المميزات الفنية للقصة الخبرية
المميزات الفنية للقصة الخبرية/ الحسنية ازبيبات
المميزات الفنية للقصة الخبرية
Technical features of the news story
إعداد الباحثة: الحسنية ازبيبات
ماجستير في (التواصل وتحليل الخطاب)
الملخص:
القصة الخبرية لها مميزات وخصائص تنفرد بها عن غيرها من الفنون الصحفية. فهي تعمل على جذب اهتمام القارئ ودفعه إلى تخيل الحالة وعيشها كما لو أنه متواجد في قلبها. فهي لا تقدم معلومات مجردة كالمقال مثلا، بل تجعل من الخبر أكثر حيوية، وهدفها ليس فقط جذب القارئ؛ بل أيضا تثقيفه وتسليته، وليس فقط إيصال المعلومة كما هو الشأن في التقرير الإخباري، بل تدفع إلى التفاعل مع أحداثها، والملاحظ أن هذا المفهوم( القصة الخبرية) يفتقر إلى تعريف محدد أو نظرية متكاملة تحدد مضمونه وعناصره، ولم ينل حظه الوافر من الدراسة، لذلك حاولنا استخراج هذا المفهوم من طي الإهمال، وذلك من خلال تحليل مضمون القصة الخبرية، ورصد السمات والخصائص التي تنفرد بها عن غيرها من الفنون الأدبية والتقارير الصحفية. ومن المؤكد أن القصة الخبرية في الصحافة تختلف كل الاختلاف عن القصة الأدبية التي تنشر عبر الصحف، لذا فهذه الدراسة معنية بالكشف عن تلك العناصر المميزة لهذا النوع الخبري، مع إبراز الأساليب المستخدمة في كتابته.
الكلمات المفتاحية: القصة الخبرية، عناصر القصة الخبرية، مكونات القصة الخبرية، بناء القصة الخبرية، أسلوب كتابة القصة الخبرية.
Technical features of the news story
Abstract: A summary of the news story has its own advantages and characteristics that distinguish it from other journalistic arts. It engages the reader in imagining the situation and living it as if he/she was in its heart. It does not provide abstract information such as the article, for example, but rather makes the news more lively and attractive to the reader, and its goal is not only to attract them, but also to educate and entertain them, and not only convey the information as is the case in the news report, but rather prompt the reader to interact with its events, and it is noted that this concept (the news story) lacks a specific definition or an integrated theory that defines its content and elements, and it did not receive a good portion of the study, so we tried to extract this concept from its neglected area through analyzing the content of the news story, and monitoring the features and characteristics that distinguish it from other literary arts and press reports. Certainly, the news story in the press is completely different from the literary story that is published through newspapers, so this study is concerned with revealing those distinctive elements of this news category, highlighting the methods used in writing it.
Keywords: news story, elements of a news story, components of a news story, building a news story, style of writing a news story.
1) المقدمة Introduction
القصة هي مادة إنسانية جذابة تتلاءم مع التكوين الفطري للإنسان الذي يعشق القص، والقصة يمكن أن يقبل عليها أي قارئ أيا كان مستواه الثقافي لأن لغتها بسيطة في الغالب، وقد عرفت بتعاريف عدة نذكر منها “القصة لغةً: أُحدوثة مروية أو مكتوبة يُقْصَد من ورائها الإمتاع والإفادة، وعُرِفت بأسماء عِدَّة في التاريخ العربي؛ منها: الحكاية، والخبر، والخرافة، ولا تحديد لها خاصًّا في المعاجم العربية القديمة سوى كونها الخبرَ المنقول شفاهًا أو مخطوطًا، والقصة سرد لأحداث مستوحاة من صميم الحياة المعيشة؛ حيث تتفاوت الشخصيات من حيث المستوى المعرفي والحظوظ، إنها إذًا قالب من قوالب التعبير يعتمد فيه الكاتب مختفيًا وراء السارد الوهمي على سرد حدث معين تلعب فيه الشخصية المحورية أو مَن يعاضدها من شخصيات اقتضاها موضوع الحَكْي، دورها الإيجابي أو السلبي، والحدث ينمُّ عن فكرة ذات بُعْدٍ اجتماعي – سياسي – فلسفي… ومنها تتفرَّع تيمات متعددة تكون هي بؤرة الحدث”[1]، ومن ثَمّ فموضوع القصة يشمل كل ما يدور في الحياة من تجارب وخبرات وأخلاق وحوادث وعواطف.
أما القصة الخبرية فهي عبارة عن قالب فني يصوغ فيه الكتاب أخبارهم، لكن ما يميزها عن القوالب الأخرى، أنها تجمع بين السرد القصصي والأسلوب الصحفي، وبالتالي سنحاول من خلال هذا المقال الإجابة عن مجموعة من الأسئلة لنصل إلى الإجابة عن الإشكالية المطروحة وهي: أين تتجلى الخصائص الفنية للقصة الخبرية؟.
