الإجماع نشأته وأنواعه من منظور الدكتور عبد الله النقشبندي
الدكتور عماد ستار عمر
الإجماع نشأته وأنواعه من منظور الدكتور عبد الله النقشبندي
الدكتور عماد ستار عمر
يذكر لنا الدكتور أنواع الإجماع وكيفية بدايته في الفقه الإسلامي ويؤصل مبدأ الإجماع عند المسلمين, وأراد بذلك أن يرد ما يدعي أستاذه شاخت من أن الإجماع في الفقه الإسلامي ليس شيئاً أصيلاً بل نقله علماء المسلمون من الفقه الروماني ويرد تلك المزاعم بقوله:
فور وصول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة في العام الأول من الهجرة تأسست دولة الإسلام الأولى، وشيد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح النبي الرسول صلى الله عليه وسلم هو الآخذ بزمام الرئاسة العليا للدولة، يعينه ويؤازره في أمورها ذوو الدراية والفهم، المتأهلون للحل والعقد من أصحابه المؤمنين من المهاجرين والأنصار، فنزل القرآن المجيد يأمرهم بالشورى وإليك نص الآية الكريمة، قال تعالى: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”[1].
الواقع هو أن الشورى كانت قد وردت في سورة مكية منزلة قبل الهجرة أي قبل تأسيس دولة الإسلام، فسميت بها سورة وهي الثانية والأربعون إن هذه السورة إنما أوردت الشورى في الآية (38) في سياق الثناء على المؤمنين ومزايا خصال لهم حميدة مميزة منها الشورى في مجتمعهم. ولاشك أن الشور إذا ذكرت في معرض المحامد مع الإيمان والإنفاق واجتناب المآثم وإقامة الصلاة فأن تلك قد أغنت العقول فهماً لمنزلة الشورى في نظم الإسلام، كما أغنتها آيات أخرى من القرآن ادراكاً لما ناقض الشورى من استبداد الطغاة والطواغيت[2]
أما الحكم التشريعي الآمر باتباع الشورى فقد تم كما قلنا بعد تأسيس دولة الإسلام، وأخذ الرسول العظيم في تطبيق الآية الأخيرة، شأنه مع سائر أحكام الكتاب الكريم، وليس يخفى على أحد من الناس المتعلمين منهم وغير المتعلمين أيّ جماعة يتشاورون في أمر فلا يخلو شأنهم من أن يختلفوا فتتعدد الآراء أو أن يجمعوا قاطبة على رأيي أو حكم واحد فذلك هو الإجماع. هذا إنما هو من لأمور المعروفة على البداهة، فلا يحتاج في معرفته إلى مزيد خبرة أو نباهة أو دراية في علم القانون [3].
من هنا يعرض الدكتور ما أراد أن يتوصل إليه ويثبت النوع الأول من الإجماع وهو إجماع الشورى بقوله:
هكذا انبثق إجماع أهل الحل والعقد من الشورى وهو أول إجماع ظهر، وابتدأ ما ذكره مؤرخو الرجال بعدئذ من أن فلاناً كان من أهل الشورى في العهد الفلاني، ولقد دون لنا مؤلفو العصر الأول تفصيلات قضايا مهمة عُرضت على الشورى فاتُّخِذت فيها قرارات وشُرِّعَت أحكام عظيمة الأثر في حياة الأمة وسياسة الدولة.
في لفتة ذكية يذكر الشيخ لقارئيه الشروط المعتبرة لأهل الشورى، ويرى الشيخ أن أهل الشورى لابد أن يوجد فيهم هذه الشروط الستة:
1 – تقوى الله، كي يحس بعظمة المسؤلية التي على عاتقه في الدنيا والأخرة ويشعر بمراقبة الله له.
2 – الإخلاص التام في القول والعمل بمعنى أن يكون شعاره شعار الأنبياء “فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ”([4]]
3 – التضحية والجهاد المتواصل في سبيل الله
4 – ويجب أن يكون المرشح لهذا المنصب خبيراً ومختصاً في علم من العلوم.
