منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

 من أسرار الإيمان.. معرفة النفس..  ( فشل الفلاسفة.. محنة إبن رشد.. وخيبةُ الجابري..)

من أسرار الإيمان.. معرفة النفس..( فشل الفلاسفة.. محنة إبن رشد.. وخيبةُ الجابري..)/ محمد عناني

0

 من أسرار الإيمان.. معرفة النفس.. 
( فشل الفلاسفة.. محنة إبن رشد.. وخيبةُ
الجابري..)

ذ.محمد عناني

أسلمَ الأعراب.. ولم يؤمنوا..

الإيمان يبدأ بمعرفة النفس.. مهمةٌ تقتضي الهِمَّة..والهمة هي قوة العزم.. ولعل هذا ما لم يبلغه الأعراب.

وما يعني أن أداء الطقوس وحدها لا يبلغ بالمرء مرتبة الإيمان.

معرفة النفس تقتضي المعرفة..

النزوع نحو الكسل.. الخوف.. نشدان الطمأنينة في التماثل..

بنوع من التأمل الهادئ، يدرك الفرد أنه مخلوق فريد، وأنه لا يشبه شيئا في هذا العالم.

أنا لا ألوم أحدا كما فعل فلاسفة ومفكرون كثيرون، ذلك، ( أنه أمرٌ خطيرٌ أن يشرعَ المرءُ بالحفر في نفسه عن نفسه وينزل بعنف مباشرةً في أعماق وجوده)

إن عيب النيتشوية وكذلك الفلسفة الوجودية هو التركيز على الاِختيار بشكل مطلق تقريبا..

لذلك جهلوا وتجاهلوا الأسرار المكونة للفرد الإنساني..

فإن كان الفرد نواة المجتمع، فإنه لا وجود لفرد خارج المجتمع.

ومن ثم أرى أن رغبة الفرد في طمأنينة جماعية حقيقة تاريخية.

لكنني أرفض هذا عند المتعلمين والمثقفين والقراء النبهين.. لأنهم طرقوا بابا يفرض عليهم التحلي بالشجاعة..

( من أنا؟) من الأسئلة الصعبة، وهو أصعبها على الإطلاق..

يقتضي الأمر أن تفكَّ اللغز الذائع الصيت، وأن تكون أشجع الرجال وأشدهم اِقتدارا.. فعندما تبدأ الطريق إلى معرفة نفسك.. تكون قد غامرت بنفسك..

حلم نيتشه بالإنسان الأسمى.. ذلك الذي سيصبح الإله الذي يسطر لأخلاق جديدة. كان نيتشه فعلا يغار من المسيح..

ركزت الوجودية على ( الاِختيار).. بينما أشاد هيدجر بالوجود الأصيل.. دون أن ينفي أن الفرد محكوم بالوجود مع الآخر.. لقد كان أكثر هدوءا ورزانة من نيتشه..

هناك ناس يستمدون من أنفسهم معارف وفنونا كثيرة، نقضي نحن سنوات منكبين على قراءة كتب ومجلدات.. لتحصيلها..

أتأمل بهدوء.. أرى أن الإنسان العادي، له الحق في الحصول على الطمأنينة التي تناسبه.. إن في هذا إيمانا يخصه.. وإن بلوغ الإنسان مرتبة الإنسان الأسمى تحيل إلى نوع آخر من التماثل..

وكأن كل فرد سيصبح إلها..

قد تزيدنا المعرفة شوقا ورغبة في معانقة اللانهائي.

وقد لا ينعدم مثل هذا الشوق عند الفرد العادي.. لكن بطريقة تخصه..

الفرد الإنساني يخضع ل (لاشعور فردي) و(لا شعور جماعي)

ومعظم الفلاسفة بلغوا عتبة اللاشعور.. ولم يدخلوا.. لم يجتازوا العتبة..

كل فرد هو عالم من الأسرار.. بغض النظر عن مستواه الفكري والمعرفي، بإمكانه بلوغ مرتبة خاصة من الإيمان، بشرط ألا ينافق نفسه.. عندها تقوده معرفة نفسه إلى معرفة ربه..

شرح إبن رشد خطأً ( النظر) بالعقل.. في حين أن النظر يقتضي مَلَكاتٍ متعددة؛ الفهم، التأمل، الفكر، وبالجملة ( الوجدان).. والوجدان أن يجد المرءُ ذاته..

لذلك رأى إبن عربي أن تواليفَ إبن رشد ( مؤلفاته) مساوية لجثته، عندما كانوا يرحلون جنازته من مراكش لتُدفن في قرطبة.

خيبة تلميذه المغربي الوفي ( محمد عابد الجابري) كانت نتيجة حتمية لخيبة أستاذه ( الإفراط في الإيمان بقدرة العقل لخلاص البشرية..)

تركز آيات قرآنية كثيرة، على القلب وعلى السمع..

هناك أحاديث نبوية تحث على اِستعمال ملكة الخيال، وهي أسمى طريقة يتحرر بها الإنسان من مقدمات العقل التي تتوق عبثا إلى الخلود.. وهي تصلح للرياضيات والهندسة..

دور ( المنطق) هو أن يعصم العقل من التناقض، لذلك هو من شأن القاضي والمحامي.. ولا يصلح لفهم الحياة، ولا لصنع السعادة والعدالة..

هناك دائما طاقة مبدعة للحياة تعمل في الخفاء..

ودور العقل يأتي متأخرا ليعْقِل.. ليحفظ ما جادت به قِوانا الخفية والعميقة..

الإيمان شعلةُ الحياة.. ومصدره القلب.. إنه ظمأُ الروح الذي لا ينطفئ.. لأن في اِنطفائهِ انطفاءُ الروح.. الحياة توهج.. توتر نحو اللا نهاية..

محركها الإيمان، شعلةُ الحياة الأبدية..

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.