إذن؛
ماذا نعني بالقصة الخبرية وما هي مميزاتها؟ وما هي أنواع القصة الخبرية؟ وما هي خصائصها الفنية؟ وما هي عناصرها القصصية؟ وما هو أسلوب كتابة هذا الفن الذي يجمع بين الصحافة والأدب؟.
2) تعريف القصة الخبرية وأنواعها Définition of news story and its types:
تعرف القصة الخبرية بأنها “قالب فني تتبارى فيه الصحف، ويظهر فيه الصحفيون مقدرتهم الفنية، ويتفاوتون تفاوتا كبيرا في صياغته، فالقصة الخبرية، أصول عند أول الحرفة كلما يتعدونها إلى غيرها، وقلما يتصرفون تصرفا ظاهرا في بعضها، ومن هنا كان الفرق كبيرا بين الكتابة الأدبية والكتابة الصحفية الخالصة”[2].
فالقصة الخبرية هي قالب فني لصياغة الخبر مثل قالب السرد أو قالب الحديث المنقول، أي أنها تشكل الهرم المقلوب، بمعنى أن الصحفي يأتي بالفكرة الرئيسة أو ما يسمى بالصدر أولا، ثم يأتي بالتفاصيل أو الجسم بعد ذلك. وتتميز القصة الخبرية بالسمات الآتية:
- الخروج عن المألوف المدخل هو الرئيس في القصة الخبرية.
- التعبير الموضوعي عن الحدث.
- القصة الخبرية تنتمي إلى أكبر الأحجام في عالم الخبر.
- من حيث البناء، تعتمد على الهرم المقلوب الذي يتضمن مقدمة تحتوي على أهم المعلومات وكياناً يتضمن المعلومات الأقل أهمية.
ويشير كلا من الدكتور محمود علي الدين، والدكتورة ليلى عبد المجيد إلى أنواع من القصص الإخبارية:
- القصة الإخبارية الشاملة Rond news story.
- القصص الإخبارية الجانبية Side Bar news stories.
1-2) القصة الإخبارية الشاملة:
“يستخدم هذا الشكل الإخباري في حالة القيام بتغطية إخبارية شاملة لأحداث متعددة متشابهة ليتم عرضها داخل قصة إخبارية واحدة أو مجموعة أحداث تقع ويربط بينها خيط أو مضمون واحد أو حدث تدور واقعة في أماكن مختلفة وتشترك فيه أطراف عديدة، مثل مجموعة قصص إخبارية عن زلزال يصيب دولة أو مدينة في عدة أماكن منها”[3]
2-2) القصص الإخبارية الجانبية:
يعرف هذا النوع من القصص بأنها “تقارير إخبارية مختصرة ومكثفة وتتصل اتصالا مباشرا بقصة إخبارية مهمة أو تقرير إخباري منشور في الصفحة نفسها أو في العدد نفسه من الصحيفة، وتبرز هذه القصص عادة الجوانب الإنسانية أو ردود الفعل تجاه حدث ما، إضافة إلى عدة أغراض أخرى هي:
- إبراز تأثير الأخبار المتصلة بها ومغزاها.
- إضافة بعد إنساني لهذه الأخبار.
- إضافة معلومات وخلفيات وردود فعل قد يكون من الصعب وضعها بالصورة المناسبة داخل القصة الإخبارية”[4]
للقصص الإخبارية الجانبية أنواع منها:
- القصة الجانبية الشخصية: والتي تقوم برسم صورة شخصية مستخدمة التعبير بالكلمة لبعض الشخصيات البارزة داخل الحدث.
- القصة الجانبية الإنسانية التي تدعو إلى التعاطف: وهدفها تحقيق تأثير عاطفي من خلال قصة إخبارية جادة، بتقديم أنموذج إنساني يحمل رؤية أو وجهة نظر إنسانية تدعو للتعاطف.
- القصة الجانبية التي تقدم فعلاً:
وتتضمن تعليق بعض الشخصيات على الحدث، أو ردود الفعل المعلنة أو المترتبة على هذا الحدث في أماكن مختلفة وعلى مستويات أخرى.
- القصة الجانبية النفسية:
ويسعى المحرر من خلالها إلى الغوص في أعماق النفس البشرية من خلال عرض ردود فعلها وحالتها النفسية والعاطفية، وقت إعلان الحدث وبعده. وعند كتابة القصة الإخبارية الجانبية يراعي المحرر الاختصار، والإشارة بشكل عام إلى طبيعة الحدث والتركيز على الجو النفسي ووصفه وتفصيله، وإبراز نقاط تعطي القارئ فرصة التوحد النفسي مع الشخصيات التي يرد ذكرها داخل القصص الإخباري أو التقارير الإخبارية.
