إنَّهَا فِلَسْطِين وستبقى فِلَسْطِين
أَنَّهَا فِلَسْطِين وستبقى فِلَسْطِين/ الشاعر أَبُو عَلِيٍّ الصُّبَيْح
أَنَّهَا فِلَسْطِين وستبقى فِلَسْطِين
بقلم: الشاعر أَبُو عَلِيٍّ الصُّبَيْح
مَـاذا إذاً يَـا سـيدي أفصـح أبـنْ
أوَ ليسَ بالأموالِ يُشْرَى السَّعدُ ؟!
….
وإذا المناصب لم تكن دَرَجَ العُلا
فَبِـأَيِّ شَـيءٍ قـد يكون المَجْدُ ؟!
ـــــــــــــــــــــــــ
عَاهَدْتُكِ الشِّعْرَ لَمْ يَهْدأ وَلَمْ يَنَمِ
يَا ( فلسطين ) العِــزِّ يَا مَوَّارَةَ الشَّـمَمْ
…
فِي كُلِّ فَجْرٍ تُضِيءُ الكَونَ بَسْـمَتُهُ
ضُحَىً وَعِنْدَ اكْتِمَالِ البدْرِ وَالظُّلَمِ
…
وَمَـا نَذَرْتُـكِ شِــعْرِي كُلَّ أُمْسِــيَةٍ
لَكِنَّـني فِي مَسَـاءَاتِي نَذَرْتُ دَمِي
…
لَسْـتُ الَّـذِي كُلَّمَـا شَـاقَتْهُ غَانِيَةٌ
غَنَّى لَهَا فِي رَطِيْبِ اللحْنِ وَالنَّغَمِ
…
____________
لمّا نَوى سبطُ الهُدى ميثاقَهُ
نَهَلَ المَدى من صَبرِهِ أَسرارا
وعَجبتُ من روحٍ تَمدُّ لغَيرِها
بالذَّبذَباتِ نَوافِلاً أََعمارا
( فلسطين ) سَيِّدَةُ البِلادِ عَصِيَّةٌ
وَأَبِيَّةٌ .. مَنْ ذَا يُحَاوِلُ نَقْضَهَا ؟!
أَرْوَاحُنَا مِنْ أَجْلِ (القدس) فِــدَا
وَلَهَا المَشِيْئَةُ ـ مَا بِوُسْعٍ رَفْضَهَا
لا نَنْثَنِي ـ إِنَّ (الجِيَادَ) إِذَا انْثَنَتْ
تَغْدُو كَـ (أَفْرَاسٍ) تُعَالِجُ حَيْضَهَا
وَ (الخَيْلُ) إِنْ نَكَصَتْ تُتِيْحُ لِحَاقِدٍ
فِي نَفْسِهِ .. شَرَرًا يُؤَجِّجُ بُغْضَهَا
(فلسطين) فُرْسَانُ الأقصى غَرَامُنَا
قُدْسُ المَعَاركِ كَم نُبَاشِرُ خَوْضَهَا
(فلسطين) مَدَّتْ بِالحَنَانٍ جَنَاحَهَا
كَالحَجْلِ يَقْظَى لا تُخَلِّي بَيْضَهَا..
مَحْبُوبَةٌ … حَفِظَتْ بَنِيْها سَـادَةً
هِى فِكْرَةٌ والدَّهْرُ يَأْبَى دَحْضَهَـا
عُدْ بِي إِلَى (فلسطين) لِلبَلَدِ الَّذِي
فِيْهِ انْتِشَاءُ الرُّوحِ ـ يُرْجِئُ قَبْضَهَا
ما حَطَّ يَوماً في ظَلامٍ جامحٍ
إلّا جَلاهُ وغَيَّرَ الأَقدارا
حُلُمٌ على جفنِ الرَّدى قَد سارا
فاستَيقَظَتْ كُلُّ المُنى أَشعارا
ومَشى على دَربِ الجَفافِ بلطفِهِ
فاخضَوضَرَت كُلُّ الرُّبى أشجارا
وتَكحَّلَت عينُ السَّحابِ بوجهِهِ
فَحَكَتهُ غَيثاً هاطِلاً أَنوارا
في الصّبحِ تغريدُ البلابلِ والمَسا
هَدَلَ الحَمامُ بحزنهِ أذْكارا
نامَ الأُلى دَهراً فَراحَ بيَقظَةٍ
ينبيهُمُ وقتَ الكرى مِشوارا
وَسَرى يَمدُّ السّالكينَ لنهجِهِ
ما يَصنَعونَ بلهبِهِ الثُّوارا
أوَ ما تَرى تلكَ النّفوسَ تَفَرقَدَتْ
رَغمَ الضَّبابِ وَطيرُهُمْ قد طارا
منَحوا جلالَ الحَقِّ سِرَّ بقائِهِ
وبَقوا سَلاطينَ المَدى أَطيارا
نالوا المَسَرَّةَ والضِّياءَ لأنَّهمْ
يَستَحفظونَ الدّارَ والدَّيارا
من يَفتَدي ظِلَّ بنَفسهِ
سَتَضمُّهُ لُجَجُ الضِّيا أقمارا
عُدْ بِي إِلَى (فلسطين) قَبِّلْ أَرْضَهَا
طَوِّفْ بِنَا طُولَ الرُّبُوعِ وَعَرْضَهَا
نَقْضِي الَّذِي مِنْ حَقِّهَا فِي (نَفْلِهِ)
وَنُقِيْمُ مَرْجُوحَ الوَفَـاءِ وَفَرضَهَــا
وَنُمَرِّغُ الخَـدَّيْنِ فِي التُرْبِ الَّذِي
تَشْتَاقُهُ الأَنْفَاسُ تَحْضِنُ بَعْضَهَا
