منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

التاريخ يعيد نفسه

يوسف مشرع

0

السنن الكونية هي فعل الله المطلق، منها تعاقب الليل والنهار في نسق  مطرد، حفاظا على النظام الذي من خلاله تستمر الحياة. ولايستقيم أي بناء  دون أن يخضع لهذه السنن الكونية، ولا ترتقي الامم إن لم تراع هذه السنن ، وكل ذلك تحت مشيئة الله تعالى.

واحترام هذه السنن ومراعاتها، لايتنافى مع سنة التدافع مع الأخذ بالأسباب .

عصر الانحطاط، اضمحل فيه الإنتاج الفكري والعلمي، وتوقف العقل العربي عن الإبداع او كاد. واستبد فيه الحاكم ، وظهر علماء البلاط وشعراء البلاط، وحتى الوعاظ لم يسلموا من موائد الحكام . وتوارى العلماء الناصحون، خوفا على دينهم، واقتحم القلة منهم مجالس اللهو كالفراش ناصحين، فلفحتهم نار السلطان … وسنن الله ماضية لا تتخلف . ولا راد لقضائه.

التاريخ يعيد نفسه… بل السنن الكونية تدور وتتعاقب وفق نواميس يُطلب من القائمين  الحفاظ عليها .

في اوج العطاء حدثنا السلف عن (الشوكة ) وضرورة الحفاظ عليها، والشوكة رمز للقوة، والحفاظ عليها مطلب شرعي، فكسرها الاستبداد، ولم تعد للمسلمين شوكة، و لما ضعفوا واستكانوا حدثنا العلماء عن الحفاظ عن (بيضة الاسلام)، كان ظاهرها: إقامة الشرع، والدفاع عن حماه .. وباطنها رعاية الاستبداد، وحماية التسلط .. وبدأ الوهن يذب في جسد الأمة، وينخر قواها .. ووكل كثير من الأمر لغير أهله،  واختلت الموازين، وضاعت البيضة، و انقلبت الدولة دويلات ، والملك ممالك، بعد أن اخترقهم العدو وجعلهم أوزاعا أشتاتا ، وتقاتلوا كما تتقاتل الديكة  على خشبة الأعداء .. وأصبحوا أغناما  بعد أن كانوا رعاة ، وسيقت الاغنام الى موائد الصليبيين لتجد حتفها بعد الهوان .

سنة الله تعالى أنه ينصر من ينصره .. وانه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. وان النصر حليف المسلمين مااجتمعوا على نصرة دينه .. وأن التنازع سبب الفشل وذهاب الريح،  وان اتخاذ الأعداء أولياء، وإلقاء المودة إليهم، ظلم وتمرد على السنن .

علمنا التاريخ أن السنن الكونية لاتحابي أحدا، كائنا من كان، وقد وليها معاوية رضي الله عنه، ولم يكن أحق بها من علي كرم الله وجهه، وتبعه جمع من الصحابة متأولين، واستبد الخلف بما ورثه عن السلف، واكتوى  الصحابة بنار المُلك الوراثي على يد اليزيد .. سماه ديدان القراء بالخليفة زورا .. ثم ولي الحكم صبيان بني أمية  ، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق .. ثم جرفتهم ثورة بني العباس.

إنما يصمد البناء إذا بني على أساس متين، بلبنات متماسكة ، ويحفظ البناءَ الرجال، ويسهر على حفظ البيت الأمناء من أن يتسرب اليه العدو بمعاوله فيهدمه؛ لان معرفة العدو المتربص، أولى من التشكيك في الناصح إن أغلظ القول، أو لم تسعفه العبارة… والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.