منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

أحاديث نبوية عن النساء

أحاديث نبوية عن النساء/الأستاذة حسنية الهلالي

0

أحاديث نبوية عن النساء

بقلم: الأستاذة حسنية الهيلالي

1-تقديم

     يكتسي موضوع المرأة وحقوق المرأة وحرية المرأة في عصرنا أهمية كبيرة. وتنظم له مؤتمرات وندوات على مختلف المستويات، وذلك بحسن أو سوء نية. وأصبحت التيارات اللادينية والتغريبية تنادي بتحرر المرأة من كل القيم الدينية والخلقية. ومما يشجع على هذا الانسلاخ: سلطة الإعلام والمنتديات والمؤسسات الدولية. وفي زعم الغرب أن المسلمين لم يستطيعوا أن يضعوا الحل المناسب لقضية المرأة. من أجل ذلك أحببتُ أن أسلط بعض الضوء على قضية المرأة في الإسلام من خلال جملة من الأحاديث النبوية الشريفة التي لا يملك المنصفون إلا أن يشيدوا بالمستوى المتقدم الذي أولاه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والدين الإسلامي الحنيف للمرأة.

2-ربط الخيرية بالإحسان للأهل عامة والمرأة خاصة

     كثير من الأحاديث النبوية جاءت تبين الخيرية للأمة تنبيها وتعليما وتحفيزا. فتارة ربط الرسول صلى الله عليه وسلم الخيرية بتعليم القرآن وتعلمه، وتارة بطول العمر وحسن العمل، وتارة بإكرام المرأة والرفق بها والإحسان إليها. من هذه الأحاديث في هذا الباب أقتصر على:

*عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خيارهم لنسائهم” [1] وقد ورد هذا الحديث بألفاظ أخرى متقاربة. كما وردت آثار أخرى يحث فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على إكرام المرأة ويحذر من إهانتها.

3-الوصية بالنساء

اشتهرت أحاديث نبوية كثيرة توصي بالنساء خيرا. وسجل التاريخ الإسلامي بمداد الفخر وصية الرسول الكريم بالنساء في خطبة حجة الوداع الخالدة. بل وحتى على فراش الموت كانت من آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم الوصية بالنساء.


*‫ عن عمرو بن الأحوص الجُشَمِيِّ رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوداع يقول بعد أنْ حَمِدَ الله تعالى وأثنى عليه، وذكَّر ووعظ، قال: (ألا واستوصُوا بالنساء خيرًا؛ فإنما هنَّ عَوانٍ عندكم، ليس تَملِكونَ منهن غير ذلك، إلا أن يأتِينَ بفاحشة مبيِّنة، فإنْ فعَلْنَ فاهجُروهنَّ في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرِّح، فإنْ أطعْنَكم فلا تبغُوا عليهن سبيلًا.)[2]

* عن علي بن أبي طَالِب رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: «كانَ آخِرُ كَلامِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حِينَ حَضَرَتْه الوَفاةُ وهو يُغَرغِرُ بِنفْسِه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الصَّلاةَ الصَّلاةَ، واتَّقوا اللهَ فِيما مَلَكَتْ أَيْمانُكم. أي: خافوا اللهَ في كُلِّ ما تَملِكُه أيدِيكُم من آدَمِيٍّ وَرقيقٍ أو حَيوانٍ وَأمْوالٍ؛ فاتَّقوا اللهَ فيهم بِحُسْنِ المعاملة والقِيامِ بما يَحتاجونَه، وعَدمِ إهْمالِهم، وعَدمِ التَّفريطِ في حَقِّهِم، ولا تُكلِّفوهم مَا لا يُطيقونَه. فما زال يَقولُها حتى ما يَفيضُ بها لِسانُه»، أي: ظَلَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُردِّدُ تلك الوَصيَّةَ تَأكيدًا وإسْماعًا لها فيمَنْ حَولَهُ حتى لم يَقدِرْ على أن يَتكَلَّمَ لما به من مَرضٍ وتَعبٍ.

4-حقوق النساء على الرجال

من بين الأحاديث النبوية الواردة في شأن النساء وحقوقهن أذكر:

عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حجة الوداع: (ألا إن لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا؛ فحقُّكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم مَن تَكرَهون، ولا يأذَنَّ في بيوتكم لمَن تَكرَهون، ألا وحقُّهن عليكم أن تُحسِنوا إليهنَّ في كِسوتِهنَّ وطعامِهن)[3]

عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن المرأة خلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها، فدارها تعش بها”[4]

يظهر من هذا الحديث أن الإسلام أعطى للمرأة عزا وكرامة لم تلق مثلهما أبدا، فبعد ذل وهوان أصبحت في كنف النبي صلى الله عليه وسلم ذات شأن عظيم.

