منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

﴿تفسير سورة الأعلى ﴾

﴿تفسير سورة الأعلى ﴾/  الشيخ بنسالم باهشام

0

﴿تفسير سورة الأعلى ﴾

 الشيخ بنسالم باهشام

﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿سَبِّحِ اِ۪سْمَ رَبِّكَ اَ۬لَاعْلَى ﴿1 اَ۬لذِے خَلَقَ فَسَوّ۪ىٰ ﴿2﴾ وَالذِے قَدَّرَ فَهَد۪ىٰ ﴿3﴾ وَالذِےٓ أَخْرَجَ اَ۬لْمَرْع۪ىٰ ﴿4﴾ فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً اَحْو۪ىٰۖ ﴿5﴾ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنس۪ىٰٓ ﴿6﴾ إِلَّا مَا شَآءَ اَ۬للَّهُۖ إِنَّهُۥ يَعْلَمُ اُ۬لْجَهْرَ وَمَا يَخْف۪ىٰۖ ﴿7﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْر۪ىٰۖ ﴿8﴾ فَذَكِّرِ اِن نَّفَعَتِ اِ۬لذِّكْر۪ىٰۖ ﴿9﴾ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَّخْش۪ىٰ ﴿10﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا اَ۬لَاشْقَي ﴿11﴾ اَ۬لذِے يَصْلَى اَ۬لنَّارَ اَ۬لْكُبْر۪ىٰ ﴿12﴾ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْي۪ىٰۖ ﴿13﴾ قَدَ اَفْلَحَ مَن تَزَكّ۪ىٰ ﴿14﴾ وَذَكَرَ اَ۪سْمَ رَبِّهِۦ فَصَلّ۪ىٰۖ ﴿15﴾ بَلْ تُوثِرُونَ اَ۬لْحَيَوٰةَ اَ۬لدُّنْي۪ا ﴿16﴾ وَالَاخِرَةُ خَيْرٞ وَأَبْق۪ىٰٓۖ ﴿17﴾ إِنَّ هَٰذَا لَفِے اِ۬لصُّحُفِ اِ۬لُاول۪ىٰ ﴿18﴾ صُحُفِ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوس۪ىٰۖ ﴿19﴾﴾.

 ﴿التعريف بسورة الأعلى﴾.

سورة الأعلى سورة مكية، نزلت قبل الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، جاءت في المصحف بعد سورة الطارق، وقبل سورة الغاشية، وهي السورة السابعة والثمانون في ترتيب المصحف العثماني، وتقع آياتها التسعة عشر في الربع الخامس من الحزب الستين من الجزء الثلاثين، وهي من أوائل السور نزولًا، فترتيبها الثامنة من حيث النزول، إذ نزلت قبل سورة الليل، وبعد سورة التكوير، وقد عُرفت السورة بعدة أسماءٍ مُستقاةٍ من آياتها، إلى جانب اسم الأعلى – صفةٌ لله تعالى- وتعني زيادة العلو، ومن أسمائها الأُخر: سورة سَبِّح، وسورة سبح اسم ربك الأعلى،

وموضوعها: تذكير الإنسان بتوحيد الله وتنزهيه عن الشريك، وأمره صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله، ووصف للإنسان في إيثاره الدنيا على الآخرة، مع أن الآخرة خير وأبقى.

﴿فضل سورة الأعلى﴾.

تميزت هذه السورة بمكانة خاصة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان يحبها، وفي ذلك حديث ضعيف رواه الإمام أحمد في المسند، عَنْ عَلِىٍّ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)[1].

وكان صلى الله عليه وسلم يداوم على:

1 – أن يُوتِرُ بها قبل أن ينام.

2 – كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ هذه السورة في صلاة عيد الفطر، وصلاة عيد الأضحى.

3 –  وفي صلاة الجمعة.

﴿مقصد سورة الأعلى﴾.

  • طلب العلو

سورة الأعلى دعوة إلى العلو، إلى الرقي الحقيقي، الذي لا زيف فيه، إلى رقي الإنسان ذاته، بغض النظر عن مكونات حياته، تتطور أو لا تتطور، فهذا أمر آخر، أما أنا، فإنسان لابد أن أتغير وأتطور، وأعلو وأرقى، في كل الميادين، وعلى رأسها مراقي السير إلى الله، من إسلام لإيمان لإحسان، لا خلاف بين الناس، فرغم قصر سورة الأعلى لفظا، فهي تحدد نقاطا واضحة المعالم.

