تطوينا الأيامُ.. تُطَوِحُنا الرياحُ .. وتعبثُ بنا يدُ الزمن..
ونحن نحن.. نعْبُرُ كما تعبر الظلال.. فكم صديقا كنا نسأل عنه.. ونودُّ لو نلقاهُ.. نعانقُهُ ونجالسه..
نستعيد صوراً من أيامٍ مضت.. فقيل لنا؛ رحل فلانٌ إلى ربه.. مات فلان.. ( مات) ننطقها ببرود.. لأننا ألفناها..
ومازالَ فلانٌ حيّاً، ننطقها بحرارة. ألأنَّ الموتَ باردٌ والحياةَ متأجِّجَةٌ ومتوهجة !
وعندما تُلِحُّ علينا لوعةُ الغيابِ نبكي.. نبكي موتانا وموْتَنا المرتقب.. فما وُلدنا إلا لنموت..
أنت تدرك هذا يا أخي.. ياصديقي.. فأيُّ سرٍّ رهيبٍ هذا الذي يربضُ في الحياة..!!
من رحِمِ الموتِ اِنبثقتِ الحياة.. ومن الحياةِ يأتي الموت.. أهذا لغزٌ صديقي!
فلماذا لا يكون الموتُ دافعا للحياة فيكَ ياوطني! لماذا الكُرهُ ! لماذا الشرُّ.. الجوعُ القتلُ إهانَةُ كرامةِ الفردِ.. ولماذا رجالُ المخابرات..
إني فعلا أتوسل إليكِ.. أنت الوحيدةُ التي أحبها..
من غَوْرِ الجرحِ وعُمْقِ الهاوية..
ومن قتامةِ هذا العالمِ الحزين، حيث الكُرْهُ والكفرُ.. اِمنحيني شمسا فقط.. حُضناً لموتٍ جميل.. لقد حطمني الكرهُ للحبِّ الذي أغدقتُ..
عارياً في أعلى الربوة.. والبردُ والثلجُ ياصديقتي.. وللشجاعةِ حدُّها الأقصى.. قد نربحُ معارك كثيرةً.. لكننا نخسر معركَةَ الزمن..
نعم صديقتي.. نعم صديقي؛ اللغزُ في الإنسانِ وليس في الطبيعة..
الغريزة كهفٌ مظلمٌ.. العقلُ محتالٌ ونصَّاب..
والسياسة، ياسيدي أرسطو، هل هي فنٌ نبيلٌ فعلا!؟.. فلماذا لم تشملْ ديموقراطيةُ اليونان فئةَ العبيد!؟
قل إذن، ياسيدي، هل هي فنُّ النُّبْلِ أم فنُّ اللُّؤْمِ!!
إن اللغةَ، ياأصدقائي سلاحٌ خطير..