منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

“القيم الإسلامية وإدارة الأزمات”؛ تقرير حول ندوة

عبد الرحمان السالمي

0

نظم منتدى جسور للدراسات والنشر والتدريب، بتنسيق مع موقع منار الإسلام، ندوة وطنية عن بعد حول “القيم الإسلامية وإدارة الأزمات” وذلك يوم الأحد 18 شوال 1442 هـ الموافق ل 30 ماي 2021م.

ترأس الجلسة الصحافي عبد الرحمان السالمي،

وعرفت مشاركة كل من الدكتور فؤاد بلمودن، الدكتور زكرياء أكضيض، الدكتور محمد زهوي، الدكتور هشام لعشوش، الدكتور محمد حمراوي، الدكتور فؤاد هراجة، الدكتور مولاي عمر الصوصي، الأستاذ الباحث حميد خالد، والدكتور جمال الدين ناسك.

افتتحت الندوة بآيات بينات تلاها القارئ نبيل العناية.

وبعد تقديم لرئيس الجلسة حول موضوعها، أعطى الكلمة للدكتور فؤاد بلمودن، الباحث في الفكر الاسلامي والدراسات المستقبلية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس منتدى جسور للدراسات والنشر والتدريب.

استهل الدكتور فؤاد بلمودن مداخلته التقديمية التي كان عنوانها: “القيم الإسلامية وإدارة الأزمات أي علاقة؟”، وذكر بأن موضوع القيم من الموضوعات الأساسية الأكثر إثارة للجدل في حقل المعرفة المعاصرة، كما اعتبر حضور هذا الموضوع من المسلمات لدى الأفراد والجماعات، إلا أن الجديد في ذلك هو الحضور المتنامي والمتجدد بقيمة القيم وبجدواها في تحقيق التنمية والتحضر والعمران.

كما أكد الدكتور بلمودن على أن الندوة ستلامس الموضوع من خلال عدة زوايا، من الزاوية الروحية، والمعرفية الثقافية، والتربوية، والنفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والمالية، والبيئية.

بعد ذلك تم نقل الكلمة للدكتور زكرياء أكضيض، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاضي عياض، ورئيس تحرير مجلة رهانات. حيث بدأ مداخلته التي عنونها بـ”القيم و التناقضات الاجتماعية”، بأن موضوع القيم يطرح عدة تساؤلات لا تقتصر على ما هو أكاديمي، بل هي تساؤلات تمتد إلى حقول أخرى، سياسية واجتماعية واقتصادية.

من هذه التساؤلات التي طرحها الدكتور أكضيض، هل القيم وحدة متجانسة أم هي متعددة؟ هل القيم نتاج بشري أم هي رهينة بما هو ديني؟ ليشير بعد ذلك إلى أن القيم قد تتغير بتغير الزمان والمكان والأحداث التي تعيشها المجتمعات، ومنها نزوع الإنسان نحو القيم الفردانية خاصة بعد الإجراءات التي اتخذت إبان جائحة كورونا.

لتنتقل الكلمة بعد ذلك للدكتور محمد زهوي، أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي، وخريج دار الحديث الحسنية بالرباط وكلية ظهر المهراز بفاس، الباحث في قضايا التصوف، ليتحدث في مداخلته عن “القيم الإسلامية وأثرها في تدبير الازمات الروحية”. حيث أكد على أن للإنسان احتياجات ومتطلبات يسعى إلى تحقيقها، والتي قسمها إلى ثلاثة أصناف:

  • احتياجات مادية مرتبطة بجسم الإنسان،
  • واحتياجات عقلية،
  • واحتياجات روحية، هذه الأخيرة التي تأثير مباشر على سير الجانب المادي في حياة الإنسان.

بعد ذلك أعطى الدكتور زهوي توصيفا لواقع الأزمة الروحية، ثم تحدث عن أهمية القيم الإسلامية في معالجة وإدارة هذه الأزمات، بدء بالتوصيف النبوي لواقع الأزمة وانتهاء بمقرحات لعلاجها.

بعد ذلك أعطى رئيس الندوة الكلمة للدكتور هشام لعشوش، رئيس مجلس إدارة المركز الدولي لقضايا التعليم والبحث العلمي، والكاتب العام لمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، ومدير صالونه الثقافي، للحديث عن ” المعرفة بين الوفاء للقيم الأسمائية والتفاعل مع حركية الكون”.

حيث ذكر الدكتور لعشوش أن الآراء تعددت في بيان ماهية المعرفة وإبراز جوهرها، ومن ذلك تعريف ابن تيمية والغزالي وابن حزم، وهي آراء تنطلق في حقيقتها من تصورات مسبقة عن ماهية الوجود ككل، وحقيقة الإنسان وتصوراته.

وأضاف الدكتور لعشوش بأنه بفعل الهيمنة الفكرية بتنا نشهد أزمة حقيقة تتمثل في هيمنة القيم النفعية المستوردة المتحررة من كل القيود الأخلاقية. كما أن البنية المعرفية، على مستواها الرسمي، تجعلنا إزاء قيم معطلة، لا تعدو كونها ترفا فكريا أو إرثا ثقافيا، وأن التصورات معتبرة في التسويق الإعلامي، معطلة على مستوى البرامج والمناهج والاختيارات الثقافية والاجتماعية. ليؤكد على ضرورة وضوح الرؤية المعرفية ووضوح مكانة القيم الإسلامية التي تنطلق منها وتدافع عنها في نفس الوقت.