وبالتوفيق لاكتشاف المقصد للسورة، نستطيع بواسطته أن نجد الارتباط بين جزئيات سورة الأعلى، وأن هذه الأجزاء لم  تذكر شتاتا  وسدى من غير أن يكون بينها رابط، فمقصود سورة الأعلى، هو توجيه الإنسان، وإرشاده لاختيار العلو في الأمور الأربعة الآتية:

1 – العلو في اختيار الرب الأعلى. والذي هو المعبود بحق

2 – العلو في اختيار القدوة العليا والتي تمثل الصحبة

3 – العلو في اختيار المنهج الأعلى. والذي يمثل المنهاج النبوي

4 – العلو في الكينونة مع الأمة الأعلى والتي تمثل الجماعة

﴿أقسام سورة الأعلى﴾.

  • تتألف سورة الأعلى من ثلاث فقرات:

– الفقرة الأولى:  طلب العلو  في اختيار الرب الأعلى في عُلُوّ الذات، والصّفات والأسماء،

والرب الأعلى هو الله تعالى، والذي ذكرت سورة الأعلى بعض صفاته:

﴿سَبِّحِ اِ۪سْمَ رَبِّكَ اَ۬لَاعْلَى ﴿1 اَ۬لذِے خَلَقَ فَسَوّ۪ىٰ ﴿2﴾ وَالذِے قَدَّرَ فَهَد۪ىٰ ﴿3﴾ وَالذِےٓ أَخْرَجَ اَ۬لْمَرْع۪ىٰ ﴿4﴾ فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً اَحْو۪ىٰۖ ﴿5﴾﴾.

 – الفقرة الثانية:  طلب العلو  في اختيار القدوة العليا المصحوبة، والذي هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وورثته من بعده، الذين اكتملت فيهم مقومات الشخصية الإسلامية، والتي هي العلم بالدين، والعمل بالدين، والعمل للدين، والتي ذكرتها سورة الأعلى:

﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنس۪ىٰٓ ﴿6﴾ إِلَّا مَا شَآءَ اَ۬للَّهُۖ إِنَّهُۥ يَعْلَمُ اُ۬لْجَهْرَ وَمَا يَخْف۪ىٰۖ ﴿7﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْر۪ىٰۖ  ﴿8﴾ فَذَكِّرِ اِن نَّفَعَتِ اِ۬لذِّكْر۪ىٰۖ ﴿9﴾ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَّخْش۪ىٰ ﴿10﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا اَ۬لَاشْقَي  ﴿11﴾ اَ۬لذِے يَصْلَى اَ۬لنَّارَ اَ۬لْكُبْر۪ىٰ ﴿12﴾ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْي۪ىٰۖ ﴿13﴾﴾.

ويمكن تقسيم هذه الفقرة إلى جزءين:

  • الجزء الأول:  طلب العلو  في اختيار  القدوة الصالحة (العالمة بالدين ، العاملة به)

﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنس۪ىٰٓ ﴿6﴾ إِلَّا مَا شَآءَ اَ۬للَّهُۖ إِنَّهُۥ يَعْلَمُ اُ۬لْجَهْرَ وَمَا يَخْف۪ىٰۖ ﴿7﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْر۪ىٰۖ ﴿8﴾﴾.

  • الجزء الثاني : طلب العلو في اختيار القدوة المصلحة  (العاملة للدين)

﴿ فَذَكِّرِ اِن نَّفَعَتِ اِ۬لذِّكْر۪ىٰۖ ﴿9﴾ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَّخْش۪ىٰ ﴿10﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا اَ۬لَاشْقَي ﴿11﴾ اَ۬لذِے يَصْلَى اَ۬لنَّارَ اَ۬لْكُبْر۪ىٰ ﴿12﴾ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْي۪ىٰۖ ﴿13﴾﴾.

 – الفقرة الثالثة:  طلب العلو  في اختيار المنهج الأعلى الذي بينت معالمه سورة الأعلى، وطلب العلو في اختيار الأمة الأعلى التي التزمت بتعاليم سورة الأعلى ليكون السلوك جماعيا وجهاديا:

﴿ قَدَ اَفْلَحَ مَن تَزَكّ۪ىٰ ﴿14﴾ وَذَكَرَ اَ۪سْمَ رَبِّهِۦ فَصَلّ۪ىٰۖ ﴿15﴾ بَلْ تُوثِرُونَ اَ۬لْحَيَوٰةَ اَ۬لدُّنْي۪ا ﴿16﴾ وَالَاخِرَةُ خَيْرٞ وَأَبْق۪ىٰٓۖ ﴿17﴾ إِنَّ هَٰذَا لَفِے اِ۬لصُّحُفِ اِ۬لُاول۪ىٰ ﴿18﴾ صُحُفِ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوس۪ىٰۖ ﴿19﴾﴾.

