هل علاج الأسنان خلال نهار رمضان يبطل الصوم؟|سلسلة يسألونك
الشيخ عبد الله بنطاهر التناني السوسي
هل علاج الأسنان خلال نهار رمضان يبطل الصوم؟|سلسلة يسألونك
الشيخ عبد الله بنطاهر التناني السوسي
*نص السؤال*
هل علاج الأسنان خلال نهار رمضان يبطل الصوم؟
*نص الجواب والله الموفق للصواب*
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.
كثيرا ما يسأل الناس عن هذه المسألة في رمضان، ولهذا ارتأيت الجواب عنها بشيء من التحصيل والتفصيل حسب المذهب المالكي بما يلي:
علاج الأسنان؛ سواء كان بوضع الدواء، أو بالخلع، أو بحشو الحفر، أو بجبر المكسور، أو بإزالة السوسة، أو بالتنظيف؛ ينقسم حكمه حسب المذهب المالكي إلى قسمين:
1) إذا استطاع الصائم أن يؤخر العلاج إلى الليل بلا مشقة؛ فذلك هو الأسلم والمطلوب؛ لأن المسلم ينبغي له ألا يقدم على أمر نهار رمضان يخشى منه فساد صومه، والإقدام على العلاج لغير ضرورة مكروه عند المالكية.
2) إذا لم يستطع نظرا لحدة المرض، أو لشدة الألم، أو لانعدام الطبيب ليلا، أو خوفا من حدوث مرض أو زيادته؛ جاز له أن يعالج أسنانه نهارا للضرورة؛ قال أشهب(د140ت204هـ): “إن خاف الضرر بتأخير التداوي به إلى الليل فلا بأس به”؛ بل يجب عليه علاجها إن خاف هلاكا أو شديد أذى؛ وفي هذه الحالة لا يخلو:
أ) إما أن يتأكد من عدم ابتلاع أي شيء من الدواء أو الماء أو أي شيء آخر؛ فهذا صيامه صحيح ولا شيء عليه؛ ولكن التأكد من هذا الأمر أمر صعب؛ لاختلاط الريق بالدواء والماء، ولغياب تركيز المريض بسبب ألم المرض وألم العلاج غالبا.
ب) إما أن يتأكد أنه قد ابتلع شيئا مما ذكر غلبة أو خطأ أو نسيانا؛ فهذا يجب عليه القضاء فقط؛ بناء على قاعدة المالكية في شرح قول رسول اللهﷺ: «مَن نَسِيَ وهو صائم، فأكلَ أو شربَ، فليُتمَّ صومه، فإِنما أطعَمهُ الله وسقاه» بسقوط الإثم لا بسقوط القضاء، والحديث أَخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعا (صحيح البخاري: كتاب الصوم: باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا، وصحيح مسلم: كتاب الصيام: باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر).
ج) إما أن يتأكد أنه قد ابتلع شيئا مما ذكر عمدا بعد التحكم فيه والقدرة على مجه وإسقاطه؛ فقد اختلف فيه المالكية؛ فالظاهر والمشهور: وجوب القضاء والكفارة عليه، وقيل: يجب عليه القضاء فقط؛ قياسا على هبوط الكُحْلِ نهارا إلى الجوف؛ وهو قول ضعيف عندهم؛ لأن القياس هنا مع الفارق؛ فهبوط الكحل ليس فيه وصول شيء من الخارج إلى الجوف بخلاف دواء حفر الأسنان.
د) إما أن يشك في ابتلاع شيء مما ذكر؛ فهذا يستحب له القضاء احتياطا؛ لاختلاف العلماء فيه؛ قال عبد الملك بن حبيب المالكي(ت238هـ): “يقضي لأن الدواء يصير إلى حلقه”، وقال أبو الوليد الباجي المالكي(ت474ه): “الذي عندي إن سلم فلا شيء عليه كالمضمضة”
والخلاصة من مختصر الشيخ خليل(ت776هـ) مخلوطا بالشرح الكبير: “وكره مداواة حفر فساد أصول الأسنان زمن الصوم وهو النهار ولا شيء عليه إن سلم، فإن ابتلع منه شيئا غلبة قضى، وإن تعمد كَفَّر إلا لخوف ضرر في تأخيره لليل بحدوث مرض أو زيادة أو شدة تألم، وإن لم يحدث منه مرض فلا تكره؛ بل يجب إن خاف هلاكا أو شدة أذى”
والله أعلم وهوسبحانه الموفق للصواب.
المراجع:
المنتقى شرح الموطإ لابي الوليد الباجي: (2/75 و76).
التاج والإكليل لمختصر خليل: (3/331) للمواق العبدري(ت897هـ).
مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: (2/415) للحطاب(ت954هـ).
شرح مختصر خليل: (2/243) للخرشي(ت1101هـ).
الشرح الكبير للدردير(ت1201هـ) مع حاشية الدسوقي(ت1230هـ): (1/ 517).
منح الجليل شرح مختصر خليل: (2/ 122) للشيخ عليش(ت1299هـ).