حُزْنِي عَلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَالْيَمَن وَفِلَسْطِين (قصيدة)
حُزْنِي عَلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَالْيَمَن وَفِلَسْطِين (قصيدة)/ الشاعر أَبُو عَلِيٍّ الصُّبَيْح
حُزْنِي عَلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَالْيَمَن وَفِلَسْطِين (قصيدة)
الشاعر أَبُو عَلِيٍّ الصُّبَيْح
فِلَسْطِين
إِنَّ اُلْبَلاَبِلَ لَحْنُ اُلْجُرْحِ تَعْزِفُهُ
وَاُلْأُذْنُ مِنْ فَرَحٍ هَيْهَاتَ تَعْرِفُهُ
وتَرتَعُ ألْفُ آهٍ فِي فُؤَادِي
صَدَاهَا مُفِلقٌ حَبَّ القَصِيدِ
حُزْنِي عَلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَالْيَمَن وَفِلَسْطِين
وتَرتَعُ ألْفُ آهٍ في فؤادي
صَدَاهَا مُفِلقٌ حَبَّ القَصِيدِ
لا والذي فطرَ السَّـمَواتِ العُـلا
وَقَضَى بهِنَّ المَقضِياتِ الأولَى
وَلَـهُ تَذَلَّلَ كلُّ شـيءٍ سـاجِـدًا
والكَونُ سَــبَّحَ بُكـرَةً وَأَصِـيلا
سَــاقَ الرِّيـاحَ مُبشِّـراتٍ أنعُمًــا
فَأَسَالَ في (مِصْرَ) الزُّلالَ النِّيلا
ولَهُ بأرضِ ( الشَّـامِ ) آيَاتٌ إذا
هَطَـلَ السَّـحَابُ وَرُتِّلَـتْ تَرتِيْـلا
يَجرِي بها بَرَدَى وَيَضْحَكُ دِجْلَةٌ
ويَرِقُّ مَدْفُـوقُ الفُـرَاتِ سُـهُوَلا
وعلى تُخُومِ القُدْسِ أَيْقَظَ أمَّتِي
إِنْ شَـاء ردَّ المَسَجِدَ المَكْبُولا
وَأقامَ فِي أرْضِ الحِجـاز مَنائِـرًا
للدِّين … فِيهـا أَغْـَدقَ التَّنْزِيْلا !
وَبَنَى بِِـ (مكَّةَ) لِلشَّريعَةِ مَعْلَمًا
وأقامَهـا لِـ ( العالَمين ) سَبِيلا
واختارَ لليَمَنِ السَّعِيدِ وَشـعْبِهِ
نصْـرًا أذلَّ مُكابِـرًا … وَجَهُـولا
وبِـأرض مِصْرَ وَتُونسٍ وَبِلِيْبيَـا
أضْحَى عُتُـلُّ الظالِمِينَ ذلِيْـلا
لِلهِ فِي سُدَفِ اللَّيَالِي أسْجُـدُ
وَأقُـومُ فِي ثَوْبِ التُّقَى أَتَعَـبَّدْ
أَبْكِي وَ (غَزَّةُ) نَازِفَاتُ جُرُوحِهَا
أبْقَـتْ بِقَلــبِي طَعْنَـةً تَتَمَــدَّد
وَتَمُرُّ ذِكْرَى يَوْمِ (بَدْرٍ) وَقْعُهَـا
رَغْمَ انْفِرَاجَاتِ المَدَى يَتَجَدَّدُ
فَأفِيءُ مِنْ حُـزْنِي إِلَى أنْسَامِهَا
وَالنَّصْرُ قِطْفٌ تَجْتَنِي مِنْهُ اليَدُ
وَأرَى بِعَيْنَىَّ ( الصَّحَابَةَ ) فِيْهُمُ
مِنْ خَلْفِ حَمْزَةَ ألفَ لَيْثٍ يُرْعِدُ
لَيْسَـتْ بِأَوْهَـامٍ … وَقَدْ عَايَنْتُهـا