﴿ من خصائص سورة الأعلى ﴾.

 

1 – ﴿سَبِّحِ اِ۪سْمَ رَبِّكَ اَ۬لَاعْلَى ﴿1 اَ۬لذِے خَلَقَ فَسَوّ۪ىٰ ﴿2﴾ وَالذِے قَدَّرَ فَهَد۪ىٰ ﴿3﴾ وَالذِےٓ أَخْرَجَ اَ۬لْمَرْع۪ىٰ ﴿4﴾ فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً اَحْو۪ىٰۖ ﴿5﴾.

الأمر بتنزيه الله عز وجل، لكونه:

أ –  خلق الأشياء فسواها.

ب – وقدّر الأمور فهدى العباد إليها.

ج – وكونه أخرج المرعى والنبات والحشائش للأنعام، ثم صيرها بعد الخضرة مهشمة سوداء.

2 –  ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنس۪ىٰٓ ﴿6﴾ إِلَّا مَا شَآءَ اَ۬للَّهُۖ إِنَّهُۥ يَعْلَمُ اُ۬لْجَهْرَ وَمَا يَخْف۪ىٰۖ ﴿7﴾﴾.

إخباره نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه:

سيقرئه القرآن، ويحفظه عليه فلا ينساه أبدا. إلا ما سيرفعه وينسخه مما يشاء سبحانه وتعالى.

3 –  ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْر۪ىٰۖ ﴿8﴾﴾.

تيسيره وتوفيقه نبيه صلى الله عليه وسلم للشريعة السهلة السمحة التي هي أيسر وأسهل الشرائع، وهي دين الإسلام.

4 – ﴿ بَلْ تُوثِرُونَ اَ۬لْحَيَوٰةَ اَ۬لدُّنْي۪ا ﴿16﴾ وَالَاخِرَةُ خَيْرٞ وَأَبْق۪ىٰٓۖ ﴿17﴾ إِنَّ هَٰذَا لَفِے اِ۬لصُّحُفِ اِ۬لُاول۪ىٰ ﴿18﴾ صُحُفِ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوس۪ىٰۖ ﴿19﴾﴾.

الإخبار عن الإنسان بأنه من شأنه إيثار الدنيا على الآخرة رغم أن الثانية خير من الأولى وأبقى، وأن كل ذلك موجود في صحف إبراهيم وموسى.

﴿الأحاديث الصحيحة الواردة في تفسير سورة الأعلى﴾.

 

أولا: قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)…. ﴾. الآيات.

  •  ﴿ الحديث 1﴾.

روى مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في المجتبى، وفي الكبرى، وابن ماجه، عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾. و﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾. وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ  بهما).

  • ﴿ تخريج الحديث﴾.

رواه مسلم 6/167، وأبوداود 1122، والترمذي 480، والنسائي في المجتبى 3/92، وفي الكبرى 6/513، وابن ماجه 1281.

﴿ما يستفاد من الحديث﴾.

في هذا الحديث مشروعية قراءة هاتين السورتين في الجمعة والعيدين، وهي السنة العملية المتبعة. لكون السورة عبارة عن دستور يقرأ في كل جمع  من المسلمين، للتذكير  ببنوده.

  • ﴿ الحديث 2﴾.

روى البخاري في المناقب، وفي فضائل القرآن، وفي التفسير، والنسائي في الكبرى،عن البراء  بن عازب رضي الله عنه قال: (كان أول من قدم علينا  من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، ثم قدم علينا عمار وسعد وبلال، ثم قدم عمر في عشرين، ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأينا أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما قدم حتى نزلت: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾. في سور من المفصل).

  • ﴿ تخريج الحديث ﴾.

رواه البخاري في المناقب رقم 3924، 3925، وفي فضائل القرآن 4995، وفي التفسير 10/327، والنسائي في الكبرى 6/513. 

  • ﴿ ما يستفاد من الحديث﴾.

 أ – في الحديث فضيلة الأنصار، بل فضائلهم.

ب –  وفيه قدم هجرة مصعب وابن أم مكتوم رضي الله عنهما

ج – وفيه الفرح برسول الله عليه وسلم ومحبة الأنصار له ولقدومه عليهم.

د – وفيه حرصهم على تعلم سور المفصل.

  • ﴿ الحديث 3﴾.

