لماذا فشِلَ الفلاسفة والمفكرون في الحديث عن الحب..
محمد عناني / لماذا فشِلَ الفلاسفة والمفكرون في الحديث عن الحب..
لماذا فشِلَ الفلاسفة والمفكرون في الحديث عن الحب..
محمد عناني
الحب مُثقلٌ بالرواسبِ النفسية..
الأحداث الغامضة والملابسات الفريدة..
حالات وجدانية لا تشرق عليها شمسُ العقل..
المشاعر لا تصدر عن العقل ولا تخضع لسلطته، كما لا تخضع للتحديد العلمي الصارم..
وهذا هو سر فشل الفلاسفة في الحديث عن الحب..
كما فشلوا في تحديد وصفة للحياة..
لذلك هم فعلا ( معلمو الحياة الذين يشيخون مبكرا..)
كما أن التجارب الشخصية في الحب تستبعد الموضوعية التي ينشدونها..
والحب حالة وليس موضوعا..
يقال أن المرءُ قد يكتشف مزيدا من العمق في الحديث عن الحب في الأغاني الشعبية، عنه عند المفكرينَ المعاصرين..
لعل الأمر يعود إلى التلقائية التي تميز الأغاني الشعبية، في مقابل عقلانية المفكرين..
هل اِستطاع الأدب أن ينفُذَ إلى أسرار الحب؟
كل قصص الحب الشهيرة في تاريخ الحب، كانت من إبداع الأدباء شعرا ونثرا..
تمكن شكسبير من الغوص في مكونات الحب العميقة والمناقضة في النفس البشرية.. الحب،الكره، الغيرة.. الخيانة..
وصف تولستوي في روايته الشهيرة ( آنا كارنينا) كيف يمكن للعشق أن يجرَّ جمالاً طاهرا نحو السقوط في كآبةٍ لا تنتهي..
وهو ما حدث أيضا في رواية ( مدام بوفاري) وما سببته خيانة ( هيلانة – – هيلين) من خراب طروادة.
نفذ إبن حزم في مؤلفه ( طوق الحمامة) إلى الكثير من أسرار الحب..
بينما حلقت به الصوفية باتجاه جوهره الإلهي..
تطلعت إلى صورة البهاء.. إلى الجمال الخالد،بحيث يغدو كل جمال أرضى طريقا لتحلق الروح في أعالي السماء..
فوحده الجمال في تفرده، هو ماظل يبهرنا إلى الأبد.
( لهذا، فإن الروح، في حضرة اِنعكاس الجمال الذي طالما يتجسد على الأرض..
تُسْتَثار وترغب في الطيران.) ليس للجمال معيار خاص..
لكن قد يبقى المتعة الأبدية..
وهذا سر الرغبة بالطيران..
فحضور الإلهي يُكسبُ الجمال روعتَه المثالية..
أشهر القصص المؤثرة في الحب، كانت لها نهايات مأساوية..
أو لقاء بعد معاناة ويأس وفراق طويل..
تبقى الموسيقى وحدها ملاذَّ المتيمين..
و إليها يلجأ من يستعيدون ذكريات حبهم..
لأن الموسيقى تذهب بك إلى جوهر الأشياء مباشرة..
لكن الموسيقى حتى وهي تعبر عن الاِحتفال والفرح..
فإن نبرة حزن مبهم تبقى ملازمة لها..
إنه الحنين إلى الأصل الميتافيزيقي الخارق..
والذي لا يمكن بلوغه ولا الإمساك به أبدا.
إن تراجيديا الكائن الإنساني..
سقوطه في العالم..
تناهيه في الزمن، هو ما يجعل الأفراد العابرين كالظلال، يبحثون في الحب عن الدفء والتآزر..
عشق الجسد من أجل الجسد اِبتذال..
وإن كان الجمال ضروريا للعشق..
فذلك ليقود إلى منبع الجمال الذي لا ينضب..
جمال الجمال..
الجسد الجميل الخالي من الروح، أحطُّ قيمة من تمثال..
الروح التي تنفي الجسد، تسقط في الوهم..
الروحُ والجسد يتكلمان لغةً واحدة..