أغنيتُها الشهيرةُ سرُّها..
قصيدتُها لم تُنسَجْ بعدُ.. تنتظرُ شاعِراً يزهد في دنياه.. وإن لم يُخلصْ لها.. لن تمنحه نفسها ربما، فقط، إسماً للنسيان..
بينما الإسمُ صدى والشعر وجدان..
التسليمُ في البدءِ.. والتسليم إيمان..
أضرحتُكِ الثلاثةُ أهانوها.. لكن ( بويا الجيلالي) يبقى حاضراً في الأغنية.. يطمسون المعالمَ.. ولا يطمسون الوجدان..
أعرف أنك تَشْحُبين نهاراً .. في عِزِّ الحَرِّ
لكن وميضَ الغروبِ ونجومَ الليلِ.. تعيدُ إلي كلَّ شيء كان..
طفولَةً قصيةً.. نداءاتٍ من غورِ الأيام.. وهذا الحنان.. ولذةَ الإيمان..
مازال فيكِ شعراءٌ وبسطاءٌ ومن مَلَكْنَ عمقَ الروحِ.. نثرنَ المحبةَ .. وبعثنَ في النفسِ روحَ
الأمان.. مازال فيك الإنسان..
أعرف أن مآلي رَحِمُكِ حُضْنُكِ الأبديُّ لكنْ ما يهمُّ الآن.. أني إنسان..
كينونَتي حريتي.. براءتي الأولى..
يأتي الإنسانُ من الله بريئاً ويَفسُدُ بيدِ الإنسان..
ما زلتُ أفرحُ بالحياةِ.. أغني.. وأقولُ لا للأحزان..
أرغب، سيدتي، أن أنْسُجَكِ قصيدةً في النثرِ.. روايةً بالقلبِ.. وللعقل أن ينظم الفصولَ ويصحح الأخطاء.. أرغبُ، ياسيدتي بكتابةٍ عصيَّةٍ.. فأنا ألهثُ خلف ما هو عصيٌّ وبعيدُ المنال.. أرغبُ بالموتِ عن حواسي.. بالتجرد من كينونَتي المتْعَبَة.. وأن تُكشَف لي الحُجُبُ لأرى جماله اللانهائي..
أتوق كأخرقَ للكمال.. أرغب أن أُمْسكَ بالأبديَّةِ.. أن أجعلها ترتعشُ في راحةِ يدي.. وأن أرتعشَ
أنا في رحابها…
وهاهيَ أزهارُ الحلمِ تتفتحُ.. تتفجَّرُ.. تتوهجُ..
هاهو صوت الطفلُ يَرِنُّ..
فما الشعر؟ ما النثرُ؟ ما اللحنُ؟
الفنُّ طفلٌ أبديٌّ
والشاعرُ يفرح ويبكي..
وفي الحالتين يُمَجِّدُ الجمال..
في أعماقِ النفسِ ترتجفُ كلُّ العواطف..
القلب مرآةٌ نرى فيها جمالَ الحبيب..
تضطرب الروحُ شوقا.. وتستبد بي رغبةٌ عصيةٌ عن الفهم.. فكل جمالٍ يقودُ إلى جماله.. ومن مَجْده يستمد الشاعر مجْدَه..
كلُّ شيءٍ منكِ يفرحني.. سواءٌ كنت عاقلا أو مجنوناً..
وأنت تأتين في الليلِ.. تهمسين لي بكلمات مفعمةٍ بالروحِ والحياة..
وحتى عندما تحزنين.. ويغشى الشحوبُ جمالكِ..
ويجثمُ ثقل الماضي على الحاضر.. فإنك تطْلُعين بهيةً ساحرةً لتنيري ليلَ شاعرٍ…
تجولين بخفةٍ وتنثرينَ المرحَ في نفس الشاعر المتألِّمِ.. فيرقصُ على حافة الهاوية..
هكذا يكون الطهرُ والنقاء..