منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

قِبْلةُ التائهين.. ( اِبتهالات..)

قِبْلةُ التائهين.. ( اِبتهالات..) / محمد عناني

0

 قِبْلةُ التائهين.. ( اِبتهالات..)

أرخى الليلُ سدولَهُ.. سَكَنّا.. والليل قد سكن..
هبطنا مدارجَ الأيامِ والسنين..
سبَحْنا في الأغوارِ.. وأغْرَتْنا الأعالي فحَلَّقْنا..
مزيجٌ نحن من الأرض والسماء..
اِستَعدْنا الأفراحَ ولَملمْنا الجراح..
هاهو ذا الليل اِنتصف.. ودارَ الزمان دورتَه..
كم ساعةً.. كم ليلةً.. كم عاماً مضى..
أهو الزمان يمضي..أم نحن من نمضي..
لا تَسْبحي في الأغوارِ الرهيبَةِ.. لا تطمعي في السماءِ البعيدةِ.. لا تطلبي المحال.. اطلبي فقط لحظةً للاِسترخاء.. ووجهَهُ.. كوني فقيرةً في الطلب.. ليس لك إلى الله حاجة..
اِرغبي فقط بالقناعة..
الإيمانُ طمأنينةٌ فلا تنسيْ..
استيقظي أيتها النائمةُ.. ها هو ذا السحرُ قد طلع.. وأقبل الفجر.. وماذا نعرف- نحن العابرين– عن الحُمرةِ الخجولَةِ ولا عن الأنوار الشرقيةِ اللطيفة غير أنها لطيفة..
صلي.. فالصلاةُ جوهَركِ.. وسرُّكِ صلاتُكِ..
والباقي.. مركبٌ يحِنُّ إلى مرسى.. فلتكن
قِبلَتُكِ مرساكِ..
نامي لتنتَبهي.. اِنسَلِخي عن نفسكِ كما تنسلخُ الحيةُ
من جلدها.. ستزول عندها الحُجُبُ وتَرْينَه ولا ترينَه.. سرُّنا في نقصنا.. والكمالُ له وحده..
أُصِبتُ بالذهول.. وتهت عن نفسي لألقاكِ..
تجَلّيهِ في تجليكِ.. أنت الطريق.. وهو الغاية..
كل أشكالِ المجدِ تفاهةٌ أمام مجده.. فمنه تستمدينَ
قوتك.. قوتُنا هِمَّتُنا.. وقوتُنا لا شيء أمام قوته..
– نحن العاقلين- حالمون أبدا.. تأملي الأشجارَ والأطيارَ والاِمتدادَ الرهيبَ ومقبرةً منسيةً فوق تلَّةٍ تحكي عن ركامٍ من القرون..
تأمّلي ولا تتألَّمي؛ ( هل أتى على الإنسانِ حِينٌ من
الدهرِ لم يكنْ شيئاً مذكوراً)..
آنها تنبثقين شمساً ناعِمةً.. وأنبثقُ أنا كَفَيْنَقٍ.. نعيش لحظةً بحجم الأبد.. ثم أرحل.. وترحلين.. ما نحن إلا يومٌ
يزول..
ويومُهُ سَرْمَدٌ لا ينقضي..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.