- القصة الجانبية المشرقة الباسمة:
وهي قصص إخبارية قصيرة ذات لهجة باسمة أو مشرقة هدفها بعث الأمل والإشراق والتفاؤل داخل صفحات الصحيفة ووسط أخبارها وموضوعاتها الجادة المليئة بالأحداث المتجهمة غير السارة أحيانا. هذا النوع القصصي له نهاية مفاجئة، وعادة ما يبحث المحررون عن قصص وينشرونها في الصفحة الأولى لتسلية القراء وإثارة عواطفهم بنوع من الاسترخاء النفسي والارتياح بعد سلسلة الأخبار الجادة.
وبعضها يكتب بأسلوب الهرم المقلوب، حيث تبدأ بمقدمة تحوي أهم ما في الموضوع، ثم فقرة انتقال، ثم التفاصيل، وقد تكون الخاتمة أكثر مرحا، والبعض يتبع الأسلوب السردي (الروائي) حيث يحتفظ بالنهاية المفاجئة في الخاتمة، ويبدأ بمقدمة تروي بداية الحدث، وفقرة انتقال، ثم باقي تفاصيل الحدث، ثم ذروة الحدث أو قمته وهي أكثر أحداثه مرحا، وإثارة لاهتمام القارئ.”[5]
- القصص الخلفية:
ويعدها البعض قصصا إخبارية جانبية، ويرى البعض أنها نوع مختلف، وهي إخبارية توضع وسط القصص الإخبارية أو التقارير الإخبارية الجانبية، تتميز بما تحويه من معلومات وخلفيات وتفاصيل عن مسببات أو ملحقات داخل القصة أو التقرير الإخباري، ويكثر استعمالها في الجرائد الأسبوعية والمجلات الإخبارية والجرائد اليومية”[6]
وبالتالي فالقصة الخبرية بكل أنواعها تعتمد السرد النسقي الهادئ للأحداث ولا يتطلب الأمر السرعة في تناقلها للأخبار، وهنا قد تعد القصة الخبرية أو البناء القصصي وفق صياغة لغوية تدخل فيها المشاعر والأحاسيس والتصورات والعقائد.
3) خصائص القصة الخبرية Characteristics of a news story:
هناك عناصر لابد من توافرها في القصة الخبرية حتى تكتمل حلقاتها، ويمتد تأثيرها على القراء وتحقق هدفها، ولقد تم إجمال هذه العناصر في:
- “المعاينة والمعايشة للحدث أو القضية وعدم الاعتماد على مجرد السماع تحريا للدقة وتجسيدا للمصداقية وتقليلا للأخطاء ما أمكن.
- الحيوية التي تتوافر من خلال تقديم الوصف المرتبط بالزمان والمكان والشخصيات والأحداث المختلفة، مما يضفي جوا من التفاعل مع القصة ويزيل عنها الجمود والرتابة.
- العنصر الإنساني والاجتماعي، وهو العنصر الذي يجذب القارئ، أكثر ويجعله أكثر قربا من موضوع القصة ويشترك فيها…
- الانطباعات، ويمكن تجسيدها من خلال تقديم أفكار القصة ومحاورها، ولكاتب القصة الصحفية الحق في تسجيل انطباعاته الخاصة حول موضوعها وإبراز رأيه ولكن يفضل أن يتم ذلك بصورة وطرق غير مباشرة حتى لا يرفضها القارئ ويشعر بأنها مفروضة عليه.
- الشمولية أو دوائر القصة، فلكل قصة خبرية عدة دوائر ترتبط بها من قريب أو من بعيد وهنا تظهر مقدرة الكاتب على الربط فيما بينها وصولا إلى موضوع متكامل الأجزاء والأركان.
- المعلوماتية والاعتماد على الحقائق لا مجرد الوصف والتعبيرات الجمالية والأدبية الخالصة حتى لا تتحول إلى قصة أدبية أو خاطرة، وتتمثل المعلوماتية في المصادر الحية والمصادر غير الحية”[7]
4) مكونات القصة الخبرية Components of a news story:
كل قصة خبرية تتضمن خبرا، وهو “وصف دقيق وموضوعي لحدث يمس مصالح الجمهور، ويثير اهتمامه ويؤثر في المجتمع”[8]
ويعتمد الخبر الصحفي في تكوينه على المقدمة، التفاصيل الخلفية، وهي مكونات تقوم على المعايير الآتية: الآنية – الدقة – القرب – البروز والشهرة – التأثير – الغرابة والموضوعية.