أما في المداخلة الموالية، فقد تحدث الدكتور محمد حمراوي، المفتش التربوي الممتاز للثانوي التأهيلي، والباحث في علوم التربية والديداكتيك، المؤطر بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، وعضو مكتب منتدى جسور للدراسات والنشر والتدريب، تحدث عن “القيم الإسلامية وإدارة الأزمات التربوية”.

حيث أشار الدكتور حمراوي في تشخيصه للواقع القيمي للمنظومة التربوية المغربية بأنه مؤلم، وذلك بالرجوع إلى التقارير الوطنية والدولية، حيث أصبحت المدرسة تنعت بأنها فاقدة للقيم ومنتجة للعديد من السلوكات المشينة وتراجع بعدها الرسالي.

ومما أشار إليه الدكتور حمراوي عن عوائق التنزيل، أن ذلك راجع إلى البون الشاسع بين التنظير والواقع. لينهي الدكتور مداخلته ببعض التوجيهات لتجاوز هذه الأزمة.

بعد ذلك، انتقلت الكلمة إلى الدكتور فؤاد هراجة، الباحث بمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، والباحث كذلك في الفلسفة السياسية وعلم الأخلاق، والأخلاقيات الجديدة، حيث تحدث عن “الأزمة السياسية وقيم الحقوق أية علاقة؟”.

وأشار إلى أن الأزمة في السياسة تأخذ عدة أشكال، كعدم الاستقرار، تشابك الأسباب الذي يضع صناع القرار أمام اتخاذ قرارات غير صائبة.

كما تحدث الدكتور هراجة عن المراحل التي تمر منها الأزمات، من مرحلة الأزمة التحذيرية إلى الحادة والمزمنة. وأضاف أن دور الدولة ضمان قيم العدالة والأمن والحقوق الفردية والجماعية، لأن ذلك جوهر ما تأسست عليه، فممارسة السياسة سلوك أخلاقي محض.

ضمن الندوة كذلك، تحدث الدكتور مولاي عمر صوصي، خريج دار الحديث الحسنية بالرباط وكلية الشريعة بفاس، باحث في الاقتصاد، تحدث عن “استحضار القيم في تدبير الأزمات الاقتصادية في المغرب: جائحة كرونا نموذجا”.

وأشار في تشخيصه لأزمة جائحة كورونا بأنها غير مسبوقة، اختلفت عن الأزمات الاقتصادية الأخرى كونها أزمة عرض وطلب داخلي وخارجي بسبب إجراءات الحجر الصحي، حيث أثرت على العديد من القطاعات الحيوية. وأثرت بشكل أكبر على الاقتصاد المغربي بسبب هشاشته التي تعود إلى مجموعة من الاختلالات ومنها تدني المستوى التعليمي، وعدم الثقة في المؤسسات، بالإضافة إلى سوء التدبير والاستدانة والبطالة.

ومداخل التغيير التي أشار إليها الدكتور صوصي، قيام دولة قوية ومجتمع قوي، وتثمين الرأسمال البشري، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وسمو القانون، وتكافؤ الفرص.

بعد ذلك أعطى رئيس الجلسة الكلمة إلى الأستاذ حميد خالد، الباحث في المالية الإسلامية، للحديث عن “قيم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات المالية الإسلامية في ظروف الجائحة”. ومن جملة ما طرح في مداخلته أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية في الإسلام، مفهوم أصيل عرف منذ زمن الدعوة الأول، وقد أشاد القرآن بذلك في العديد من الآيات. لكنه ظهر كذلك عند الغرب بعد الثورة الصناعية للتستر على الظلم الاجتماعي للتستر على جرائم الرأسمالية.

ثم عرج الأستاذ خالد على ذكر بعض أبعاد المسؤولية الاجتماعية في العمل المصرفي الإسلامي، ومنها بعد الموارد البشرية من خلال الاهتمام بشؤون الموظفين. البعد الاقتصادي، البعد الخيري، البعد البيئي، البعد الأخلاقي، البعد الصحي، بعد الالتزامات الشرعية.

لينتقل فيما بعد إلى الحديث عن دوافع المسؤولية الاجتماعية في العمل المصرفي الإسلامي، فجعل على رأسها الدوافع العقدية، ثم الأخلاقية والقانونية والاقتصادية.

ليختم الأستاذ خالد بواقع المسؤولية الاجتماعية في عمل البنوك الإسلامية في ظل جائحة كورونا، من خلال مسلكين وهما: تنشيط الأنشطة التكافلية من خلال نصوص قانونية تبين المجالات التي تشتغل فيها هذه البنوك. والمسلك الثاني يعطي الحرية للبنوك في مجال التكافل. الشيء الذي غاب وانعدم في تجربة هذه المؤسسات في المغرب خلال الجائحة.

لتختم المداخلات مع الدكتور جمال الدين ناسك، أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال خنيفرة، حين تحدث عن “قيم الارتفاق ومداخل التحضر البيئي في المنظور الإسلامي”، مستهلا بالحديث عن مفهوم الأزمة البيئية باعتبارها تلك المعضلات والكوارث البيئية التي نتجت بسبب الاستغلال غير المعقلن للطبيعة.

لينتقل إلى مداخل الارتفاق البيئي، ومنها، المخل العقدي الإيماني، والمدخل الشرعي القانوي، والمدخل الأخلاقي، ثم المدخل التنظيمي المؤسسي.

بعد انتهاء المداخلات، أجاب السادة الأساتذة عن أسئلة وتفاعلات المشاهدين والمستمعين التي توصل بها رئيس الجلسة عبر الصفحة الرئيسية لموقع منار الإسلام.

https://web.facebook.com/islamanarsiteweb

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.