منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

هل في أذكار العيد صيغة معينة مأثورة؟

هل في أذكار العيد صيغة معينة مأثورة؟/ الشيخ عبد الله بنطاهر التناني السوسي

0

هل في أذكار العيد صيغة معينة مأثورة؟

الشيخ عبد الله بنطاهر التناني السوسي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.

سائل يسأل: رأيت المغاربة وخصوص في سوس يلتزمون بصيغة معينة في ذكر يوم العيد وهي: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد على ما هدانا، اللهم اجعلنا لك من الشاكرين)؛ هل لهذا أصل؟ وهل في أذكار العيد صيغة معينة مأثورة؟

الجواب وبالله التوفيق:

لا توجد صيغة معينة مأثورة عن النبيﷺ في ذلك، والأصل فيه قوله تعالى: {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات}، والأيام المعلومات هي أيام التشريق؛ يوم العيد ويومان بعده؛ أورد ابن عبد البر في “التمهيد” عن نافع أن ابن عمر قال: «المعلومات: يوم النحر ويومان بعده من أيام التشريق، والأيام المعدودات الثلاثة: ليس منها يوم النحر»(1).

قال الإمام سحنون: “قلت لابن القاسم: فهل ذكر لكم مالك التكبير كيف هو؟ قال: لا؛ وما كان مالك يحدّ في هذه الأشياء حداً”(2) .

أما الذكر الجاري به العمل في المغرب والتزم به المغاربة جماعة في المصليات، فأول من رتبه هذا الترتيب واستحبه هو الفقيه المالكي عبد الملك بن حبيب القرطبي -رحمه الله- صاحب “الواضحة في الفقه المالكي”(ت238هـ)؛ قال الإمام شهاب الدين القرافي: “ولم يحدده مالك لأن الأمر ورد به مطلقا، واستحب ابن حبيبٍ: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد على ما هدانا اللهم اجعلنا لك من الشاكرين؛ لقوله تعالى {ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}”. وكان أصبغ يزيد: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ ويقول: “وما زدتَ، أو نقصتَ، أو قلتَ غيره فلا حرج”(3).

وقد لخص العلامة الطاهر بن عاشور -رحمه الله- مذاهب العلماء في ذلك فقال: “والمشهور في السنة أنه يكرر الله أكبر ثلاثا، وبهذا أخذ مالك وأبو حنيفة والشافعي، وقال مالك والشافعي: إذا شاء المرء زاد على التكبير تهليلا وتحميدا فهو حسن ولا يترك الله أكبر، فإذا أراد الزيادة على التكبير كبر مرتين ثم قال: لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وهو قول ابن عمر وابن عباس، وقال أحمد: هو واسع، وقال أبو حنيفة: لا يجزئ غير ثلاث تكبيرات”(4).

أما الذكر في باقي أيام التشريق فقد جاء في الموطأ أن الإمام مالك قال: “الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات، وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر، وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، ثم يقطع التكبير”(5).

وجاء في المدونة: “وليس في تكبير أيام التشريق حدّ، وكان مالك -رحمه الله- يقول: “الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ثلاثاً”. ويكبر أيام التشريق دبر خمس عشرة صلاة، أولها صلاة الظهر يوم النحر، وآخرها صلاة الصبح من اليوم الرابع وهو آخر أيام التشريق، يكبر في الصبح (أي من اليوم الرابع) ويقطع في الظهر، ولا يكبر في أيام التشريق في غير دبر الصلوات، كذلك كان من يُقْتَدَى به يفعل”(6).

وقال الشيخ خليل في المختصر: “وتكبيره إثر خمس عشرة فريضة وسجودِها البعدي من ظُهر يوم النحر، لا نافلةٍ ومقضيةٍ فيها مطلقا، وكبر ناسيه إن قرب، والمؤتم إن تركه إمامه، ولفظه وهو: الله أكبر ثلاثا”(7).

والله أعلم وهو سبحانه الموفق للصواب


الهامـــــــــش:

(1) التمهيد لابن عبد البر: (12/130).
(2) المدونة لسحنون: (1/ 245)
(3) انظر: الذخيرة للقرافي: (2/ 419)، وعقد الجواهر الثمينة لابن شاس: (3/ 242)، والتوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب للشيخ خليل: (2/ 88)، والتاج والإكليل للمواق: (2/ 195).
(4) التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور: (1/ 525)، وانظر أيضا: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (2/ 307).
(5) الموطأ: كتاب الحج: باب تكبير أيام التشريق: (1/ 404).
(6) تهذيب المدونة للبراذعي: (1/ 125).
(7) الشرح الكبير للدردير: (1/401).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.