وبما أن القصة الخبرية من الفنون الصحفية فهي تتكون من الأجزاء الآتية وهي: العنوان، المقدمة، المتن، الخلفية، الصورة، وتعتبر هذه المكونات بمثابة أبواب لفهم النص، ومن خلالها سنتمكن من الإجابة عن الأسئلة الخمسة (من، متى، أين، كيف، لماذا)، وأول باب سندخل منه للنص هو العنوان، على اعتبار أن النص هو أول عتبة من عتباته.
- العنوان:
تطلق كلمة عنوان في التحرير الإعلامي الصحفي على تلك الكلمة أو المجموعة من الكلمات التي تمثل عبارة واحدة أو أكثر من عبارة، “يجب أن يتضمن العنوان الموضوع الهام الذي يتضمنه الخبر، أو العنصر البارز من عناصر الخبر، أو الحقيقة الجوهرية في هذا الخبر، فالعنوان هو المدخل الحقيقي للخبر ولبقية القصة الخبرية، لهذا عليه أن يكون مختصرا ويبرز أهم ما في الخبر”[9]، ويعتبر العنوان كذلك أحد أبرز العتبات النصية، والتي ستمكننا من الولوج إلى النص بفكرة أولية عامة عما سيدور حوله.
وقد أولت وكالات الأنباء اهتماما كبيرا بعناوين الأخبار، نظرا لدورها المهم في جذب القراء واختصار ما تتضمنه المواد الخبرية. و”تؤدي عناوين المواد الخبرية دورا مهما في تلخيص الخبر، وتبيان محتواه، وتوضيح آثاره، وجذب اهتمام القارئ، ولفت انتباهه، ولاسيما في الوقت الحالي الذي لا يكاد يملك المرء فيه وقتا كافيا لمتابعة ما تنشره وسائل الإعلام، ويتطلع إلى ما يقدم إليه أهم الأخبار بصورة موجزة جدا”[10].
- المقدمة:
تأتي المقدمة على شكل كلمات افتتاحية تعبر عن روح القصة الخبرية، ومن خلالها يتم ضبط إيقاع القصة، هل هي جادة أم ساخرة، أم غير ذلك، “تتم كتابة مقدمة الخبر باختيار أهم جزء من تفاصيل الحدث الذي يمثل مركز النقل وصياغته في فقرة لا يتجاوز عدد كلماتها ثلاثين كلمة، تتضمن ملخصا للموضوع وتكشف عن هوية الأشخاص، المكان والوقت، كما تبرز الطابع المميز للخبر، وتعطي آخر التفاصيل وتثير اهتمام القارئ، لمتابعة قراءة الخبر…، على المقدمة أن تشد انتباه المتلقي إلى القصة الإخبارية”[11].
- المتن:
يعد المتن القاعدة المهمة في الأحداث والوقائع، فهو يتضمن الشروح والتفاصيل المدعومة بالبيانات أو الإثباتات أو الوثائق ذات الصلة بالموضوع، ”هناك قوالب إخبارية كثيرة، لكن القالب المعتمد من قبل وسائل الإعلام هو قالب الهرم المقلوب، حين يكتب في قاعدة الهرم أهم وأبرز معلومة في الخبر، ويؤكد هذا القالب على أهمية الجمل الأولى من الخبر، أما المعلومات الأقل أهمية فتوضع في الرأس السفلي من الهرم، ثم تأتي التفاصيل في جسم الخبر، الأهم فالمهم فالأقل أهمية، وفي هذا القالب تكون الفقرات قصيرة، بحيث تسهل قراءتها واختصارها وتكون الوقائع منظمة والمعلومات والبيانات مرتبة حسب أهميتها”[12].
- الخلفية:
فالقصة الخبرية تدعم معلوماتها بالخلفيات المتعلقة بالحدث، والتي قد تعرض على شكل فقرات منفصلة أو معلومات تطعم بها فقرات القصة الخبرية، فالخلفيات ضرورية لجميع الأخبار؛ “هي الأصول الرئيسة التي تسببت في وقوع الحدث، أو تطوراته السابقة”[13].
- الصورة:
فالصورة هي،”الجزء المكمل للمادة الصحفية أو الإعلامية المقدمة في الصحيفة فلا يمكن للقارئ أو حتى الناظر للصحيفة أن يقرأ خبرا صحفيا دون أن يكون بقربه صورة توضح الحدث، فهي ليست بالضرورة أن تكون ناقلة للحدث بكافة تفاصيله، بقدر ضرورة تغبيرها عن الواقع بصدق وعفوية”[14]؛ وتكمن أهمية الصورة في كونها تقرب الحدث للقارئ وتثير انتباهه في الوهلة الأولى.