روى مسلم في القراءة في العشاء، والنسائي في الصغرى وفي الكبرى، وابن حبان في صحيحه بالإحسان، عن جابر رضي الله عنه قال : (صلى معاذ بن جبل رضي الله عنه لأ صحابه العشاء فطول عليهم، فانصرف رجل منا فصلى، فأُخبر معاذ  عنه فقال: إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجل، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما قال معاذ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتريد أن تكون فتانا يا معاذ،

إذا أممت بالناس فاقرأ ب(الشمس وضحاها)، و﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾. و﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، و﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾).

 ﴿ تخريج الحديث.﴾.

 رواه مسلم في القراءة في العشاء رقم 465، ج 4/182،183، والنسائي في الصغرى وفي الكبرى 6/513، وابن حبان في صحيحه بالإحسان 6/159، 160، وأصله عند الجماعة بألفاظ.

  • ﴿الحديث 4﴾.

روى مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، عن حذيفة رضي الله عنه (أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في سجوده: “سبحان ربي الأعلى” )

  • ﴿ تخريج الحديث.

رواه مسلم 6/61، وأبو داود 871، والترمذي 235، والنسائي 3/141.

 ثانيا: قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾.

  •  ﴿ الحديث 5﴾.

روى مسلم في القدر ، والترمذي في سننه  في القدر، وأحمد بن حنبل  في المسند، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ قدَّرَ مقاديرَ الخلائقِ قبلَ أن يخلقَ السَّمواتِ والأرضَ بخمسينَ ألفَ سنةٍ وَكانَ عرشُهُ على الماءِ).

  •  ﴿ تخريج الحديث.

رواه مسلم القدر (2653)، سنن الترمذي القدر (2156)، مسند أحمد بن حنبل (2/169).

  • ﴿ معنى الآية﴾.

﴿ قَدَّرَ فَهَدَى﴾: أي : قدر الأشياء قبل كونها، وجعل لكل شيء خواصه ومزاياه، وهدى الإنسان لوجه الانتفاع بما أودعه فيها، كما هدى الأنعام إلى مراعيها، والحيوانات والهوام و…. إلى ما يصلحها ويحفظ عليها حياتها، فسبحان الحكيم العليم القدير القيوم.

فلو فكر الإنسان في هذه الجملة، لأخذته الدهشة مما احتوت عليه من عجائب هذا الكون، وما سخر فيه للإنساان وهدي إليه.

ثالثا: قوله تعالى : ﴿ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) ﴾.

  • ﴿ الحديث 6﴾.

 روى أحمد، والدارمي، ومسلم، وابن ماجه، وابن خزيمة في التوحيد، وابن حبان، وأبو يعلى ،

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ  رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : (أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا لا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلا يَحْيَوْنَ…).

  • ﴿ تخريج الحديث﴾.

أخرجه أحمد (3/11 ، رقم 11092) ، والدارمي (2/427 ، رقم 2817) ، ومسلم (1/172 ، رقم 185) ، وابن ماجه (2/1441 ، رقم 4309) ، وابن خزيمة في التوحيد (ص 282) ، وابن حبان (1/411 ، رقم 184) . وأخرجه أيضًا : أبو يعلى (2/518 ، رقم 1370).

  • ﴿ ما يستفاد من الحديث﴾..

في الآية والحديث أن الأشقى الذي سيصلى النار الكبرى، آيس ميؤوس من الموت، وخروج روحه من جسده، كما أنه آيس من الحياة العادية، ومن الأمان من النكال والعذاب.

رابعا: قوله تعالى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) ﴾.

  • ﴿الحديث 7﴾.

روى الحاكم ، والبغوي في “شرح السنة” من طريقين، والقضاعي في “مسند الشهاب”، وسنده صحيح، ورجاله ثقات، وصححه الحاكم، وعزاه في المجمع إلى أحمد والبزار والطبراني وقال:

رجالهم ثقات، لكنه منقطع كما قالوا، عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ  رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –

صلى الله عليه وسلم- : (مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ  بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ  بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا

يَفْنَى ).

  • ﴿ تخريج الحديث.

 أخرجه الحاكم 4/308،319، والبغوي في “شرح السنة” (4038) من طريقين، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ووافقه الذهني، ولم يتعقبه بانقطاعه،

