي: (4/461)، وبداية المجتهد لابن رشد الحفيد: (2/126).
(2) شرح الزرقاني على الموطأ: (2/574).
(3) ينظر: التوضيح للشيخ خليل: (3/227)، والأم للإمام الشافعي: (2/265)، والمغني لابن قدامة: (9/412).
(4) التهذيب في اختصار المدونة للبرادعي: (2/25).
(5) مناهج التحصيل للرجراجي: (3/206).
(6) سورة الأنعام: (الآية: 146).
(7) الحديث منقطع؛ لأن أبا الزبير وهو محمد بن مسلم بن تَدْرُس الأسدي لم يدرك عمر؛ ولكن وصله عبد الرزاق في مصنفه: (4/401): (رقم: 8216) عن أبي الزبير عن جابر عن عمر.
(8) «‌بِجَفْرةٍ» بفتح الجيم وسكون الفاء؛ قال ابن الأثير في جامع الأصول (3/96): “الجفر: الذكر من أولاد المعز إذا بلغ أربعة أشهر، والأنثى: ‌جَفْرة”.
(9) الموطأ كتاب الحج: باب فدية ما أصيب من الطير والوحش: (رقم: 1562).
(10) المجموع شرح المهذب للنووي: (9/10).
(11) المبسوط للسرخسي: (11/255).
(12) سورة الأعراف: (الآية: 157).
(13) المغني لابن قدامة: (9/412).
(14) المجموع شرح المهذب للنووي: (9/10).
(15) الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية للعربي القروي: (ص282).
(16) المدونة لسحون: (1/450 و542).
(17) حاشية الجمل على شرح منهج الطلاب: (5/271).
(18) المغني لابن قدامة: (9/412).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.