- الخاتمة:
تعد الخاتمة، آخر ما يمكن أن يقرأه الجمهور وتستوعبه العقول وتتأثر به العواطف لذلك هي ضرورية، ولابد أن تكون قوية وواضحة، “وفي القصة الخبرية تختلف الخاتمة باختلاف القصة نفسها وموضوعها، لذلك يجب أن تنتهي القصة الخبرية باقتباس قوي ومؤثر، ويجب أن يرتبط بمقدمة القصة الخبرية”[15]
5) عناصر القصة الخبرية Elements of a news story:
تتكون القصة الخبرية من عناصر العمل القصصي التي تتمثل في الحدث والحبكة والزمان والمكان والشخصيات، ولكن طريقة استعمال هذه العناصر هي التي تجعلها تختلف عن باقي القصص.
5-1) الحدث:
يعد الحدث من أهم عناصر القصة الخبرية، لأن القصة الخبرية من أهم الوسائل نقل الحدث إلى القارئ بطريقة مؤثرة، ومصدر الحدث في القصة الخبرية هو الواقع المَعيش، لذلك ينبغي أن تكون مجردة من الخيال، أما كاتب القصة الخبرية فهو ملزم بالاكتفاء بما جمعه من معلومات وبيانات خلال تتبعه للحدث، وأن يسجل كل ما يحيط بالخبر من مشاهد، وانطباعات، وأقوال وأوصاف، ويشترط في الحدث أن يكون مؤثراً ومشوقاً وله بداية ووسط ونهاية، وأن تتصل تفاصيله وأجزاؤه ببعضها البعض، وفي المقابل فإن للإعلام شروطه الخاصة في اختيار الأحداث الصالحة لأن تكون خبرا ينشر، “إذ إنه حدد قيما تقاس عن طريقها أهمية الخبر، وأبرز هذه القيم: (الجدة أو الآنية، وقرب أو أهمية المكان، والشخصيات البارزة، وأهميته للناس، والصراع، والإثارة والتشويق، والغرابة أو الطرافة)، وتسلسل هذه القيم وحجم الاهتمام بها يمثل أحد مكونات السياسة التحريرية لكل مؤسسة إعلامية…”[16]
5-2) الحبكة:
“للحبكة مكونات رئيسة من مقدمة وعقدة ولحظة تنوير، ولها أنواع منها ما هو تقليدي يبدأ بالمقدمة وينتهي بلحظة التنوير، ومنها ما هو حديث يبدأ من العقدة، ومنها ما يبدأ بلحظة التنوير أو النهاية”[17]، وبهذا المفهوم الواسع للحبكة تمكن بعض الكتاب من استثمار ما يلائم قصصهم الخبرية منها، مع مراعاتهم لما تريده الصحافة منهم من معلومات إضافية وتعليقات ضرورية.
5-3) المكان:
يعد المكان من العناصر الأساسية في العمل القصصي، وهو أيضا عنصر أساسي من مكونات العمل الصحفي، ولذا حافظ على هذه الأهمية في القصة الصحفية، فلا نكاد نجد قصة إلا والمكان يتصدر فيها اهتمام الكاتب، “والمكان في القصة الصحفية هو مكان حقيقي ولا يدخل فيه الخيال إلا في أضيق الحدود، ولذلك يتطلب التصوير المناسب له ملاحظة دقيقة لمكان الحدث من قبل الكاتب وتسجيله كل صغيرة وكبيرة، كي يستطيع بعدها استخدام هذه الوفرة من الملاحظات في تكوين الصورة المطلوبة للمكان، ولذلك كان من أحد شروط كتابة القصة الصحفية الوجود في مكان الحدث”[18].
والمكان من أهم العناصر القصصية عموما لأنه “يجعل من أحداثها بالنسبة للقارئ شيئا محتمل الوقوع، بمعنى يوهم بواقعيتها، وطبيعي أن أي حدث لا يمكن أن يتصور وقوعه إلا ضمن إطار مكاني معين”[19]، إذن سواء كان المكان حقيقيا كما هو الشأن بالنسبة للمكان في القصة الخبرية، أم كان مكانا متخيلا كما هو الشأن بالنسبة للقصة الأدبية؛ فهو يكسب الأحداث طابع الحقيقة، ويوهم القارئ بواقعية الأحداث. وهذا ما جعل من المكان عنصرا أساسيا في القصة الصحفية والقصة الأدبية.