5 – وكذلك هذا المنصب يقتضي أن يكون المشاور عليماً بقضيا المتعلقة بمهنته فالعمل عمل العلماء لأنه متعلق بدنيا ودين الناس.
6 – إضافة إلى ذلك تكون الدراية صفة مطلوبة لمن أراد أن يكون منضمن هذه الزمرة المأثرة في الجتمع الإسلامي. كل ذلك لخصة الدكتور في قوله:
« ونحن نعلم اليوم من تكلم التفصيلات أن المؤهلات الشخصية المرعية في أهل الشورى إنما كانت الخبرة والعلم والدراية منضمة إلى التقوى وسابقة الإخلاص التام والجهاد المتواصل في سبيل الله سبحانه؛ لتشييد دولة الإسلام وإعلاء شأنه، وعزة أمته والذود عن حياضه، ونعلم كذلك أن أهل الشورى ما كانوا ليتعجلوا القضايا ذوات البال والخطر بقرار، بل ربما أطالوا أمد النقاش والمباحثة حتى التوصل إلى حكم تطابقوا عليه وأقروه بالإجماع، وقد نقل لنا القاضي أبو يوسف[5] نماذج عدة من تلك الإجماعات في كتابه الشهير «الخراج»[6]. ثم يذكر الدكتور النوع الثاني من الإجماع وكيفية نشأته ويقول:
النوع الثاني إجماع الأمة:
وجاءنا الكتاب المجيد بنوع آخر من الإجماع نص عليه في سورة النساء، حيث قال تعالى:”وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا”[7]. فههنا الأمر باتباع (سبيل المؤمنين) توكيداً دلّت عليه صيغة الوعيد الأخروي لمن يتبع غير سبيل المؤمنين. فماذا أريد بسبيل المؤمنين؟ وكيف تميزت مقوماتها فتعرف وتتبع ويجتنب ما ليس منها الذي يغايرها؟ الذي لايخفى من أمر هذه المسألة هو أنها ليست من المسائل حاضرة الجواب يستوى فيه العالم وغير العالم؛ بل إنها ليست مما يستوي في العلم بها المتضلعون وغير المتضلعين من علوم القانون. فلنرجع، إذن، إلى إمام من أئمة هذا العلم في العصر الأول.[8]
لتقوية موقفة ومتانة رؤيته يستدل الدكتور بقول الشافعي لشرح ما جاء في الأية (سبل المؤمنين) و(غير سبيل المؤمنين) ويقول: يقسم الإمام الشافعي في عدد من تواليفه ولاسيما كتاب (جماع العلم) جملة أحكام القانون الإسلامي إلى نوعين من العلم: علم الخاصة، وعلم العامة، فعلم الخاصة إنما يتقوّم بالأحكام والقواعد القانونية المفصلة التي يختص بعلمها رجال القانون دون سائر الناس؛حتى إذا أحاط بها من أحاط أصبح رجل قنون بعلمه. وإن من أمثلته أحكام عقود المزابنة والمرابحة والمخابرة وبيع الأعدال على البرامج. [9]
فعلم العامة إنما هو المعلوم من الإسلام بالضرورة يعرفه أفراد الأمة العالم منهم وغير العالم، يجمعون عليه كذلك، وإنما يتقوّم بمجملات الأحكام التي لايسع إنساناً بالغاً عاقلاً من الذكور والإناث إلا العلم بها مادام فرداً من أفراد الأمة، مثل وجوبية الصلاة والصيام وحرمة الربا والزنا والقتل إجمالاً ويترك التفاصيل للعلماء والمختصين، فهو سبيل المؤمنين ومحطّ إجماع الأمة، فكل ما أجمعت عليه الأمة فهو لازم الاتباع ومناط ذلك الآية الكريمة ومفهوم قول الرسولr: ((لا تجتمع أمتي على الضلالة[10] علمنا مما تقدم أن كلاً من إجماع الشورى وإجماع الأمة مصدر من مصادر القانون الإسلامي وأن التحديد الفقهي لثاني هذين المصدرين أمر دقيق المأخذ وغير متسم بالسهولة العادية في فهم المراد من إجماع مجلس أنه اتفاق أعضائه على رأي أو قرار. كما علمنا أن تأسيسها بين مصادر القانون الإسلامي قد تم في حياة الرسول وبنصوص آمرة من القرآن الكريم[11].