أَشْبَالُ ( غزَّةَ ) وَالنِّسَـاءُ تُزَغْــرِدُ
مَا ضَرَّهُـم خَـوفٌ تَمَـلَّكَ أنْفُسـاً
هُرِعُوا لِأحْضَانِ العِـدَا وَتَهَـوَّدُوا
يَا خِزْىَ مَنْ مَالُوا لِصَفِّ عَدُوِّنَـا
وَلُيُوثُ (غَزَّةَ) عِنْدَ (بَدْرٍ) مَشْهَدُ
يَـا يَـومَ ( بَـدْرِ ) وَالليَـالِي غُــرَّةٌ
تَكْسُو جَبِيْنَ الدَّهْـرِ ثَمَّـةَ يَسْـعَدُ
لا لَـمْ تَكُـنْ يَوْمًـا بِغَـيْرِ هُوِّيَـةٍ
بَـلْ كُنْتَ يَوْمـاً شَــأنُهُ مُتَفَـرِّدُ
وَبِكَ اسْتَبَانَتْ لِلقِتَالِ مَوَاهِبٌ
وَ الجُنْـدُ لا تَخْشَـى وَلا تَتَرَدَّدُ
والنَّصْـرُ فِي (بَـدْرٍ) تَجَلَّى بَـدْرُهُ
وَصَفَتْ مَصَادِرُهُ وَطَابَ المَوْرِدُ
إِذْ ردَّ لِـ (الإسلام) ماضى عِـزَّةٍ
فغـدَا بواسِـع فضلهِ مَشْمُولا
وَأعَادَ في فمِكَ الكلامَ جواهِـرًا
حَتَّى ترَاءَى جَوْهَـرًا مَعْسُـولا !
مَـا سَـاءَني أَنَّ القَصِـيدَة كُبِّلَتْ
أَوْ أَنَّ شِعْري فِي الخَفَاءِ اغْتِيلا
لَكِنَّما حُزْنِي على ( الشَّامِ ) الَّذي
أمْسَى به الخَطْبُ العَظِيمُ مَهُولا
يا لوعَة الشام الخَصِيب وَغُوطَةٍ
بِعُيونِهَـا تَجْـرِي الدِّمَـاءُ مَسِـيلا
فيكادُ يَضْحَكُ في الحُقُولِ قِطافها
آنًــا … وآونـةً يُسِـــرُّ عَـويـلا
إنِّي بَكَـيتُ وَشُـقَّ قَلـبي عِندَمَـا
بَدَتِ النسَاءُ ـ وَقَدْ عَدِمْنَ مَثِيـلا
وَوَقَفتُ أسألُ والمآسِي في دَمِي
واليَأسُ يَقرَعُ في الضَّمِيرِ طبُولا
أَحَـرَائِرُ الشَّـام الكِـرام بِخَيْمَـةٍ
رُحِّلنَ في جُنْحِ الدُّجَى تَرْحِيلا ؟
جَوْعَى وَأسْلاكُ الحُدُودِ مَخَالِبٌ
والطفــلُ يَلتَزِمُ الفِـراشَ عَلِيـلا
والذئبُ يفترسُ الشوارعَ غِيلَةً
والعَـارُ أطلَقَ في الدِّيَارِ الغُـولا
وَالأرضُ تَرجُفُ والبلادُ هُتَافُهَا
نَـارٌ تُؤَجِّـجُ زِنْدَهَـــا المَفْتُـولا
بُشراكُمُ هَا قَد مَضَى مِن لَيْلِكُم
نِصْفٌ .. وَنِصْفٌ قَدْ أرَادَ أفـُولا
فاستقبلوا الفجْرَ الولِيْدَ بفرحةٍ
كُبْرَى وَخَلَوا عَزمَكُـمْ مَوْصُـولا
لا يهربون وأين نَثـْقفُ جَمْعَهُمْ
أُخِذُوا هُنالِكَ … قتِّـلوا تَقْتِيـلَا
حانـتْ لأركانِ الفســـادِ نهايـةٌ
سترونَ نَعْشَ نظامهِمْ مَحْمُولا
وَالصُّبْحُ يَحْمِـلُ لِلدِّيارِ بِشـارَةً
يَشفِى جِراحَ صُدوركُـمْ وَغَليلَا
فالنُّصْرُ وعدُ ( اللهِ ) في قرآنهِ
هذا كِتَابُ ( الله ) أصْدَقُ قِيلا