القواعد الأصولية اللغوية(دلالات الألفاظ)
القواعد الأصولية اللغوية(دلالات الألفاظ)/ محمد باكريم
القواعد الأصولية اللغوية
(دلالات الألفاظ)
بقلم: محمد باكريم
لقد اهتم الأصوليون بالدلالات اللغوية لأهميتها في التوصل إلى الأحكام الشرعية واستنتاج المعاني المرادة من النصوص، فقاموا بدراسة الألفاظ ودلالتها مفردة ومركبة لإيضاح ما خفي منها، ورفع ما فيها من تعارض، وتقريب ما فيها من تأويل وإشكال.
ونظرا لقيمة اللفظ ومعناه في تحديد المفاهيم وتوسيع المدارك وتقريب المدلولات وضع الراغب الأصفهاني كتاب “المفردات ” والفيروز آبادي ” بصائر ذوي التمييز“
ودلالة اللفظ على معناه يدعونها دلالة المطابقة
وجزئه تضمنا وما لزم فهو التزام إن بعقل التزم
إن الدارس لمادة أصول الفقه يكتشف قيمة اللفظ في أداء المقصد الموضوع له واستنباط الحكم من خلال النظر العقلي، وتبقى التعاريف المنضبطة والحدود الجامعة المانعة الخاضعة لشروطها من قوة هذا العلم الصارم المتين، ومن الشروط :
وشرط كلٍّ أن يُرى مطردا منعكسا وظاهرا لا أبعـدا
و لا مسـاويا ولا تــجـوزا بلا قـرينـة بـهـا تُحـرِّزا
ولا بما يدرى بمحدود ولا مشترك من القريـنة خـلا
وعندهم من جملة المردود أن تدخل الأحكام في الحدود
القاعدة الأولى: الدلالة على الحكم الشرعي من طريق عبارة النص
1- تعريف عبارة النص :
هي المعنى المقصود من السياق أصالة وتبعا.
المعنى المقصود تبعا | المعنى المقصود أصالة | الآية |
إباحة البيع وحرمة الربا | التفرقة بين البيع والربا | ” أحل الله البيع وحرم الربا” |
إباحة الزواج | تحديد أقصى عدد الزوجات في أربع | “فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع” |
الإطعام والكسوة من حقوق الزوجة على الزوج | النفقة واجبة على الأب | “وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف” |
القاعدة الثانية: الدلالة على الحكم الشرعي من طريق إشارة النص
1- تعريف إشارة النص:
هي دلالة اللفظ على معنى غير مقصود بالنص من السياق وإنما دل عليه من جهة الدلالة الالتزامية.
المعنى المقصود إشارة أو اِلتِزامًا | الآية |
أقل مدة الحمل ستة أشهر | “وحمله وفصاله ثلاثون شهرا” |
وجوب إعداد وإيجاد جماعة من أهل الذكر | فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” |
للأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج وقَصْر نفقة الزوجة عليه | “وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن” |
إباحة الإصباح جنبا في حالة الصوم لأن الرفث قبل الفجر يستلزم أن يطلع عليه الفجر وهو جنب | “أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم” |
يفهم إشارة ولزوما أن المهاجرين زال ملكهم عن أموالهم التي تركوها في مكة لذا صاروا فقراء محتاجين إلى الدعم | “للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم “ |
القاعدة الثالثة : الدلالة على الحكم الشرعي من طريق دلالة النص
1- تعريف دلالة النص:
هي أن تكون علة الحكم في المسكوت عنه أقوى من الحكم المنطوق به.
المسكوت عنه | المنطوق به | الآية |
النهي عن الضرب والشتم لأن هذا أشد إيذاء من كلمة أف. | حرمة التأفف في حق الوالدين | “ولا تقل لهما أف ولاتنهرهما” |
حرمت إتلاف أموال اليتيم أو إحراقها وإضاعتها. | حرمة أكل مال اليتيم ظلما | الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا |
حرمة الزواج أيضا ممن لم يذكرن كالجدات وبنات البنت و الابن. | حرمة الزواج بسبب النسب | “حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم” |
القاعدة الرابعة: الدلالة على الحكم الشرعي من طريق دلالة الاقتضاء
1- تعريف دلالة الاقتضاء:
هي أن يقتضي ويتطلب السياق تقدير لفظ ليصح الكلام ويستقيم.
مثاله ” رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ” فالمراد ليس رفع الفعل الذي وقع بالخطأ والنسيان وإنما رفع المؤاخذة بالإثم المترتب عنه.
ومثاله ” واسأل القرية ” فلا يستقيم الكلام إلا بتقديرٍ وهو: واسأل أهل القرية.
القاعدة الخامسة: الدلالة على الحكم الشرعي من طريق مفهوم الصفة
1- تعريف مفهوم الصفة:
هو نفي الحكم عن الموصوف عند رفع الصفة عنه.
مثاله ” في سائمة الغنم زكاة ” فالحكم المستفاد هو وجوب الزكاة في الغنم السائمة وعدم وجوبها في الغنم غير السائمة.
ومثاله أيضا ” أو دما مسفوحا ” الذي يدل على تحريم الدم المسفوح وإباحة غير المسفوح.
القاعدة السادسة: الدلالة على الحكم الشرعي من طريق مفهوم الشرط
1- مفهوم الشرط:
هو نفي الحكم عن المشروط عند رفع الشرط.
قال تعالى:” وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن” تدل الآية على وجوب النفقة على المطلقة الحامل، وعلى عدم وجوبها عند انتفاء الشرط.
القاعدة السادسة: الدلالة على الحكم الشرعي من طريق مفهوم الغاية
1- تعريف مفهوم الغاية:
ثبوت نقيض حكم ما قبل الغاية لما بعدها .
قال تعالى:” وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر “ فنقيض حكم ما قبل الغاية هو تحريم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر.
ومثله كذلك “فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق” التي يفهم منها عدم جواز غسل ما بعد الغاية من اليد في الوضوء .
والخلاصة أن الحكم الشرعي يثبت بدلالات القواعد الأربع على وجه القطع واليقين إلا إذا صرف إلى الظن بقرينة.
أما مفاهيم الصفة والشرط والغاية فيعمل بنقيض منطوق حكمها عند الجمهور، وذلك عملا بعرف الناس واستعمالاتهم في الأساليب خلافا لمذهب الحنفية.