النوع الثالث: الإجماع المدرسي
يتكلم الشيخ في كتابه عن ظهور هذا النوع من الإجماع اي اإجماع المدرسي، ويرجع سبب ظهوره إلى انتشار علماء الصحابة في البلاد الإسلامية وتبليغ ما استقوه من ينبوع النبوة المحمدية ثم تطوريه إلى أن صار آراءهم مدارس فكرية فقهية ويقول: «استن الرسول الكريم سنة عملية معروفة في مراجع العصر الأول وفي كتب الحديث والسيرة والتاريخ. تلك هي أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن أسس دولة الإسلام في عاصمة المدينة المنورة فأقبلت عليه أقطار الجزيرة والخليج تنضوى تحت راية الإسلام. أخذ يبعث إلى تلكم الأقطار فقهاء يعلمون أبناءها أحكام الشريعة والدين الجديدين. وكان يبعث الفقيه أحياناً في رفقة الوفد الوافد لإعلان الإسلام. هولاء وأمثالهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الفقهاء الذين عرفوا يومئذ بلقب(القُرّاء) [12].
ويذكر لنا الشيخ الدكتور سبب تسميتهم بهذا الإسم وعدم تسميتهم فقهاء بقوله:
« مع أن الحثّ على طلب الفقه قد ورد في القران المجيد بصيغة فعل مزيدٍ مشتق من مادة (فقه) ويظر من تاريخ القنون الإسلامي أن استطابة لقب (القُرّاء)يومئذٍ كانت راجعة إلى مطابقة حالهم في استظهار نصوص القرآن والمواظبة على قراءته واستنباط الأحكام القانونية والقضائية منه، وإلى دوام الذكرى والتيمن بآيات العلم التي سبق أن استفتح بها الوحي إلى خاتم النبيين: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، قْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.[13] فبدأ القراء الفقهاء ينبثون إلى الأقطار قضاة وهداة وأساتذة ومعلمين.[14] ثم يكمل لنا كيفية ظهور المدارس الفقهية في مراحلها الأولية بقوله:
وسنة بعث القراء إلى الأمصار استمرت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بل اتسعت اتساع الفتوحات الإسلامية طوال عهد عمر الفاروق حيث انتشر قراء الصحابة وعلماؤهم في أقطار العالم الإسلامي الجديد. وفيهم الوالى والقاضي والأستاذ والجندي وقائد الجيش. وإن من هؤلاء من استقر زماناً أو استوطن حيث شاء من تلكم الأقطار، وحولّ العالم الجليل يلتمّ طلاب العلم والعلماء، فتنشأ المدارس الفكرية في العلوم. وهكذا كان الأمر أيضاً عهد ذاك.[15] فلما تسلسل علوم القانون من القراء إلى التابعين، فإلى علماء الأمصار برزت مدارس الفقه الفكرية في عدد من الأقطار في العراق وفي الشام وفي مصر كما في المدينة المنورة ذاتها التي خرجت فيها الشريعة ومصادرها إلى سائر الديار الأمصار. وما كان للجانب الجغرافي من أثر في نشأة هذه المدارس. وإنما نسبت ما نسبت منها إلى مدينة أو ديار لأن الأئمة أعلام المدرسة الفكرية استوطنوها. بل الأمر كله في تعدد هذه المدارس القانونية راجع إلى مناهج الفكر وطرق الاستنباط وقواعد التخريج. ولذلك أمكن الاتساع الدائم في نطاق الأحكام التفصيلية في القانون الإسلامي مع أن المصدرين الأساسين لدي هذه المدارس جميعها هما الكتاب والسنة.
