مَجْدٌ وَرِثْنَاهُ .. والآبَاءُ وَرَّثَهُمْ أَجْدَادُنَا (قصيدة)
مَجْدٌ وَرِثْنَاهُ .. والآبَاءُ وَرَّثَهُمْ أَجْدَادُنَا/ الشاعر ابو علي الصُّبَيْح
مَجْدٌ وَرِثْنَاهُ .. والآبَاءُ وَرَّثَهُمْ أَجْدَادُنَا (قصيدة)
بقلم: الشاعر ابو علي الصُّبَيْح
مِنْبَر الْأَحْرَار فِلَسْطِين
هَا هنَا وقْتٌ قصِيرٌ
ساعَةُ اللونينِ لا تكفِي صلاةَ الفجرِ
كيْ ترتاحَ نافلةُ النهارِ
وأغنياتُ النهْرِ والعرباتُ والأزهارْ
ويرحلُ سارقُ الكلماتِ عنْ أفقِ الجِدَارِ
إلى الكمانِ المنتشي باللحْنِ
مذْهُولاً وَمرتَعِداً
يُدَحرجُ زهرةَ الريْحَانِ
يقطفُ رَمْلَهَا جَدَداً
*********************
مَجْدٌ وَرِثْنَاهُ .. والآبَاءُ وَرَّثَهُمْ
أَجْدَادُنَا وَاقْتِفَاءُ الخَطوِ يُغْوِيْنَا
نَبْنِي كَمَا أَنَّهُمْ شَادُوا بِهِمَّتِهِمْ
وَسَجَّلُوا لِلعُلا وَالفَخْرِ مَاضِيْنَا
وَنَحْتَفِي بالتُّرَاثِ ـ الفَذِّ ـ يَنْقُلُهُ
جِيْلٌ لِجِيْلٍ .. فَلا نَأْلُوهُ تَأْمِيْنَا
بَاقٍ بَقَاءَ الَّذِي القدس تَكْتُبُهُ
أَفْرَاحُنَا سَعْدُنَا نَرْوِي مَآسِيْنَا
وَقَدْ غَدَتْ أَرْضُنَا نَهْبًا لِمَظْلَمَةٍ
وَعَادِيَاتُ الرَّدَى تَغْشَى أَرَاضِيْنَا
أَمْسَتْ مَرَاحًا عَنُودُ الجِنِّ يَسْكُنُهَا
وَلَمْ تَكُنْ قَبْلُ تَسْتَهْوي الشَّيَاطِيْنَا
مِنْ حَدِّ (الشام) حَتَّى حَدِّنَا شتات
بِنَا قُرَانَا .. وَنَارُ الشَّوقِ تُصْلِيْنَا
مُهَجَّرُونَ الأَسَى لَو شَاءَ يَقْتُلُنَا
لَكِنَّمَا فِي الدِّمَا .. عَزْمٌ يُقَوِّيْنَا
أَبْلِغْ ( فلسطين) أَنَّا فِي مَرَاقِيْنَا
لِمَدرَجِ العِزِّ فَوقَ النَّجْمِ مَاضُونَا
فِي القَلبِ مِنَّا وطني العُلا فَثِقِي
أنَّا على العَهدِ طُولَ العُمرِ بَاقُونَا
لا نَنثَنِي لِلْوَرَاءِ .. المَجْدُ عَلَّمَنَا
أَنَّا نَسِيْرُ .. وَبَاقِي الخَلْقِ يَقْفُونَا
إنَّا ارتَضَعنَا وَثَدْيُ العِشقِ مَشرَبُهُ
سَـرَى بِأورِدَةٍ … زَكَّى شَرَايِيْنَا !
فَبَاتَ كُلُّ ( أَوطاننا ) مُعْتَقِدًا :
أَنَّ الوَفَا لَكِ .. مِمَّا يُكْمِلُ الدِّيْنَا
نَمْضِي وَفِي إثرِنَا تَخْضَرُّ خُطوَتُنَا
وَفِي رُؤَى الكَدِّ أَبْطَالًا مَيَامِيْنَا !
