منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

تقرير حول الندوة الدولية تحت عنوان “المدرسة الأصولية بالمغرب والأندلس الأعلام، القضايا، الخصائص”

محمد بوعنونو

0

تقرير حول الندوة الدولية تحت عنوان “المدرسة الأصولية بالمغرب والأندلس الأعلام، القضايا، الخصائص”

محمد بوعنونو

 

آيات بينات من الذكر الحكيم تنساب بصوت شجي بين جم غفير من طلبة وأساتذة وباحثين، وكلمات شكر وترحيب تستحيل عبقا فواحا ينبعث من منصة طافحة بعلماء عالمين، ذلك هو المشهد الذي افتتحت به هذه الندوة الدولية الموسومة “بالمدرسة الأصولية بالمغرب والأندلس الأعلام، القضايا، الخصائص” المنظمة من طرف جامعة محمد الأول، ومختبر المناهج في الحضارة الإسلامية وتجديد التراث بكلية الآداب، ودار الحديث الحسنية بالرباط، والمجلس العلمي المحلي بوجدة، يومي 11 و12 ماي 2023م، برحاب كلية الآداب بوجدة.

إثر الجلسة الافتتاحية المخصصة للترحيب بالحضور ووضع المتابعين ضمن السياق العام للندوة وموضوعها وأهدافها، شرع مباشرة في المحاضرة الافتتاحية التي تولى إلقاءها فضيلة الدكتور العلامة سيدي مصطفى بنحمزة، حيث ناقش بأسلوبه العلمي الرصين ومنهجه المكين طرق استثمار النص الشرعي عند مالكية الغرب الإسلامي، مركزا على أهمية اللغة وفهم الدلالات، مستنكرا التطاول على الشريعة دون الإلمام بهذه الضوابط وغيرها، مبرزا في الآن ذاته مكانة دار الحديث الحسنية بالرباط وظروف تأسيسها، ذاكرا بعض اللطائف المتعلقة بها، فأجاد حفظه الله وأفاد، وأتى كعادته بكل ما تشتهيه الأنفس وتستلذ سماعه الآذان من دقائق العلم وحكمه وأسراره.

بعد هذه المحاضرة القيمة واستراحة شاي على شرف الحضور، شرع في الجلسة العلمية الأولى التي ضمت أربع مداخلات من أصل ست مبرمجة، حيث تم تسجيل غياب باحثين اثنين تعذر حضورهما لأسباب خاصة.

المداخلة الأولى تقدم بها الدكتور سيدي الميلود كعواس من الكلية المتعددة التخصصات بالناظور، عالج فيها نشأة الدرس الأـصولي بالمغرب الأقصى، حيث قسمه إلى ثلاث مراحل: مرحلة النشأة، مرحلة التطور ثم مرحلة السكون، وكانت مداخلة شيقة نالت إعجاب المتابعين.

والثانية تحت عنوان: “المدرسة الأـصولية بالمغرب والأندلس في العصر المرابطي مقاربة تاريخية ومراجعات نقدية” ناقش فيها الدكتور أحمد الخاطب من دار الحديث الحسنية بالرباط وضعية أصول الفقه في عصر المرابطين، ومظاهر حركية الأصول بالمغرب مع عرض لبعض رؤى المؤرخين التي تصف حال أصول الفقه بالمغرب إبان هذه الحقبة التاريخية.

والمداخلة الثالثة للدكتور عبد الرحيم الكتامي عن جامعة محمد الأول بوجدة، تطرق فيها إلى قضية تدريس أصول الفقه بجامع القرويين، فذكر انعدام منهج معين في التدريس، وسجل اعتناء المغاربة الخاصة بأصول الفقه من خلال تدريسه بمختلف الكتب في رحاب الجامع.

أما المداخلة الأخيرة ضمن هذه الجلسة فقد عالجت على غرار سابقتها وضعية أصول الفقه، لكن في العصر الموحدي، مع إلماع خفيف لسياق بناء جامع ابن يوسف بمراكش، ضمن ورقة علمية قام بعرضها الدكتور عبد المجيد الخيالي عن الخزانة الملكية بالرباط.

وفيما يخص الجلسة العلمية الثانية والتي عقدت مساء، فقد اشتملت على ثمان مداخلات كاملات، يمكن تلخيصها كالآتي:

الأولى للدكتور إلياس المراكشي عن جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، ناقش فيها تطور المنهج الأصولي في المدرسة المالكية المغربية وملامح التجديد فيه.

والثانية تحت عنوان: “خصائص بنية المعرفة الأصولية بين خاصيتي العلمية والغائية، ملامح منهجية ونماذج تطبيقية” تحدث فيها الدكتور عبد الحليم القبي من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس عن ارتباط أصول الفقه المغربي بالجانب العملي، وهو ما أثمر علم النوازل، وسجل أيضا أن خاصيتي العملية والغائية كانتا سببا في إقلال المغاربة في الكتابة الأصولية.

والثالثة للدكتور محمد وزين خريج جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس، ركز فيها على خصائص البنية المعرفية الأصولية من خلال كتابي: إحكام الفصول والموافقات، ومن ثم تعميم النتائج على باقي التراث الأصولي المغربي.