المهم أن كل واحدة من هذه المدارس الفكرية ضمت علماء قانون مجتهدين اختلفت آراءهم في مسائل واتفقت في مسائل كما هي سنة العلم في كل مدرسة وعصر. فتلك التي اتفقت فيها آراء لدى علماء مدرسة فهي المجمع عليها عندهم وذلك التطابق في الرأي هو إجماعهم، وما نعلم أحدا إدعى أن الإجماع مدرسته يقطع سبيل الخلاف على علماء سائر المدارس أو أن الحكم المبني عليه وحده في المسألة فهو قانون ملزم أفراد الأمة أجمعين. بل كل ما في أمر هذا الإجماع المدرسي أنه ذكر في مجال الاستدلال والمناقشة الفقهيين دونهما جنوح إلى اتخاذه مصدرا برأسه القانون.[16]
النوع الرابع إجماع المجتهدين:
بعدما أثبت الدكتور إجماع الشورى وإجماع الأمة أرد أن يتكلم عن نوع آخر من أنواع الإجماع في منظومتنا الفقهية وهذه المرة يتكلم عن النوع المشهور من أنواعه وهو إجماع علماء المجتهدين. للدكتور فهذا النوع من الإجماع تحليل ونقد في غاية الأهمية، حيث يرى الدكتور أن ما يسمى إجماع جميع مجتهدي الأمة بعيد وغير وغير وارد ولم يكن هذا النوع من الإجماع مشهور لدى سلف الأمة. ويشير إلى الخطأ الذي وقع فيه علماء العراق حول هذا النوع من الإجماع حيث يقول: إن الفقهاء العراقيين انساقوا من الإجماع المدرسي إلى فكرة الاستلال بإجماع علماء الأمصار جميعهم، أي ما صادف أن وجدت فيه آراؤهم المروية متطابقة. لكن الشافعي، وقد كان كما أسلفنا أعظم أصولي من مجتهيدي ذلك الجيل، فنّد الاعتداد بالفكرة في مناقشات مستفيضة مع العراقيين دوّنها هو في كتابه (جماع العلم) و (اختلاف الحديث) ونحا نحو الشافعي في العراق ذاتها علماء أعلام منهم المجتهد لشهير أحمد بن حنبل.
أما المؤلفون من متأخر العصر الثالث من عصور القانون الإسلامي فقد كان فيهم من عرّفوا الإجماع تعريفاً يقصره على هذا الذي فُنِّد في العصر الأول ذاهلين عن الصنفين الآخرين من الإجماع اللذين اتخدا مصدرا من مصادر القانون منذ فجر الإسلام فقد نقلنا نص تعريف من هذا القبيل عند ابتداء هذا المبحث الأول[17].
إذن ينتقد الدكتور الخلط الموجود لدى الأصولين المتأخرين في مصنفاتهم الأصولية حيث حصرو تعريف الإجماع في نوع معين من أنواعه وهو نوع الرابع إجماع علماء الأمة رغم صعوبة أو استحالة وقوعه في عصرهم مما أدى ذلك إلى حدوث اشكاليات عدة حوله. والذين جاءوا من بعدهم بدل قراءة ماوصل إليهم قراءة نقدية حاولوا تأويل أخطاءهم كي يجانبه الصواب.
وأدى هذا الكم هائل من التأويلات والتحليلات في الكتب الأصولية إلى التشكيك لدى الباحثين المعاصرين بل حتى غير المعاصرين في حجية الإجماع ووجوده في الأصل.
أحس الدكتور بهذا الخلل وحاول أن يعد القطار إلى سكته بأسلوب هندسي دقيق رغم خطورة الموقف. ومن قبله توجد محاولات عدة من قبل كبار علماء الأمة لتصحيح المسار. ولخص لنا الإمام الشوكاني المشهد في كتابه الفريد إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، ويقول: ومن ادعى أنه يتمكن الناقل للإجماع من معرفة كل من يعتبر فيه من علماء الدنيا، فقد أسرف في الدعوى وجازف في القول لما قدمنا من تعذر ذلك تعذرا ظاهرا واضحا.
ورحم الله الإمام أحمد بن حنبل فإنه قال: من ادعى وجود الإجماع فهو كاذب.
والعجب من اشتداد نكير القاضي أبي بكر على من أنكر تصور وقوع الإجماع عادة فإن إنكاره على المنكر هو المنكر.