5-تعليم المرأة وتأديبها

مثل عليه الصلاة وسلام النموذج الكامل في الاهتمام بالمرأة فقد أمر بتأديبها وتعليمها وعتقها فعن أنس رضي الله عنه:” كانت الأمَة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت.” أمة هي رمز لتواضع المرتبة وتأخذ بيد صاحب الدرجة والرعاية وتنطلق به. حقها في القداسة بحيث يسعى الإمام الأعظم بنفسه يده في يدها ليرفع عنها الظلم، هذا هو الفقه مباشرة وهذا هو الراعي في ممارسة مسؤوليته العامة.[5]

هذا الاهتمام الكبير والاحتضان النبوي العظيم أرجع للمرأة ثقتها بنفسها وبربها فأعطت لله وجاهدت وأمرت بالمعروف ونهت عن المنكر تقتفي أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفظت دينها وللزوج دينه وماله وولده. وأصبحت شريكة الرجل في شرع الله المنزل بميزان العدل لا ترجح كفة أحدهما على الآخر إلا بالتقوى.

6- التربية النبوية أثمرت امرأة راعية مسؤولة:

عن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها، أنها أتت النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك – واعلم نفسي لك الفداء – أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات ومقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم فى الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: ” هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه “؟ فقالوا:” يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا…”  فالتفت النبي – صلى الله عليه وسلم – إليها ثم قال:” انصرفي أيتها المرأة، واعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله “، فأدبرت المرأة وهى تهلل وتكبر استبشاراً.” [6]

هذا الحديث قمة في الأدب في الحضرة النبوية وفي طياته إرادة وعزيمة وهمة عالية تأمل المرأة من خلالها الصعود والترقي في أعلى الدرجات عند الله عز وجل وفي مقابل هذا الطلب جاء الرد النبوي الكريم الذي يثلج الصدر ويفرح القلب بعطاء الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم هذا الرد النبوي الذي من خلاله تعي المرأة مكانتها وقيمتها بنتا في بيت أبويها وزوجة وأما في بيتها، تعي أن سلوكها إلى الله عز وجل يكون عن طريق الإحسان إلى الوالدين إلى الزوج والأولاد… تعي أيضا أن الله أناطها بوظيفة تكمل وظيفة الرجل فتصبح بها راعية مسؤولة ألا وهي الحافظية.

إن التربية النبوية أثمرت نساء عالمات مثل أمنا عائشة المحدثة المكثرة التي تتقدم فتسامي أكثر الصحابة جمعا للسنة ورواية لها وحفظا وتعليما، أمنا عائشة المجاهدة الصابرة الآمرة بالمعروفة الناهية عن المنكر، أمنا عائشة الصغيرة التي كان يقف لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تشبع نهمها من الفرجة على الحبشة وهم يلعبون في المسجد، كما أثمرت نساء جريئات قويات في الحق فعن الحافظ أبي يعلى أن امرأة من قريش قامت إلى عمر بعد خطبته واعترضته قائلة:” يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم ؟” قال:” نعم…” قالت:” أما سمعت الله يقول:” وآتيتم إحداهن قنطارا…” قال عمر:” اللهم غفرا، كل الناس أفقه من عمر…” ثم رجع فركب المنبر فقال:” أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب” [7]

وأيضا من المؤمنات اللواتي تشربن التربية النبوية الحكيمة واللواتي يعتبرن قدوة تقتدي بها المرأة في عصرنا، السيدة صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم أخرج بن إسحاق أنها لجأت يوم أحد إلى حصن حسان بن ثابت شاعر المسلمين مع النساء والصبيان وحسان فمر يهودي يطوف بالحصن فطلبت المرأة الصالحة إلى الرجل الشاعر حسان أن ينزل إلى اليهودي قال حسان:” يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا…؟” قالت صفية:” فلما قال لي ذلك ولم أجد عنده شيئا احتجزت (شددت وسطي) ثم أخذت عمودا فضربته بالعمود حتى قتلته فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن قلت:” يا حسان انزل فاستلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل فقال:” ما لي حاجة بسلبه يا ابنة عبد المطلب” فكانت أول مؤمنة قتلت عدوا في الإسلام.

7-خاتمة

عاشت المرأة في أوج عزها وكرامتها في العهد النبوي والخلافة الراشدة لكن بعد الانكسار التاريخي انحطت بانحطاط المسلمين وتدهور نظام الحكم وتردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغياب العدل وافتراق السلطان عن القرآن، ولا رجوع لهذه العزة إلا بالرجوع إلى الأصل وهو الرجوع إلى الله عز وجل، ولا يصلح حال المرأة إلا بما صلح أولها.


[1] حسن رواه أبو داوود والترمذي والدارمي وأحمد

[2] رواه الترميذي وقال قال حديث حسن صحيح

[3] رواه الترميذي

[4]  صحيح الترغيب، رقم الحديث 1926

[5] تنوير المؤمنات الجزء الأول الصفحة 58/59

[6] أخرجه البيهقي

[7]  إسناد الحديث جيد، قوي كما قال ابن كثير رحمه الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.