منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

رمضان شهر الانتصارات | حدث في التاسع من رمضان

رمضان شهر الانتصارات | حدث في التاسع من رمضان / محمد سكويلي

0

رمضان شهر الانتصارات | حدث في التاسع من رمضان 

بقلم: محمد سكويلي

 

في الحلقة التاسعة من سلسلة حدث في رمضان الموسومة برمضان شهر الانتصارات، نقف فيها على أن الإسلام ينتصر وينتشر ويستمر إن اتصف المسلمون بأسسه، وتحلوا بمثله، والتزموا بشرعه في الحرب والسلم، وجاهدوا النفس وبالنفس من أجل نصرته وإعلاء كلمته والذود عنه حتى يلقوا الله وهو عنه راض، جعلنا الله أهلا لذلك فلنتابع على بركة الله.

أولا: الإسلام ينير أوروبا بعد ظلمة وتفتت ” فتح صقيلية ومعركة الزلاقة”

هذا العنوان مرده وقوع حدثين اثنين في اليوم التاسع من شهر رمضان، الأول انتشل جزيرة صقلية من مستنقع الفساد والاستعباد والاستبلاد، حين نزل المسلمون شواطئ جزيرة صقلية عام 212هجرية، بقيادة أسد بن الفرات بن سنان في العهد العباسي، وسيطر عليها لينشر الإسلام في ربوعها، وأسد بن الفرات هو أبو عبد الله أسد بن الفرات بن سنان قاضى القيروان، تلميذ الفقيه مالك بن أنس. ولد سنة 142 هـ 759م بحران من أعمال ديار بكر بالشام وأصله من نيسابور، رحل أبوه من حران إلى القيروان في جيش محمد بن الأشعث عام 144هـ/761م وأخذه معه وهو طفل فنشأ بها وتفقه فيها، تلقى العلم بإفريقية عن على بن زياد ثم ارتحل إلى المشرق في طلب العلم سنة 172 هـ/788م، وأخذ عن الإمام مالك، ثم ارتحل إلى العراق وأخذ عن أبى يوسف والشيباني مذهب أبى حنيفة، ثم ارتحل إلى مصر، فقابل أئمة الفقه من أصحاب مالك، فأخذ عن ابن القاسم، اشتغل بعد رجوعه بالتدريس ونشر العلم، فكان يدرس المذهبين الكبيرين السائدين في العالم الإسلامي إذ ذاك، مذهب أهل الحديث في المدينة النبوية، ومذهب أهل الرأي في بغداد، فتتلمذ عليه الكثير أمثال سحنون بن سعيد، وهو أول من أدخل مذهب الإمام مالك إلى الجزائر، أما الحدث الثاني  ففي نفس اليوم لكن  عام 479هجرية الموافق 17 دجنبر 1086م، انتصر “يوسف بن تاشفين” قائد جيوش المرابطين على الفرنجة بقيادة (ألفونس السادس) في معركة الزلاقة، وقد نجا ألفونس مع 9 فقط من أفراد جيشه.

مَعْرَكَةُ الزَلاّقَة أو معركة سهل الزلاقة (بالإسبانية: Batalla de Sagrajas) تعتبر أول معركة كبيرة شهدتها شبه الجزيرة الإيبيرية في العصور الوسطى وإحدى أبرز المعارك الكبرى في التاريخ الإسلامي. استطاع فيها أمير المسلمين يوسف بن تاشفين قائد المرابطين يسانده جيش أندلسي بقيادة المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية إلحاق هزيمة كبيرة بجيش قتاليي مسيحي بقيادة ألفونسو السادس ملك قشتالة وليون.

وقعت المعركة بعد تردي أحوال الأندلس، والتي أدت لخضوع ملوك الطوائف لسلطة ألفونسو السادس ودفع الجزية له، وانتهت هذه الحالة بسقوط طليطلة في يد ألفونسو وجيشه عام 478 هـ الموافق 1085 م، أي قبل عامٍ واحد من معركة الزلاقة. على إثر ذلك، قام أهل الأندلس وأمراؤهم بإرسال سفارات ورسائل للأمير يوسف بن تاشفين تستنجده وتطلب منه الغوث والنصرة، فاستجاب لهم وعبر البحر بجيش المرابطين لنصرة مسلمي الأندلس، وتوحد جيش الأندلس مع جيش المرابطين في جيش كبير يقوده ابن تاشفين. سار الجيش حتى وصل سهل الزلاقة، وسار إليه ألفونسو السادس بجيش كبير احتشد من أرجاء أوروبا، ودارت بين الجيشين معركة كبيرة، انتهت بانتصار المسلمين انتصارًا عظيمًا، وهزيمة الجيش القشتالي المسيحي.

كان لمعركة الزلاقة تأثيرٌ كبيرٌ في تاريخ الأندلس الإسلامي، إذ أوقفت زحف الممالك المسيحية في شمال شبه الجزيرة الأيبيرية المطرد على أراضي الأندلس. ولكن بسبب تراخي ملوك الطوائف، اضطر يوسف بن تاشفين للعودة مرةً أخرى لنصرة الأندلس في عام 481 هـ الموافق 1088، وأقام الحصار على حصن لييط الذي كان قاعدة لشن الغارات على أراضي الأندلس، وانتهى الحصار بالاستيلاء على الحصن. قرر يوسف بن تاشفين بعدها إنهاء حكم ملوك الطوائف بعد ما وجد منهم خيانات بإبرام التحالفات مع ألفونسو السادس عدوهم اللدود، وبحلول عام 484 هـ الموافق 1091 كان المرابطون قد ضموا معظم أراضي الأندلس عدا طائفة سرقسطة التي حافظت على استقلاليتها حتى عام 503 هـ حين ضمها القائد المرابطي محمد بن الحاج اللمتوني إلى سلطان المرابطين.

