من ذكريات 20 يونيو 81
الشاعر حسن الوفيق
كان يوما مشهودا…
من التاريخ ومن أيام الله…
كنت في زيارة لصديقي فؤاد بحي بورنزيل
صديقي في الدراسة والتوجه والأحلام
وحي بورنزيل النموذجي الجميل
أصبح آنذاك قبلتي من سيدي عثمان.
عبر مبروكة والسلامة والسدري…
إلى الإعدادية البعيدة لا نعرف الخوف…
كانت لنا حكايات لا تنتهي ولا تنسى…
مع الطريق والأصدقاء والأساتذة…
لكن ذلك اليوم فاق كل خيال
كان كأنه يوم الحشر
والغريب العجيب
انني كنت سعيدا جدا مع صديقي فؤاد…
لما نعيش وما نرى من أحداث
على الارض… لا ترى الا على الشاشات
سيارات مدعومة بالشبابيك تطارد الجموع
في كل اتجاه وكر وفر
وحجارة تمطر
ورصاص عشوائي
كنا نمشي بهدوء ونراقب
لا نجري ولا نضرب
لذلك ما هددنا ولا طاردنا أحد
ربما… وربما… كانت عناية الله معنا.
فجأة تجمع الناس حول طفل
ثم هرب الجميع والغالبية أطفال…
كان صديقي مصطفى ملقى على الأرض
كان في طريقه من مسجد في مبروكة
الى بيته في حي السلامة
أصابته رصاصة طائشة فقضى
جاءت والدته على وجه السرعة
لم اعرفها وكنت صديق العائلة
كانت تضع نقابا… وضعت وشاحها الكبير
على الشهيد الصغير… لم تصدر اي
صوت ولا كلمة… اخذ الرصاص
يتطاير اكثر… خوفا من آثار الجريمة
غادرت المكان ومصطفي زميلي في الصف
وفي الطريق وفي التوجه الشبابي و….
لا زال ولا يزال صورة حية
ضاحكة مستبشرة
عرجنا على حينا. وصلت البيت.
فوجئ الجميع بعودتي.
ظنوا أنني هناك على المشرحة
مع باقي المفقودين والمصابين…
ومع ذلك خرجت عندما سمعت الرصاص.
رجال من القوات المساعدة تطلق
الوابل على الناس قرب البيوت
وعلى النوافذ وعلى كل حي يتحرك…
سقطت جارتنا من حي مبروكة
وهي بيتها دون حراك.
اصيب اخوها سعيد في كتفه.
حاول ابن عمته نقله الى المستشفى
في قصة أخرى بأعجوبة..
في هذه الظروف
قررنا ان نجوب المدينة
الى حدود سباتة حيث النزال
أوسع واروع…
مع صديقي فؤاد…
طائرة الهيليكوبتر عن قرب
سيارات مدرعة
وحرائق في البنوك والناس
ترمي على الجنود
كل شيء قريب تجده
كانت حربا بين الشعب
وبين كل من يمثل النظام
وكل ما يمثله في نظر الناس…
روايات تحتاج الى فيلم…..