5-4) الزمان:
“للزمان دور مشابه لدور المكان في أهميته بالنسبة للبناء القصصي والعمل الصحفي معا، ولذلك جاءت القصص الصحفية مليئة بالإشارات الكثيرة والمتنوعة للزمان بأنواعه الطبيعية والذاتية…، القصة الصحفية هي واقعة لها تاريخ ولها مستقبل يعرفه القارئ، ولكنها قد تركز على لحظة أو شخص أو حدث ضمن هذا التسلسل الزمني”[20]. والزمن في القصة يختلف تماما عن الزمن في الواقع؛ لأن الترتيب الحقيقي للزمن لا يمكن أن يتحقق في القصة؛ “والسبب في ذلك هو أنه علينا للحفاظ على ذلك الترتيب، أن نقفز عند كل جملة من شخص إلى آخر، لنقول ما كان يفعله هذا الشخص الثاني في تلك الأثناء، ذلك أن القصة نادرا ما تكون بسيطة، فهي غالبا ما تضم عدة خيوط، ولا تلتقي هذه الخيوط إلا عند لحظة ما[21]. ولهذا السبب يلجأ الكاتب إلى الحذف الزمني؛ والحذف الزمني تقنية يستخدمها القاص، من أجل حذف ما ليس ضروريا في القصة، والتركيز على الأحداث المهمة فقط.
5-5) الشخصية:
تعد الشخصية إحدى أهم مكونات البناء القصصي، وهي المحور الذي تدور حوله القصة كلها، وهي الجانب الأكثر إثارة والأكثر أهمية في البناء الفني للقصة، لذلك عرفت بأنها، “أهم عنصر من العناصر البنائية للقصة، فهي المحرك لعجلة السرد، بل هي مادته الأساسية”[22].
وتنقسم الشخصية إلى رئيسة وثانوية:
- الشخصية الرئيسة:
“هي الشخصية المحورية التي يعبر عن طريقها القاص عن موضوعه وأفكاره وهي التي تقود مجرى القصة العام، أو هي الشخصية التي يتمحور عليها الأحداث والسرد”[23]، تمثل الشخصية المحور الرئيس في القصة، وتسمى هذه الشخصية أيضا بالبطل.
- الشخصيات الثانوية:
قد تكون الشخصية الثانوية، مساعدة أو معارضة، وهي التي تشارك في نمو الحدث القصصي، وتعد قيمتها أقل قيمة من وظيفة الشخصية الرئيسة.
6) أسلوب كتابة القصة الخبرية Story writing style:
تتميز القصة الخبرية بكونها تمزج بين الأدب والصحافة، فيمتزج فيها أسلوب السرد القصصي الأدبي بالأسلوب الصحفي “وقد بات واضحا أن القصة الخبرية لا يتم تعريفها وفقا للموضوع الذي تطرحه، بل للأسلوب الذي يتم كتابتها فيه وبعبارة أخرى، أي شيء مكتوب بطريقة تنحو نحو القصة هي قصة خبرية، فأسلوب السرد القصصي يعتمد على:
1-6) الارتباط بين أهم مكونات الموضوع،خاصة الحوار والأحداث قصد إثارة انتباه المستمع أو القارئ، وهو أسلوب متطور من أساليب “رواية القصص”.
2-6) تمكين أسلوب السرد القصصي كل شخص من تحويل قضاياه اليومية أثناء مشاركتها مع الآخرين (إعلاميا أو مجتمعيا) إلى قصة مثيرة للانتباه.
3-6) اعتماده على أسس واضحة وخطوات مرتبة في استخدامه لأي موضوع أو قصة يود الترويج لها، وإقناع الناس بها.
4-6) تشابه أسلوب “السرد القصصي مع رواية القصص” في ربط الأحداث، ووضع حبكة الموضوع، فضلا عن وجود شخصيات تنقل تفاصيل الحدث للمستمعين.
5-6) الاعتماد على استخدام الحواس الخمسة في تفاصيل الموضوع، كإحدى الطرق المبتكرة لجذب الجمهور”[24]
فالكتابة في كل وسيلة إعلامية، تتميز بطبيعة جنسها الإعلامي، ولها لغتها وأسلوبها وبلاغتها الخاصة بها، فطبيعة الجنس الإعلامي هي التي تحدد طريقة وضع الفكر في رموز تتفق مع خصائص الوسيلة الإعلامية، التي ترتبط بدورها بقدرات المتلقي، وقدرات المصدر في آن واحد.
ولأن القصة الخبرية فن تحريري، فإن على كاتبها الالتزام بسرد الواقع وفق الأسلوب الصحفي، “الذي هو مستوى من التعبير يتميز عن كل من الأسلوبين الأدبي والعلمي، حيث يقف الصحفي –في هذا المستوى- وينظر إلى الأحداث والوقائع نظرة غيرية لا ذاتية، وهي في الوقت نفسه مخالفة لنظرة الأديب ونظرة العالم كل المخالفة، وذلك أن نظرة الصحفي إلى الأشياء قائمة على المنفعة التي تعود على المجتمع، وتعبيره عنها لا يشترط فيه جمال الأدب الخالص ولا دقة العلم الخالص، لأنه إنما يعبر بلغة الحياة اليومية بكل ما في هذه اللغة من بساطة ووضوح وحيوية، ومن هنا كان الصحفي أقدر الناس على الإفهام الجماهيري على أوسع نطاق مستطاع”[25].