قَضَى الشَّتَاتُ بِنَائِي الأَرْضِ يُبْعِدُنَا
فَهَلْ تُرَى بَعْدُ أَقْصَاهَا .. وَيُقْصِيْنَا ؟
وَفِي القُلُوبِ حَمَلنَا (دُوْرَهَا) سَكَنًا
وَ ( رُوحُنَا ) لَمْ تُغَادِرْ قَطُّ نَادِيْنَا
رُحْنَا نُطَوِّفُ فِي الآفَاقِ ـ تَجْمَعُنَا
حِينًا مِنَ الدَّهْرِ أَو تَنْأَى بِنَا حِيْنَا
لا نَحْمِلُ الهَمَّ أَو نَشْقَى بِغُرْبَتِنَا
وَوَازِعُ الصَّبْرِ .. بِاللُّقْيَا يُمَنِّيْنَا
وَسَوفَ نَرْجِعُ .. وَالأَيَّامُ شَاهِدَةٌ
مَا ظَنُّكُمْ والاقصى للقدس يَدْعُونَا ؟
مُضَاحِكًا حَولَنَا يُحْيي ضَمَائِرَنَا
عَلَى بِسَاطٍ مِنَ الآمَالِ يُبْقِيْنَا
مَا بَيْنَنَا والاقصى مَوْعِدَةٌ
وَسَوفَ نَلْقَاهْ إِذْ نَسْعَى مُلَبِّيْنَا
فَفِي قُرَى النُّوبَةِ الفَيْحَاءِ مُهْجَتُنَا
وَعِطْرُ أَنْسَامِهَا يَسْرِي فَيُحْيِنَا
وَيَسْتَحِثُّ الرُّؤَى فِي خَاطِرٍ كَلِفٍ
وَإِنْ غَفَونَا غَدَا حُلْمًا يُنَاجِيْنَا
دَارَتْ بِنَا دَورَةُ الأَيَّام مَا انْخَرَمَتْ
مِنَّا عَزَائِمُ .. أَو أحْنَتْ نَوَاصِيْنَا
نُغَالِبُ الوَقْتَ .. والأَقْدَارُ غَالِبَةٌ
وَلا يَكُونُ سِوَى مَا قَدَّرَتْ فِيْنَا !
إِنَّا شَقَقْنَا بِبَطْنِ الأَرْضِ سِكَّتَنَا
وَفَوْقَهَا نَبْتَنِي .. عِــزًّا وَتَمْكِيْنَا
فِي كُلِّ رُكْنٍ بِأَرضِ اللهِ تَلْقَ لَنَا
شَأْنًا .. وَلَمَّا نَكُنْ يَومًا مَسَاكِيْنَا
أَيَسْتَكِيْنُ مَنِ الأُخْرَى بِضَاعَتُهُ ؟
وَلا يَرَى فَوقَهَا تِبْرًا .. وَلا طِيْنَا
فِيْنَا التَّكَافُلُ ـ حُبُّ الخَيْرِ غَايَتُنَا
عِشنَا مِثَالًا ـ وَهَلْ يَخْفَى تَآخِيْنَا ؟
وَعِنْدَنَا فِي الأرض (الدُّرُّ) خَبَّأَهُ
مِنَّا احِتِشَامٌ وَرِزْقٌ طَابَ مَاعُونَا
وَهُنَّ مِنْ قَاصِرَاتِ الطَّرْف كُنَّ لَنَا
( المُرْضِعَاتُ ) .. بِأَيْدِيْهِنَّ رُبِّيْنَا
نُعِدُّ فِتْيَانَنَا بالعِلمِ .. نَحْشِدُهُمْ
دِرْعًا لِلاقصى…. فَنَبْنِيْهَا وَتَبْنِيْنَا
وَنَرْتَجِي لُحْمَةً تَحْمِي أَوَاصِرَنَا
وَصَفُّنَا لا يُعَانِي مِنْ تَجَافِيْنَا
وَأَرْضُنَا فِي حَصَادِ الوَقْتِ عَامِرَةٌ
وَفِي جَنَى غَرْسٍهَا أَغْلَى أَمَانِيْنَا
لَنَا بِأَكْنَافِهَا أَطْلَالُ ( مِئْذَنَةٍ )
لَمَّا تَزَلْ بِالنِّدَاءِ الحَقِّ تُشْجِيْنَا
وَزيتونه ـ مَا وَنَتْ ـ تَنْعَى مُنَادِمَهَا
وَالعُشْبُ يَشْتَاقُ لِلمَرْعَى وَرَاعِيْنَا
وَمَا عَهِدْنَاهُ إِلا مَوطِنًا صَدَقَتْ
بِهِ البِشَارَاتُ .. لا يَنْفَكُّ يُدْنِيْنَا
وَمِنْ بَدِيْعِ الرُّؤى بالطِّيْبِ يَنْفَحُنَا
وَمِنْ هَدَايَاهُ ـ مَا أَغْنَـاهُ ـ يُعْطِيْنَا
مُعِيْنُنَا اللهِ فِي الشِّدَاتِ يَعْصِمُنَا
وَنَجْدَةُ اللهِ حِيْنَ البَأسِ تُنْجِيْنا
وَفِي الحَنَايَا حَنِينُ الرُّوحِ يَحْمِلُنَا
وَنَقْتَفِي سُنَّةَ المَبْعُوثِ ( هَادِيْنَا )
فَلِلخُلُودِ دٍيَارًا أَرْضُهَا ذَهَبٌ
وَبَلْسَمٌ ترابها .. مِمَّا يُعَنِّيْنَا
هَذِي (أَرضنا) لَحْنٌ لا نُغَادِرُهُ
يَومًا .. وَلَو بَلَغَتْ مِنَّا تَرَاقِيْنَا
يَا رَبُ : أَتْمِمْ لِهَذَا الدِّينِ عِزَّتَهُ
وَاحْفَظ لَنَا فلسطين نَبْنِيْهَا بِأَيْدِيْنَا