منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

امرأة عشقت العلم

امرأة عشقت العلم/دة. فاطمة اسويطط

0

امرأة عشقت العلم

بقلم: دة. فاطمة اسويطط

طلبت علم الوحي ليكون إمامها ومرشدها للعلوم الأخرى، فأتقنت القرآن حفظا وترتيلا في سن مبكر في بيت أبيها الفقيه محمد بن العربي بن إبراهيم الأدوزي، تزوجت صغيرة السن كعادة القبائل أنداك، فكان من ضمن جهازها وأمتعتها لوحتها التي كانت تتعلم فيها، يقول عنها ابنها المختار السوسي العالم المشهور:” “…وركبت ولوحتها معها كرمز لكونها لاتزال تتعلم وقد كان والدها ذكر ذلك لزوجها” هي إشارة لبيبة من شابة وعت حقيقة وجودها.

هي رقية المشهورة بالأدوزية، كان لها من اسمها نصيب، فأرادت أن ترقى في مدارج الكمال العلمي، وآمنت ان طلب العلم واستكماله هو نور العقل الذي به تكون متحركة بين ساكنين، متوهجة بين باهتين، مشمرة بين مترهلين، حية بين أموات، في بيئة كانت لا تعير لتعليم الفتاة أي اهتمام، في بيت الزوجية اقتحمت رقية العقبات الذاتية والموضوعية، ثم انطلقت في استكمال تعلم مختلف العلوم.

بعد أن استقر بها المقام في منطقة إلغ بالجنوب المغربي، أرادت أن تؤدي خراج ما تعلمته من حفظ لكتاب الله تعالى ومن علوم أخرى، متأسية بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، وبقوله عليه السلام: ” اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد”، فكرت رقية وخططت وقررت أن تترك أثرا لها يذكر بعد موتها في هذه الدنيا الفانية فكانت خطوتها الأولى التي ألهمتها فطرتها وأمومتها هي البدء بأسرتها الصغيرة، يقول ابنها المختار: “أول ما أعلمه عن والدتي هذه أنها هي التي سمعت منها بادئ ذي بدء تمجيد العلم وأهله، وأكبر تلك الوجهة، وكان كلّ مناها أن تراني يوما ممن تطلعوا من تلك الثنية، وممن يداعبون الأقلام، ويناغون الدفاتر » كانت رقية تعلم أن من صحت بدايته أشرقت نهايته، فكان توكلها على مسبب الأسباب سبحانه هو سندها في هده المهمة النبيلة، يقول ابنها: “”أيقظتني يوما فناولتني كأسا مملوءة ماء، فقالت: أن هذا الماء ماء زمزم الذى هو لما شرب له، وهذا سحر يوم عظيم، وهو مظنة الاستجابة، فاجرع منه وانوي في قلبك أن يرزقك الله العلم الذي أتمناه لك دائما”.

هو علم خطوة لا علم خطبة، هكذا تتلمذت رقية على يد أستاذها سيدي احمد بن عبد الله الاجلالنى المجاطى، فآمنت رقية أن لا سبيل للمرأة لتحسين وضعيتها وتغيير حالها إلا بالعلم والتعلم، فقررت تعليم بنات قريتها، فهيأت الظروف مستعينة بالله تعالى في نجاح مشروعها التعليمي التغييري، كما ينقل ذلك ابنها: “وقد كانت أول معلمة من النساء في إلغ، ومهذبة البنات في دار والدي، فبها انتشر ما انتشر من ذلك فيهن”.

هكذا عشقت رقية الأدوزية العلم فوهبت من وقتها وجهدها الخاص لتعلمه وتعليمه، فكان من ثمرات ذلك اعتراف ابنها المختار السوسي بفضلها عليه وعلى نساء إلغ، حيث ترجم لها في كتابه المعسول فوصلتنا عنها هذه الدرر.

من صفحة نبراس:

https://www.facebook.com/Nibras63

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.