والصحافة تضم أنواعا متباينة من اللغة، كلغة التجارة – واللغة الرسمية – ولغة الدين – واللغة العامية الخاصة بالعمال والقرويين – واللغة الدارجة…، ولكن لغة الفن الصحفي هي لغة جديدة، تقترب من لغة المحادثة المثقفة.
“الصحافة الحديثة اليوم تعتمد التنوع في المعالجة والأسلوب وطرائق التعبير عن الحدث، لأن هذا النهج في الكتابة يدفع السأم عن القارئ ويتجنب الرتابة الخانقة ويشجع الكتاب على استثمار مهاراتهم في الكتابة والتعامل مع المواقف المختلفة، إن لفظة (micellany) أصبحت مصطلحا أدبيا يضم كتابات متنوعة تنشر في مجلد واحد وتدور حول موضوعات مختلفة، وقد استعير هذا التعبير من قبل الصحافة للإشارة إلى تعدد الأساليب وتنوع المعالجات في مقدمات الأخبار، واختلاف مناهج كتاب الأخبار في الكتابة الصحفية”[26].
إن هذا التطور في أساليب الكتابة الصحفية يعد عملية إيجابية، لأن التفاعل مع المتلقي هو الهدف الأساس في عملية البحث عن أفضل الأساليب والأدوات لمخاطبة جمهور متشعب الاتجاهات والثقافات.
7) النتائج Results:
ومن خلال هذه الدراسة توصلنا إلى النتائج الآتية:
توصلنا إلى أن القصة الخبرية تتميز عن القصة الأدبية بتناولها لحقائق واقعية لا خيالات إبداعية، والتي تمثلت في الحدث الواقعي والشخصيات الواقعية كذلك، وأزمنتها وأمكنتها الواقعية، هذا فيما يخص خصائصها البنائية، وفي المقابل فهي تتميز عن الفنون الصحفية الأخرى، بكونها توظِّف المشاعر والأحاسيس والتصورات والعقائد، وتتميز بالشمولية والحيوية.
مقترحات:
انطلاقا من النتائج التي توصلنا إليها، يمكننا تقديم المقترحات الآتية:
- نظرا لكون القصة الخبرية تتميز عن غيرها من الفنون الصحفية بالحيوية والشمولية، فلابد من الحفاظ على هاتين الخاصيتين لأنهما تعملان على ضمان التواصل بين النص والمتلقي، لأن غاية الصحافة الأولى هي إيجاد جسور التواصل.
- يجب أن لا يؤثر موضوع القصة على معنى النص، بمعنى أن النص يجب أن يحافظ على معناه رغم أبعاده الأيديولوجية، فالمتلقي ما يهمه هو الخروج بخلاصة، فلابد من جعل الموضوع مُسهماً في بناء النص، وليس في بناء حواجز بين المتلقي والنص.
- نعلم أن من شروط القراءة السليمة لأي خطاب هو التزود بالخلفية المعرفية، فيجب على الصحفي مراعاة كافة المتلقين باختلاف معارفهم، والاعتماد على الشرح والتفسير، والوقوف على كل حدث من أحداث القصة، حتى يتمكن القارئ من التفاعل مع القصة الخبرية.
خاتمة Conclusion:
لقد حاولنا من خلال هذا المقال الكشف عن خصائص ومميزات بناء القصة الخبرية، ومدى توظيفها لمكونات العمل القصصي المتبعة في تحرير تلك القصص، ووجدنا أن القصة الخبرية غنية بعناصر قصصية مهمة تتمثل في؛ الحدث، الحبكة، المكان، الزمان، الشخصيات… ولها ميزة وطابع خاص يتمثل في المزج بين الأدب والصحافة؛ وهذا ما جعل أسلوبها يجمع بين السرد القصصي والأسلوب الصحفي، لكن للأسف وجدنا أن هناك إهمالا للقصة الخبرية، مع العلم أنه يضم مكونات قصصية مهمة تجعل القارئ أكثر قربا من ساحة الحدث، والمطلوب الاهتمام أكثر بالقصة الخبرية وإعطائها مساحة أكبر في الصحف الورقية والإلكتروني، لأنها تعتبر محطة مهمة للإبداع والتحرير الصحفي في آن واحد، وبالتالي تحقق المتعة والإخبار لدى المتلقي.
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
قائمة المصادر والمراجع
- سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، دار الكتاب اللبناني بيروت، الطبعة 1، 1985م.
