منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

الدكتور محمد المختار الشنقيطي يحاضر عن: “الأسس الإيمانية للقيم والأخلاق” في الجلسة الافتتاحية لبرنامج سفراء المكارم

ذ. عبد العزيز حبدي و ذ. يوسف ألويز

0

الدكتور محمد المختار الشنقيطي يحاضر عن: “الأسس الإيمانية للقيم والأخلاق”

في الجلسة الافتتاحية لبرنامج سفراء المكارم

التقرير من إنجاز: ذ. عبد العزيز حبدي و ذ. يوسف ألويز

 

تحت شعار: ” من أجل عالم إنساني متراحم ” وفي موضوع:  الأسرة وبناء مجتمع القيم الإنسانية”، افتتح المركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري – لندن، يوم الجمعة 14 شوال 1444هـ الموافق  05 ماي 2023م، أشغال الدورة الثانية من برنامج سفراء المكارم دورة فطرة 2023 على الساعة الخامسة بالتوقيت الدولي، الثامنة بتوقيت مكة المكرمة، والتي ينظمها بشراكة مع مجموعة من المؤسسات البحثية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بمجال القيم والأخلاق، في الفترة الممتدة من 05 إلى 28 ماي 2023.

   بعد الجلسة الافتتاحية التي دامت قرابة الساعتين وعرفت حضور شخصيات وازنة من ضيوف الشرف والمؤسسات الشريكة، كان للحضور موعد مع المحاضرة الافتتاحية التي أطرها الدكتور محمد المختار الشنقيطي في موضوع: “الأسس الايمانية للقيم والأخلاق”. وسيرتها الدكتورة صباح العمراني منسقة دورة فطرة 2023، فبعد كلمتها الترحيبية بالضيف الكريم، وبالحضور المشاركون في الدورة، وبالشركاء والمنابر الإعلامية، بسطت للموضوع بتقديم حول مركزية مسألة القيم والأخلاق وأهميتها قديما وحديثا، وراهنيتها في ظل ما يعرفه العالم من متغيرات، لتنقل الكلمة بعدها مباشرة للضيف الدكتور محمد المختار الشنقطي الذي جاء حديثه حول الموضوع من خلال ثلاث محاور جاءت كالتالي:

 أولا: منظوران ومنهجان متناقضان حول موضوع الأخلاق لهما مقتضياتهما:

    المنظور الأول: متعلق بالإخلاد إلى الأرض والإخلاص للحياة الأرضية

    المنظور الثاني: التعلق بالسماء والسعي إلى الحياة الأبدية

  خلص الدكتور الشنقيطي من خلال المقارنة بينهما إلى الهشاشة التي يتسم بها المنظور المادي الإلحادي من الناحية الأخلاقية، حيث قال أن “من المستحيل بناء أخلاق صلبة بناء على منظور مادي للحياة والكون والإنسان” مستشهدا بأقوال فلاسفة وملاحدة غربيين. وأضاف: “لأن الحياة الإلحادية المادية لا يمكن أن تقوم عليها أخلاق صلبة لأن الأرضية الأخلاقية المنطلقة من عدم الإيمان هي أرضية رخوة”، والملاحدة لا يستطعون تسويغ الأخلاق بنظرية صلبة بخلاف المنظور الإيماني، وبالتالي “العيش في حياة أنانية ونرجسية بعيدة عن الأخلاق ومحبة الغير” كما قال الدكتور الشنقيطي.

  وحول المنظور الإيماني للأخلاق يرى الدكتور أنها (أي الأخلاق): مسوغة من خلال التكريم والإستخلاف الإلهي، فقد جعل الله تعالى الإنسان غاية وغيره وسائل من منطلق التسخير الإلهي. وأن هذه الأخلاق مطبوعة في الإنسان وفطرية فيه، وتولد معه. مستشهدا بقوله تعالى: ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) سورة الشمس/ 15. وهذا وحي، والوحي يقول الدكتور: “نور يؤكد نور الفطرة”.

   ثانيا: الفارق بين الأخلاق الإلحادية والأخلاق الايمانية:

    ذكر الدكتور في محاضرته أن هناك فارقا شاسعا بين كلا المنظورين للأخلاق وهو:

   -أن الأخلاق الإلحادية ميزاجية ليس لها قيمة موضوعية لأنها قائمة على أساس رخو بسبب نظرتها المادية للحياة والإنسان والكون، بينما الأخلاق الإيمانية في أصالتها قانون عام قائم على أساس صلب يرفض كل انتقائية أو ميزاجية،

   – أن الأخلاق الايمانية تقوم على ثلاث مستويات للمسؤولية هي بمثابة أسوار متينة للصيانة:

  • مسؤولية أخلاقية شخصية: أي سلطة الضمير وهي تهم الشخص في ذاته،
  • مسؤولية المجتمع على عمومه أي: سلطة المجتمع في دفع الشر والفواحش والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
  • مسؤولية قانونية أي: سلطة الدولة والتي توجب الإلتزام بالأخلاق.

  – أن فلسفة الأخلاق بالمنظور المادي فلسفة ازدواجية تراعي المنافع والمفاسد، أما المنظور الايماني فلسفته الأخلاقية فلسفة تركيبية ذات أبعاد متعددة، فلسفة مصلحية تراعي المنافع والمآلات والمقاصد والغايات، وأيضا هي فلسفة تعاقدية تراعي الوفاء بالعقود بمرونة وتستحضر الزمان والمكان.

  ثالثا: مقارنة الفلسفة الإيمانية الأخلاقية بالمذاهب الفلسفية المعاصرة

  خلص الدكتور الشنقيطي في هذا العنصر من خلال مقارنته بين المذاهب الغربية ( المذهب المبدئي والمذهب النفعي والمذهب التعاقدي والمذهب النسبي)  والمذهب الإيماني في موضوع الأخلاق إلى بيان أن: الأخلاق نعم هي مبدئية؛ ولكن إيمانيا هي أكثر مرونة في التشريع، وأن الأخلاق تتفاوت من حيث جلب المنفعة أو المضرة بحسب السياق والمصلحة، وأيضا أكد على تميز الإسلام في ضرورة الوفاء بالعقود لا التعامل بالمثل، وأن الإسلام هو المشرع للأخلاق لكن مع ترك مساحة للمسلم للتشريع الأخلاقي ضمن إطار الوحي.

    أورد الدكتور الشنقيطي في محاضرته ما يراه بديلا عن الفلسفة الإلحادية متمثلا في منظور التعلق بالسماء والسعي للحياة الأبدية والذي يظهر جليا في رسالة الإسلام، آخر الرسالات السماوية رسالة طرية ومحفوظة ولم تتغير. فهذه الرسالة الطرية هي ملاذ الإنسان اليوم، فالأخلاق في الإسلام فطرية مطبوعة في الإنسان وتحتاج للوحي الإلهي للتغذية والشحذ،  لا تنفك عن الإيمان.

 

   ثم ختم الدكتور الشنقيطي محاضرته بالدعوة إلى إنقاذ السفينة البشرية من الغرق وذلك بخلق وبعث الأخلاق في نفوس الأجيال القادمة، وأكد على أن الأخلاق الصلبة الحقيقية هي التي تقوم على أسس إيمانية وأن الإلحاد وانهيار هذه  الأسس هو من أكبر  الأخطار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.