وَيَضُمُّ مِنْ كَسْرِ النُّفُوسِ كَلِيْلَهَا
مِنْ بَعْدِ مَا كَفُّ المَواجِعِ رَضَّهَا
نَشْتَمُّ مِنْ عِطْرِ الجُدُودِ عِظَامُهُمْ
أَخْتَامُ مِسْكٍ .. والنَّسِيْمُ افَتَضَّهَـا
.سَأظلُ يَصلُبُنِي الحَنِينُ ركائزَا
غُمِسَت على قَلبِي وأنتَ مُمَانِعَا
يَامَن إذا طَلَّت عَليَّا سِمَاتُه
رقصَ الفؤاذُ وجَفنُ عَينِيَ أَدْمَعَا
سَأظَلُ في صَمتِي أغَازِلُ فَرحَةً
تَأبَى الولُوجَ وتَستَخِيرُ لِتَطلُعَا
وأُحَاولُ الشَوقَ البعيدَ تَقرُّبَا
لِأكونَ في حُسنِ اللِقاءِ مُسَارعَا
كَبتُ المشاعِرَ في القُلُوبِ مُذَمَّمٌ
ومُحَرَّمٌ إن كَان فِيه تَصَارُعَا
فَعَلامَ تكتُمُهَا وانتَ مُكَبِلاً
أشوَاقَ نَفسٍ قَد تَمُوتُ تَطَلُّعَا
أقبِل على حُسنِ الجوارِ وأبلغِ
هاذي الجُموعُ بأن بُعدَكَ أقلَعَا
ضَمِّدْ جُروحًا قدْ أدَمْتَ نَزيفَهَا
وَاسكُبْ على طُلَلِ التَرقُّبِ مَنْبَعَا
فَتَطِيْبُ مِنَّا أَنُفُسٌ .. كَمْ عُذِّبَتْ
بِالنَّأْي وَالشَّجَنُ المُبِيْرُ أَقَضَّهَـا
تَرْتَاحُ فِيْهَا بَعْدَمَا عَبَثَ النَّوى
وَاشْتَدَّ نَابُ النَّائِبَاتِ فَعَضَّهَا !
خُذْنِي إِلَى (فلسطين) إِنِّي عَاشِقٌ
وَالشَّوقُ فِي رُوحِ الغَرِيْبِ أَمَضَّهَا
دَارُ البُطُولَةِ .. والعِشَارُ بِأرْضِهَا
نَتَجَتْ أَصَائِلَ فَاسْتَدَامَتْ رَكْضَهَا
تَتَسَابَقُ ( الأنْعَامُ ) بَيْنَ سُهُولِهَا
وَرُعَاتُهَا تُهْدِي الخَلائِقَ مَخْضَهَا
( فلسطين ) أَنْتِ مَنَارَةُ العِلْمِ الَّتِي
رَفَعَ الإِلَهُ ـ فَمَنْ يُبَادِرُ خَفْضَهَا ؟
عُرِضَتْ لِعَيْنَيَّ ( المَدَائِنُ ) كُلُّهَا
فَأَبَى وِفَاقُ القَلْبِ ـ أَعْلَنَ رَفْضَهَا
مُتَعَلِّقٌ ( بفلسطين ) غَايَةُ عِشْـقِهِ
وَطُيُورُ أَشْـوَاقِي تُبـَادِرُ رَوضَهَـا
شَفَتَايَ مِنْكِ ـ إِذَا نَطَقْتُ فَمُلْهَمًا
عَيْنَايَ فِيْكِ فَلَسْتُ أَمْلِكُ غَمْضَهَا.
ما نَبَضَ الوريدُ وَأسرَعَا
أو أطرَبَ نُغمُ القصيد وَأمتَعَا
نُظمِي ضَعيفٌ أيْ نَعم ، لكِنهُ
بِمكارمِ الخُلُقِ العَفِيف مُشَبَّعَا
في بوحِهِ طِفلٌ يَئِنُ ليُلفِتَ
نظرُ الوجوهِ ولا وجُودَ لِمَن وَعَا
نَادَى كَمن نَادَى الخَلائِق صَارخًا
لكنهُ عَبثًا يُنادِي ليُسْمِعَا .
صَرخَاتُهُ وأنِينُهُ وشُجُونُهُ
والروحُ داعيةٌ عليكَ تضَرُّعَا
تأبى الجوابَ وأنت مِثلهَا ناطقٌ
أم أخرسٌ أنتَ وحِسُّكَ مَانِعَا
يَامن تَنَاسَتْ فِيكَ أولَ نظرَةٍ
طُلَلاً أقَمْتُ لأعْتَلِيهَا وأَرْفَعَا
صَوتٌ ولَمْحٌ فِي رُؤَاكَ وَأرقُبُ
وعَليكَ في كُلِّ الجِهَاتِ مُتَابِعَا
( فلسطين ) سَيِّدَةُ المِيَاهِ سَخِيَّةٌ
وَتَجُودُ .. مَا مَنَعَتْ زُلالًا فَيضَهَا
لَو غَالَبَتْهَا الرِّيْحُ لانْتَثَرَتْ سُدَى
مَا إِنْ تَضِرْهَـا أَو تُعَكِّرَ حَوضَهَـا
لا بأسَ أن تَهدي جَلالَكَ سُحنَةً
من وطن أو تَصطَفيهِ شعارا
هيَ أُمةٌ غَلَبَ الشَّقاءُ ضَميرَها
واستَمرَأتْ شِربَ الخَنا أَفكارا
فَمَضى يُثيرُ الوَعيَ عندَ ركامِها
عبرَ القرونِ ويَشتَهي الإِسفارا
اليوم والظَّعنُ المُشرّفُ قادِمٌ
سيقيمُ في أرضِ الفِدا المِعيارا