وفي السياق نفسه أثار الدكتور عبد العالي بنسعيد خريج جامعة عبد المالك السعدي تطوان، نظرية التكامل المعرفي في المدرسة الأصولية بالمغرب والأندلس، فركز الحديث فيها عن العلوم التي يستمد منها أصول الفقه مادته ويستقي من خلالها وحيه، مع إبراز هذه التقاطعات العلمية التي تشكل في نهاية المطاف بنية معرفية موحدة ومتكاملة.

أما المداخلة الخامسة ضمن هذه الجلسة العلمية الثانية فقد ناقش فيها الدكتور الحاج محمد الحفظاوي عن جامعة ابن زهر أكادير قضية النقد الأصولي عند علماء الغرب الإسلامي، حيث رام إثبات المنهج في التراث الأصولي المغربي، من خلال عرض كشكول من المسائل الأصولية الدالة على ذلك.

والسادسة سلط فيها الضوء الدكتور محمد الطويل من جامعة القصيم السعودية على التصنيف الجدلي عند المغاربة من خلال دراسة استقرائية وصفية، ذكر فيها بعض المؤلفات التي تثبت اشتغال المغاربة بعلم الجدل.

والسابعة ورقة علمية تقدم بها الدكتور عبد الله أكرزام عن جامعة ابن زهر أكادير، أثبت فيها أن القضايا الأصولية تتجاوز الكتب الأصولية الصرفة، لتشمل أيضا كتب النوازل والمدونات الفقهية مع ذكر شواهد تؤكد صدق فرضيته.

والثامنة أظهر فيها الدكتور سلمان الصمدي خريج جامعة ابن طفيل القنيطرة، منهج كل من المدرسة الأصولية المالكية والشافعية مع إشارة إلى أهم الفروق بين المنهجين، وبمداخلته تم إسدال الستار عن فعاليات هذه الندوة في يومها الأول.

أما اليوم الثاني فقد استهل بجلسة علمية ثالثة اشتملت على ثمان مداخلات كالآتي:

الأولى للدكتور عبد العالي المتقي من جامعة ابن زهر بأكادير، أثار فيها مسألة السؤال الأصولي في التراث النوازلي بالغرب الإسلامي، مع الإشارة إلى السياق المعرفي لهذه القضية وموجباتها.

والثانية تحت عنوان: “المراسلات الأصولية عند مالكية الغرب الإسلامي وأثرها في بناء المعرفة الأصولية” تحدث فيها الدكتور محمد بوكريم خريج جامعة ابن زهر أكادير عن قيمة هذه المراسلات وأثرها في إثراء المدرسة الأصولية المالكية.

والثالثة للدكتور محمد سهلي خريج دار الحديث الحسنية بالرباط، أظهر فيها أسباب عناية المغاربة بكتاب البرهان للجويني وتجليات هذا الاعتناء، وعلى المنوال نفسه نسج الدكتور أنيس سالم عن جامعة ابن زهر أكادير في مداخلة رابعة أبرز فيها عناية المغاربة بكتاب المستصفى للغزالي وذكر مظاهر هذا الاهتمام.

والخامسة ورقة علمية تحدث فيها الدكتور عيسى بنكرين خريج جامعة محمد الخامس بالرباط عن أصول الفقه التطبيقي في المدرسة المغربية ضمن ثلاثة مستويات: آيات الأحكام، أحاديث الأحكام ثم النوازل.

والسادسة خاصة بأصل ما جرى به العمل، من حيث هو أصل تميز به المذهب المالكي عن غيره، مع الإلماع إلى مفهومه وخصائصه وأثره في بناء الأحكام وتنزيلها، تولى بيان ذلك الدكتور عبد الحق الحوتة من فاس.

والسابعة تكملة لسابقتها حيث تعالج هي الأخرى أصلا تميز به المذهب المالكي ألا هو مراعاة الخلاف، ناقشه الدكتور عبد الحق طاهري عن جامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال من حيث أسباب ظهوره وموقعه ضمن باقي الأصول مع الإلماع إلى خصائصه وأثره.

ليتم إسدال الستار عن هذه الجلسة العلمية بمداخلة ثامنة تقدم بها الدكتور عبد السلام الرحيوي عن جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، سلط فيها الضوء على الفكر الأصولي عند أبي علي الحسن اليوسي.

وكان ضمن البرنامج محاضرة ختامية لفضيلة الشيخ العلامة مولود السريري لكن تعذر حضوره لأسباب خاصة، ليتم تقديم الجلسة الختامية التي اشتملت على كلمة شكر وتهنئة بنجاح الندوة من طرف السيد رئيس جامعة محمد الأول ياسين زغلول، وقراءة التقرير العام للندوة من طرف الدكتورة الفاضلة السيدة نجاة المديوني، مع كلمات مختصرة لبعض السادة الأساتذة باسم اللجنة المنظمة، ليتم وضع نقطة نهاية لفعاليات هذه المأدبة العلمية الدسمة بتلاوة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى السدة العالية بالله مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس أعزه الله وحفظه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.