- ضحى حسن، الصحافة والكتابة الإبداعية، (دليل المواطن الصحفي في مناطق النزاعات)، الناشر: مؤسسة فريد ريتش إيبرت-، رياض الصلح، بيروت، 2016.
- عبد الله بدران، الفنون الخبرية في وكالات الأنباء، دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2007، سورية، دمشق.
- عبد الجواد سعيد ربيع، فن الخبر الصحفي، دار الفجر، القاهرة، الطبعة 1، 2005.
- موفق رياض مقدادي، البنى الحكائية في أدب الأطفال العربي الحديث، عالم المعرفة، ط1، 2012، الكويت.
- محمد بن عبد العظيم بنعزوز، قصة عبد النور بين الاستخفاء والظهور (دراسة تحليلية لقضايا الفضاء في السرد العربي القديم)، النادي الأدبي بالرياض، ط1، 2007.
- محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، طبعة دار صادر، بيروت، 2010.
الرسائل الجامعية:
- نور نعيـم يونس السويركي،القصة الخبرية وتطبيقاتها في الصحافة الفلسطينية، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية غزة، كلية الآداب قسم الصحافة والإعلام، 2016م.
المواقع الإلكترونية:
- محمد غالمي، فن القصة، شبكة الألوكة، 17/11/2009م:
https://www.alukah.net/literature_language/0/8432/
الفهرس
- المقدمة
- تعريف القصة الخبرية وأنواعها
- القصة الإخبارية الشاملة
- القصص الإخبارية الجانبية
- خصائص القصة الخبرية
- مكونات القصة الخبرية
4-1 العنوان
4-2 المقدمة
4-3 المتن
4-4 الخلفية
- الصورة
4-6 الخاتمة
- عناصر القصة الخبرية
5-1 الحدث
5-2 الحبكة
5-3 المكان
5-4 الزمان
5-5 الشخصية
- أسلوب كتابة القصة الخبرية
- النتائج
- خاتمة
[1]– محمد غالمي، فن القصة، شبكة الألوكة، 2009/11/17م: https://www.alukah.net/literature_language/0/8432/
[2]– عبد الجواد سعيد ربيع، فن الخبر الصحفي، دار الفجر، القاهرة، ط 1 2005، ص: 88.
[3]– عبد الجواد سعيد ربيع، المرجع السابق، ص: 89.
[4]– المرجع نفسه، ص: 90.
[5]– عبد الجواد سعيد ربيع، المرجع السابق: ص:91
[6]– عبد الجواد سعيد ربيع، المرجع السابق، ص: 90-91-92.
[7]– إبراهيم شهاب أحمد، بين القصة الأدبية والقصة الصحفية، رسالة ماجستير، الجامعة العراقية، كلية الآداب، العراق، م2012، ص: 73-72.
[8]– ضحى حسن، الصحافة والكتابة الإبداعية، مؤسسة فريد ريتش إيبرت، رياض الصلح، بيروت، 2016، ص: 20.
[9]– المرجع نفسه، ص: 21
[10] – عبد الله بدران، الفنون الخبرية في وكالات الأنباء، دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2007، سورية، دمشق، ص: 34.
[11]– ضحى حسن، المرجع السابق، ص: 11.
[12]– ضحى حسن، المرجع نفسه، ص: 21.
[13]– ضحى حسن، المرجع نفسه، ص: 21.
[14]– ضحى حسن، المرجع نفسه، ص: 21-22.
[15]– ضحى حسن، المرجع نفسه، ص: 22.
[16]– إبراهيم شهاب أحمد، مرجع سابق، ص: 103.
[17]-إبراهيم شهاب أحمد، المرجع السابق، ص: 108.
[18]– إبراهيم شهاب أحمد، المرجع نفسه، ص: 112.
[19] – موفق رياض مقدادي، البنى الحكائية في أدب الأطفال العربي الحديث، عالم المعرفة، ط1، 2012، الكويت، ص: 130.
[20]– إبراهيم شهاب أحمد، المرجع نفسه، ص: 119.
[21] – موفق رياض مقدادي، مرجع سابق، ص: 150.
[22]– محمد بن عبد العظيم بنعزوز، قصة عبد النور بين الاستخفاء والظهور (دراسة تحليلية لقضايا الفضاء في السرد العربي القديم)، نادي الرياض الأدبي، ط1، 2007م،، ص: 10.
[23]– سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، دار الكتاب اللبناني بيروت، ط1، 1985م، ص126.
[24]– نور نعيم يونس السويركي، القصة الخبرية وتطبيقاتها في الصحافة الفلسطينية، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية غزة، كلية الآداب قسم الصحافة والإعلام، 2016م، ص: 72.
[25]– أحمد أبو السعيد، المرجع السابق، ص: 84.
[26]– المرجع نفسه، ص: 113.