ويوسف بن تاشفين هو أبو يعقوب يوسف بن تاشفين بن إبراهيم اللمتوني الصنهاجي، ولد في المغرب (400- 500هـ)، وتوفي وهو في سن المائة سنة 500هـ، وهو ثاني ملوك دولة المرابطين بالمغرب بعد أبي بكر بن عمر، واتخذ لقب “أمير المسلمين”، ويعد من أعظم ملوك المسلمين في عصره؛ أنقذ دولة الأندلس من ضياع محقق، عرف عنه الزهد والتقشف والشجاعة، لا يقل فضلاً عن صلاح الدين الأيوبي، لكنه لم يأخذ حقه في الشهرة مثل صلاح الدين.

ثانيا: علماء الاجتهاد وقادة الجهاد ” الشيخ النبهاني والشهيد أبو هنود”

في اليوم التاسع من شهر رمضان عام 1350هـجرية، توفي شيخ من شيوخ الفقه الإسلامي، وصاحب طريقة في التصوف، ورائد من رواد الأدب العربي في العهد العثماني، الشيخ يوسف بن إسماعيل بن يوسف النبهاني، والذي ولد سنة 1265 هجرية موافق ميلادية 1850 في قرية إجزم قضاء حيفا، وينتسب إلى بني نبهان من عرب البادية في فلسطين الذين استوطنوا في تلك القرية. كان والده المعلم الأول له، حيث علمه القرآن الكريم، وحفظ على يديه الكثير من المتون في علوم الفقه والنحو والبلاغة قبل إرساله إلى الأزهر الشريف في مصر سنة 1283 هجرية 1866 ميلادية، وقد أمضى النبهاني في الأزهر ما يزيد على ستة أعوام، تعلم خلالها العلوم النقلية والعقلية، ثم عاد بعد تلك المدة إلى فلسطين سنة 1289 هجرية 1872 ميلادية، وأقام في مدينة عكا مدرساً للدين وعلوم العربية، متوليا العديد من الوظائف والمناصب غير التدريس، فقد تولى نيابة القضاء في جنين سنة 1873 ثم توجه إلى “دار الخلافة” في الآستانة سنة 1293 هجرية 1876 ميلادية، وظل فيها مدة سنتين ونصف، وعمل محرراً في جريدة “الجوانب”، ثم قاضياً في ولاية الموصل. وتوجه إلى دار الخلافة في الآستانة سنة 1897 ميلادية وأقام بها نحو عامين، وفيها ألّف كتابه الشرف المؤيد لآل محمد صلى الله عليه وسلم.

تولى رئاسة محكمة الجزاء في القدس، وغادرها رئيساً لمحكمة الحقوق في بيروت التي وصلها سنة 1905 ميلادية، وألف فيها سائر كتبه، وطبع أكثرها، ثم غادرها إلى المدينة المنورة مجاوراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ظل النبهاني في المدينة المنورة حتى إعلان الحرب العالمية الأولى سنة 1914، ثم عاد إلى قريته إجزم وبقي فيها حتى توفي سنة 1932 ميلادية الموافق 9 رمضان 1350 هجرية.

وفي نفس اليوم التاسع من شهر رمضان، لكن من عام 1422هـ اغتال الصهاينة المجاهد محمود أبو هنود (34 سنة) أحد قادة الجناح العسكري في حركة حماس، وجدير بالتذكير أن محمود أبو هَنّـود (1967-2001) داعية وقائد ومجاهد قسامي فلسطيني من قرية عصيرة الشمالية شمال نابلس.

القائد المجاهد البطل (محمود أبو هنود) قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الضفة الغربية، والمسؤول عن تجنيد الشباب لكتائب القسام، والملقب من قِـبل الصهاينة بـ (صاحب الأرواح السبعة)، وُلد في 1 يوليوز 1967، ونجا من محاولتين لاغتياله، وظلت “إسرائيل” تطارده 7 سنوات، لأنه خطط لعشرات العمليات العسكرية والفدائية ضدها.. حاصل على بكالوريوس في الشريعة من كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة القدس، وتشير مصادر أمنية “إسرائيلية” إلى أن “أبو هنود” تمكن من الاختفاء والمراوغة مستغلاً عيونه الزرقاء وشعره الأشقر، لكن في يوم 23 نوفمبر2001م، الموافق  9 رمضان 1422هـ قامت طائرات الأباتشي الصهيونية بتوجيه 5 صواريخ، على سيارةٍ كان يستقلها، واثنان من مرافقيه قرب نابلس، لتصعد أرواحهم إلى جنات الخلد، بعد أن مزق القصف الصاروخي جسده ومن معه إلى أشلاء، ولينقل رفات أبو هنود إلى بلدة جنين شمال الضفة الغربية، لتكون حكاية أبو هنود مدرسة في أجندة كتائب الشهيد عز الدين القسام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.