وتعقَّبه في الرواية بعده الآتية برقم (19698)، والقضاعي في “مسند الشهاب” (418) ، وسنده صحيح ورجاله ثقات، وصححه الحاكم، وعزاه في المجمع إلى أحمد والبزار والطبراني وقال: رجالهم ثقات 10/249، لكنه منقطع كما قالوا. والحديث  حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه. والمُطلبُ بن عبد الله – وهو ابنُ حنْطَب- لا يعرف له سماعٌ من الصحابة، فيما نقل الترمذي في “العلل الكبير” 2/964 عن البخاري. وقال أبو حاتم- كما في “المراسيل” ص64 : عامةُ روايته مرسل. قلنا: وبقية رجاله  رجال الشيخين، غير سليمان بن داود الهاشمي، فمن رجال السنن، وروى عنه البخاري في كتاب “أفعال العباد”، وهو ثقة. عمرو: هو ابنُ أبي عمرو ميسرة، مولى المطَّلب بن عبد الله بن حنطب. وأخرجه عبد بن حميد (568) ، وابن أبي عاصم في “الزهد” (162) ، وابن حبان (709) ، والبيهقي في “شعب الإيمان” (10337) ، و”الآداب” (993) ، و”الزهد الكبير” (451) ، والبغوي في “شرح السنة” (4038) من طرق عن عمرو بن أبي عمرو، به. وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن أبي عاصم في “الزهد” (161) أخرجه عن هَدِيَّة بن عند الوهاب، أخبرنا الفضل بن موسى، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه مرفوعاً بلفظ: “من طلب الدنيا أضرَ بالآخرة، ومن طلب الآخرة اضرَ بالدنيا” فسمعته قال: “فأضروا بالفاني للباقي”. وإسناده  حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة بن وقاص، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، غير ابن أبي عاصم، وهدية بن عبد الوهاب، فمن رجال ابن ماجه، وكلاهما ثقة، فيُحَسَّن به.

  • ﴿ ما يستفاد من الآية﴾..

الآية الكريمة تخبر بأن الناس من شأنهم إيثار الدنيا وتفاصيلها وتقديمها على الآخرة؛ لأنهم يشاهدون زخارفها ونضارتها وشهواتها فيفتنون بها، ولذلك فإنهم يقدمونها على الآخرة إلا من

رحم الله، رغم أن الآخرة أشرف وأفضل وأحسن وأدوم من الدنيا، فينبغي للمؤمن أن يؤثر ما بقي على ما يفنى، كما جاء في الحديث.

  • ﴿ الحديث 8 .

روى أحمد ، والشيرازي في الألقاب، والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها. والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفًا (الدنيا دار من لا دار له، ومال لمن لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له).

  •  ﴿ تخريج الحديث﴾.

رواه أحمد ، والشيرازى فى الألقاب، والبيهقى فى شعب الإيمان عن عائشة . والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود موقوفًا.

* حديث عائشة : أخرجه أحمد (6/71 ، رقم 24464) ، قال الهيثمي (10/288) : رجاله رجال الصحيح غير دويد ، وهو ثقة . والبيهقي في شعب الإيمان (7/375 ، رقم 10638) . وأخرجه أيضًا : الديلمى (2/230 ، رقم 3109) .

* حديث ابن مسعود الموقوف : أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/375 ، رقم 10637) ، وأخرجه أيضًا : أحمد في الزهد (1/161) . قال المناوي (3/546) : قال المنذري والحافظ العراقي : إسناده جيد .

خامسا: قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) ﴾.

  •  ﴿ الحديث 9.

روى النسائي في الكبرى ، والبزار، والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي، عن ابن عباس رضي الله عنهما لما نزلت:  ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)﴾. قال النبي صلى الله عليه وسلم: كان كل هذا – أو كان هذا – في صحف إبراهيم وموسى، فلما نزلت: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37)﴾.قال: وفي ﴿أَلَّا تَزِرُ  وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38).

  •  ﴿ تخريج الحديث﴾.

 رواه النسائي في الكبرى 6/513، والبزار 2285، والحاكم 2/470، وصححه ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي 7/137 برواية البزار وقال: رجاله رجال الصحيح، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح.

  • ﴿ ما يستفاد من الحديث﴾.

الحديث موافق للآية الكريمة، وإن  ما هو مذكور في هذه السورة من المواعظ هو مثبت في الكتب القديمة المنزلة على خليل الله وكليمه عليهما الصلاة والسلام، فهي مما توافقت عليه الشرائع.

وبه تمت سورة الأعلى ،  والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على

سيدنا محمد وآله وذريته وزوجه وصحبه وحزبه أبد الآبدين.


[1]أخرجه أحمد في مسنده من طريق وكيع عن إسرائيل عن ثوير بن أبي فاختة عن أبيه عن علي به. وهذا إسناد ضعيف؛ لأن ثوير بن أبى فاختة متروك، قاله الهيثمي في (المجمع): 1 / 96 ، و رواه الهيثمي في المجمع 7 / 136، و البزار برقم : 775 , 776 , وابن عدي في الكامل : 2 / 533 بسند ضعيف.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.