وفصل الجويني بين كليات الدين، فلا يمتنع الإجماع عليها وبين المسائل المظنونة قلا يتصور الإجماع عليها عادة.
ولا وجه لهذا التفصيل، فإن النزاع إنما هو في المسائل التي دليلها الإجماع وكليات الدين معلومة بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة.
وجعل الأصفهاني الخلاف في غير إجماع الصحابة، وقال: الحق تعذر الاطلاع على الإجماع لا إجماع الصحابة حيث كان المجمعون وهم العلماء منهم في قلة، وأما الآن وبعد انتشار الإسلام وكثرة العلماء فلا مطمع للعلم به. قال: وهو اختيار أحمد مع قرب عهده من الصحابة، وقوة حفظه وشدة اطلاعه على الأمور[18] ويظهر في ما نقل لنا الشوكاني محاولة العلماء لحل إشكالات العقلية الموجودة حول مفهوم الإجماع كل حسب إمكاناته العلمية المتاح لديه آنذاك. ويعد ذلك لبنة صلبة لما بناه الدكتور في محاولته لتصحيح المسار حول مفهوم الإجماع.
وفي الأخير أنقل خلاصة ماتوصل إليه الشيخ الدكتور في محاولته هذا حول مفهوم الإجماع ويقول:
خلاصة القول:
وزبدة ما استوفاه المبحث على إيجازه تقتضب في أربع حقائق:
1ـ إن مجموعة الفقه والقانون الإسلامي قد نشأت فيها أربعة أصناف من الإجماع هي: (إجماع الشورى، وإجماع الأمة، وإجماع المدرسي، وإجماع العلماء المجتهدين).
2ـ إن الصنفين الأولين هما مصدر من المصادر القانون المؤسسة بنصوص القرآن المجيد منذ انبثاق فجر الإسلام.
3ـ إن نشأة الصنفين الآخرين ترجع من حيث التاريخ إلى آواخر العصر الأول ومن حيث المنبع إلى تكون المدارس الفكرية وبروز علماء الأمصار ومضى هاتين الصنفين السابقين من الإجماع يحسبان إجماع العلماء شبيها فقهياً لإجماع الأمة أو إجماع أهل الحل والعقد في الشورى.
4ـ أن مراجع الفقه والأصول المعاصر لنشأة الصنفين اللاحقين تشهد شهادة جازمة بعدم انعقاد أي إجماع أو توافق في الرأي بين أئمة القانون جميعهم في ذلك العصر للأحكام التفصيلية الملزمة من القانون بأن تأثيره لمن ادعى في المباحثة الفقهية قد كان أضعف كثيرا مما امتازت به طرائق الاستنباط عصرئذ فاختلاف الآراء بين علماء المدرسة الفكرية الواحدة[19].
[1] – آل عمران، 159.
[2] – الحرية الجامعية: ص 218-220
[3]– المصدر السابق: ص 220-221
[4] – يونس:72
[5]– هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، ولد في سنة (113هـ)، صاحب مؤلفات عدة أشهرها كتاب «الخراج»، وكان فقيها ومحدثا عمل في ولاية القضاء في بغداد في أيام المهدي والهادي والرشيد، واوفي سنة (182هـ). ينظر: موسوعة الأعلام، د. عزيزة فوال بابتي، ط1، (2009م)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1/90.
[6] – الحرية الجامعية، ص221.
[7] – النساء، 115.
[8] – المصدر السابق:224-225
[9]– المصدر نفسه: 225
[10]– سبق تخريجه، ص 25.
[11] – الحرية الجامعية: ص224-226.
[12] – المصدر السابق: ص 228.
[13] _ العلق:1- 5
[14] – الحرية الجامعية: ص، 228.
[15] – المصدر نفسه: ص، 228-229
[16] – المصدر السابق: ص، 230
[17]– المصدر السابق، ص227 -232
[18]– إرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم الأصول: محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (ت،1250هـ) تحقيق، الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق كفر بطنا، دار الكتاب العربي، ط1، 1419هـ – 1999م، (1/196).
[19]– المصدر السابق، 232- 233.